كلمة الأمين العام للتجمع القومي الديمقراطي
في المؤتمر العام الثامن للتجمع القومي الديمقراطي
للدورة الخامسة 2012-2015م
الجمعة 4 مايو 2012م
السادة الضيوف
الأخوات والأخوة رؤساء وقيادات الجمعيات السياسية والمهنية في البحرين
الأخوات والأخوة أعضاء التجمع القومي الديمقراطي
السلام عليكم ورحمة الله
بادي دي بدء نترحم على أرواح شهداء وطننا الحبيب وأمتنا العربية المجيدة، فلو لا هذه الأرواح الطاهرة لما أمتلكنا عزيمة النضال والإصرار على مواصلة العطاء.
ثم نتقدم بخالص الشكر لنادي العروبة العريق في عروبته وتقديمته، وبالأخاص أستاذنا الفاضل رسول الجشي رئيس النادي لتكرمهم بأستضافة هذا المؤتمر.
وأحي بكل الفخر والاعتزاز أخواتي وأخواني رفيقاتي ورفاقي في التجمع القومي الديمقراطي الذي صبروا وصابروا وضحوا وناضلوا في صفوف شعبهم ضاربين بذلك أروع الأمثلة في التفاني، كما أحي من خلالهم بكل أجلال الرعيل الأول من قادتنا الأفاضل الذين حملوا مشاعل فكر التجمع القومي في البحرين لأكثر من خمسة عقود ونصف، ضربوا خلالها أصدق الأمثلة في العطاء والتضحية، وفي مقدمتهم فقيدنا المناضل وأحد مؤسسي التجمع القومي المرحوم جاسم بن محمد فخرو، فهم تارة ينتفضون في مارس 1963 إلى جانب مطالب الإصلاح الاقتصادي والسياسي وتارة أخرى يدافعون عن عروبة البحرين طوال عقد الستينات، وتارة ثالثة يواجهون عنف السلطة بالإصرار على مطالبهم بعد حل المجلس الوطني في منتصف السبعينات.
وفي هذه المناسبة، ومن على هذا المنبر، دعونا نؤكد على حقيقة ثابتة، وهي أن الفكر القومي للتجمع، الذي نؤمن به، وناضل قادتنا على مدى العقود الماضية من أجله، هو وطني بالضرورة، فلا يمكن أن ننطلق في رحاب العمل القومي ونحن بعيدين عن نضالات شعبنا في البحرين، بل أن هذا الفكر يفرض علينا أن نكون في قلب هذه النضالات، فهي الجذور التي ننطلق منها في رحاب إيماننا بالقومية العربية، أنها قومية مؤمنة، حية، تقدمية، منحازة للجماهير، تنطلق في روحها من رسالة الأمة الخالدة نحو الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، وهي أهداف تنطوي وفقا لحتمية وجدلية تأريخيتين على الإيمان بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والوحدة الوطنية لشعبنا وعروبة البحرين، ندافع عنها ونناضل من اجلها جميعها الوطنية والقومية وفقا لجدلية أثبتت الأحداث الكبرى التي مرت بها أمتنا صحتها، وكان أخرها ما نشهده اليوم من انتفاضات وثورات في وطننا العربي الكبير.
الأخوات والأخوة
إن مؤتمرنا هذا الذي ينعقد وسط حالة من التوترات السياسية والاجتماعية في البلاد وفي واحدة من أكثر تاريخها الحديث صعوبة وتعقيداً، كان من المفترض أن يعقد في شهر مايو 2011م إلا أن الظروف الاستثنائية التي عاشتها البحرين وما حملته من تداعيات سلبية، قد حالت دون انعقاده في موعده الاعتيادي.
وإذ تتواصل وعلى مدار الأشهر الخمسة عر الماضية انتفاضة شعبنا من اجل الديمقراطية والكرامة، يقابلها تعنت رسمي في رفض الحوار وفرض القمع الأمني وراح ضحيته عشرات من الشهداء والآلآف من المعتقلين والمعذبين، فأننا نود التأكيد على مواقف التجمع التالية:
• رفض الحلول الأمنية التي تحاول السلطة فرضها باستمرار فالاستقرار والأمن المطلوبين لا يمكن أن يكون وليد القوة الأمنية إنما هو وليد تدابير سياسية واجتماعية واقتصادية. كما أن الاستقرار السياسي يتطلب غرس بذور الثقة بين الدولة وقوى المجتمع، ويتطلب وقف عقلية القمع والاستئصال ومصادرة حقوق المواطنين أو الانتقاص من مكتسباتهم السياسية، فليس هناك مواطن يدافع عن نظام هو أول ضحاياه ؟؟
• رفض كل أشكال التصعيد السياسي غير المحسوب من جانب بعض القوى، ورفض كل الأعمال والفعاليات التي تصاحبها أعمال عنف وحرق، كما نرفض بشكل قاطع استخدام "المولوتوف" وغيرها من اعمال العنف والإصرار على التمسك بخيار التحرك السلمي في كل الظروف.
