مالك عبدالله
«هؤلاء في قرى نائية»، هم في مناطق «منعزلة»، أو «قلة لا يمثلون أي رقم»، هذه هي بعض العبارات التي يردّدها البعض في الشاشات العالمية والمحلية أو في الصحافة من أجل التقليل من حجم الحراك السياسي المطالب بالديمقراطية في البحرين.
هذه العبارات التي تنطلق أحياناً من نواب أو نواب سابقين، هي عبارات تنمّ عن رغبةٍ في تهميش الآخر، وهي تؤكد يقيناً أن هناك واقعاً يقسم المواطنين، وأن هؤلاء مواطنون هامشيون في الواقع، كما أن هؤلاء المحتجين خرجوا لأنهم رغم كل تضحياتهم وانتمائهم لهذا الوطن من مئات السنين يعاملون كمواطنين على الهامش.
وهذه التصريحات والعبارات لا تنقذ من يرددها بل تدينه، تدين عنصريته وتمييزه ضد فئة من المواطنين، فالمناطق المهمشة من يعيش فيها مواطنون وليسوا وافدين، وأجدادهم هم من استقبل رسالة الإسلام ودخلوا الدين الجديد سلماً دون سيف أو دم.
من يعيش في القرية لا يختلف عمن يعيش في المدينة، ومن يعيش في أقصى الشمال أو الجنوب حقوقه تتساوى تماماً مع من يعيش في قلب المدينة، ومع كل ذلك فمن قال ذلك يعلم أن هؤلاء لا ينتمون إلى قرى معزولة بل هم من أهل المدن والقرى والمناطق المختلفة، والحل ليس في تغيير الحقائق والمغالطات، والأغرب أن يكون بعض هؤلاء يحمل لافتات إسلامية ولكنه يستحلّ لنفسه الظلم والكذب والتزوير والعيش على حساب الآخرين.
أقول لهم، الحل في الاعتراف بحقوق كاملة ومتساوية للجميع، ووقف التمييز ضد بعض أبناء الوطن، ومعاملتهم كمواطنين كاملي الأهلية وليسوا هامشيين، على أن التمييز الذي ينخر الوزارات والهيئات ليس ضد هؤلاء فقط بل هناك تمييز طبقي وقبلي وطائفي لابد من وقفه بشكل فوري، فهو أحد المصادر الرئيسية لاستمرار الأزمات السياسية التي تمر بها البحرين.
والغريب أن بعض هؤلاء يُعتبرون ممثلين سابقين أو حاليين للشعب، ولكنهم يمنون على الشعب بما تقدمه الحكومة أكثر من الحكومة نفسها، والحال أن الحكومة هي خادمة للشعب، وأن ما تصرفه من أموال الشعب وثروته على الشعب، كرواتب ومكافآت على العمل، ولا منة لأحد فيها على الشعب، فالثروة التي لا توزع أصلاً بشكل عادل هي ملكه، والمسئولون هم موظفون على اختلاف رتبهم، ويتسلمون رواتب على عملهم، وأحياناً يتسلمون أعلى مما يقدمون.
وما يزيد الطين بلة، هو أن بعض النواب الذين اعتبروا أنفسهم ممثلين للشعب، يضعون أنفسهم في مواقع غير لائقة، فكلما سقط ضحية وأكد أهله أنه توفي نتيجة استخدام غاز مسيل للدموع أو الرصاص أو الشوزن، يكونون أول من يهب لإصدار البيانات واتخاذ المواقف المستفزة لعوائل الضحايا. وهذا يعطي صورة للتمثيل الشعبي للمواطنين الهامشيين، خصوصاً إذا كانت أصوات 21 شخصاً منهم في دائرة تساوي صوت مواطن واحد في دائرة أخرى!
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3521 – السبت 28 أبريل 2012م الموافق 07 جمادى الآخرة 1433هـ
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.