• التمسك بالملكية الدستورية، ووجود حكومة تمثل إرادة الشعب، ومجلس منتخب كامل الصلاحيات ودوائر انتخابية عادلة وقضاء نزيه ومحاربة كافة أشكال الفساد والتمييز كقاعدة لإيجاد حل سياسي توافقي يخرج البلاد من أزمتها، والتوافق على إقامة وطن تعددي وديمقراطي مدني، يضمن حقوق كافة مكونات وأطياف المجتمع دون تهميش أو إقصاء لأحد منها.
• التمسك بالحوار الجاد مع السلطة وبمشاركة كافة القوى والتيارات السياسية، كطريق للخروج من الأزمة الراهنة، وهو الطريق الذي تمسكنا به منذ أندلاع الانتفاضة في فبراير الماضي وقبلنا على اساسه مع بقية قوى المعارضة مبادرة سمو ولي العهد والتي سارعت السلطة إلى إجهاضها بفرض حالة السلامة الوطنية بعد يوم من اعلان المبادرة.
• مطالبة السلطة بتهيئة الأجواء اللازمة وذلك عبر وقف كل أشكال التصعيد والبطش الأمنيين بالمواطنين وسفك دمائهم، والعودة عن كل الإجراءات والقرارات التي ساهمت في تعميق الأزمة، وفي مقدمتها إطلاق سراح الرموز المعتقلين وإعادة المفصولين وإطلاق مشروعاً وطنياً للانصاف والعدالة وللمصالحة الوطنية، وهي جميعها خطوات أكد عليها تقرير اللجنة المستقلة.
أننا أذ نظل متمسكين بهذه المطالب الوطنية المحقة، فأننا بذات الوقت نتمسك بوحدتنا الوطنية وعروبة بلادنا دون أية تفريط فيهما مهما كان الثمن، ونؤكد هنا أن الدفاع عن الوحدة الوطنية وعروبة البحرين لا يمر عبر إجهاض مطالب وطنية مشروعة ومحاربتها بالبطش والقمع، كما أن الدفاع عن الوحدة الوطنية وعروبة البحرين لا يمر عبر اتهام جماهير عريضة من الشعب بالولاء للخارج وتقديمهم هدية على طبق من ذهب للقوى الإقليمية الطامعة، والتي لم تخفي يوما هذه المطامع.
فالوحدة الوطنية وعروبة البحرين تستخدم من قبل أجهزة الدولة ومجاميع بعضها له نوايا سيئة والبعض الأخر بنوايا حسنة اليوم كشعارات لمحاربة مطالب وطنية محقة ومشروعة، وهم بذلك يشعلون نار الفتنة الطائفية البغيضة التي ضربت أرجاء مجتمعنا وباتت تقطع اوصاله وأدخلتنا في مرحلة خطيرة لم نعهدها من قبل. بينما الهدف حقيقي هو أضعاف قوى الشعب وتشتيتها، وهي سياسية استعمارية بامتياز.
أن الدفاع عن وحدتنا الوطنية وعروبة البحرين لا يمر إلا من خلال تحصين وتمتين الجبهة الداخلية للوطن، وهذه لن تتحقق إلا من خلال الإصلاح الديمقراطي والدستوري والاقتصادي وإقامة دولة القانون والمؤسسات والعدالة. أننا نقف اليوم بقوة مع كافة القوى والمبادرات الداعية لوحدة الوطن والشعب، ونحن في خندق واحد في الدفاع عن عروبة البحرين ضد كل أطماع القوى الإقليمية والدولية وهما خط أحمر لا يمكن أن نتجاوزه، وبنفس الوقت نتمسك بحق شعبنا في الحرية والكرامة وندعو كافة المخلصين لأبعاد مطالب الشعب عن الطأفنة، فهذه المطالب، وبعد أن تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد على مدار العقود الماضية يجب أن توحد ابناء البلاد للخروج الى مستقبل أكثر استقرار وتنمية مستدامة. .
أيتها الأخوات والأخوة
الرفيقات والرفاق
وعلى الصعيدين الخليج العربي والقومي، نؤكد وقوفنا إلى جانب جماهير أمتنا العربية في كافة أقطارها في الحرية والتحول الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، وهي حقوق أصيلة لها، ومن حقها أن تثور وتنتفض لنيل هذه الحقوق، بعد أن تمادت الأنظمة الحاكمة في غيها من الظلم والاستبداد والفساد والارتهان لإرادة القوى الكبرى والتخاذل عن استرجاع الحقوق العربية المغتصبة في فلسطين والعراق والجزر العربية الثلاث والأحواز وغيرها على مدار عقود من الزمن.
أن مجتمعاتنا الخليجية باتت مهددة بأنظمة توغلت في تخريبها وتشويه معالمها، فقد رهنت جميعها أرادتها للقوى الكبرى، بل أن بعضها راح يلعب أدوار قذرة في التأمر على مصالح الأمة العربية، وفتحت الاقتصاديات لغزو الشركات العالمية والعمالة الأجنبية والفساد والسرقات وتصدير مئات المليارات من الدولارات للخارج وأحدثت أختلالات رهيبة في تركيبتها السكانية العروبية الأصيلة، وغربت هوياتها القومية ونشرت البطالة في صفوف الشباب، بينما راحت تتباكى على أحتلال الجزر العربية الثلاث من قبل النظام الإيراني وتحذر من أطماعه وأطماع القوى الكبرى. فكيف لا يطمع فيكم الطامعين وأنتم على ما أنتم من ضعف وهزال وعداء مع شعوبكم ومصالح أمتكم بل وتحالف مع من تدعون أنهم أعدائكم، حيث سخرتم أراضيكم لقواعدهم العسكرية وثروات شعوبكم لدعمهم اقتصاديا وعسكريا.
أن التجمع القومي يناصر دون شك كل ثورات وانتفاضات شعبنا العربي في كافة أقطاره، والتي جسدت بصورة صادقة حقيقية أن هذه الأمة حية لا تموت، وتختزن كل عنفوان الشموخ والطموح والرقي والانبعاث، ونرى أن أمام هذه الثورات والانتفاضات شوطا طويلا لتقطعه لتحقيق كامل أهدافها، وعلى قوى الثورة الوعي والتكتل للحيلولة دون سرقة ثوراتها.
كما أننا وبنفس الوقت نرفض رفض قاطعا الاستعانة بالقوى الاستعمارية الكبرى في تغيير الأنظمة، فالثورة وفقا لمفهومنا هو تغير للأفضل، بينما هيمنة القوى الإميريالية على بلادنا لن ينجم عنه سوى الدمار والخراب، وهذا ما أكدته تجربة العراق العربي، الذي تكالبت على نظامه الوطني قوى الشر وبمعونة عملاء ولصوص استطاعوا غزو البلاد ونهب خيراته وتدمير مقدراته حينما تخلت عنه الأنظمة العربية بل وعادته وساهمت مساهمة أساسية في غزوه حيث بات رهينة لتدخلات ومخططات النظام الإيراني، إلا أننا واثقون أن المقاومة العراقية الباسلة التي عجلت برحيل الأمريكان سوف تواصل الكفاح حتى النصر والتحرير الناجزين.
كما نحي نضال شعبنا العربي الفسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، ونرى أن وحدة القوى الفلطسينية على قاعدة النضال ورفض التسويات المهينة هي المدخل الأسلم لمواصلة الكفاح حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.
أيتها الخوات والأخوة
الرفيقات والرفاق
أن زخم ومواصلة وتصاعد نضالنا الوطني، سواء عبر العقود الماضية، أوخلال حراكنا الراهن، أو حراكنا المستقبلي لتحقيق أهداف مرحلة التحول الديمقراطي مرهون بتكاتفنا وتنسيقنا وعملنا المشترك في الجمعيات السياسية الوطنية.
لذلك، ومن خلال هذا المنبر، نحن نؤكد أن يدنا ممدودة لكل من يريد العمل عملا وطنيا صادقا بغض النظر على مساحة الاتفاق والاختلاف معه، كما أنن نعيد التأكيد على دعوتنا بصياغة برنامج وطني جامع يجمع كافة أطراف العمل الوطني بكل قواه وألوانه وشخصياته، برنامج يعالج كافة الهواجس والمخاوف المرتبطة بحاضر الوطن ومستقبله، ويمثل قاسم مشترك بينها تنطلق منه نحو المزيد من أشكال العمل الوطني المشترك ويصب أولا وأخيرا في خدمة قضايا ومطالب شعبنا التي نتفق عليها جميعنا في الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة والحية الكريمة والوحدة الوطنية.
المجد والخلود لشهداء الوطن والأمة
النصر المؤزر لحراكنا الوطني وانتفاضة شعبنا وثورات شعبنا العربي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.