هاني الفردان
هو المكان الذي اُرتكبت أو اُكتشفت فيه الجريمة، أو مجموعة الأماكن التي تشهد مراحل تنفيذ الجريمة أو حدوث أحد فصولها. ويحتوي هذا المكان على الآثار الناتجة والمتأتية عن ارتكاب الجريمة.
قد يكون هذا المسرح، مكانًا مغلقاً (مبنى، مستودع)، أو مكانًا مكشوفًا (حقل، ساحة، حديقة أو صحراء، أو طريق…). بالطبع ذلك التعريف لمسرح الجريمة ليس تعريفي بل هو من أسس علم التحقيق الجنائي المتعارف عليه دولياً.
من الخطوات البديهية الأولى أمام التحقيق الجنائي، الوصول إلى مسرح الجريمة ومعاينته عن كثب. ولابد له من الاستعانة بالخبراء أو الاختصاصيين للتمكن من جمع الأدلّة الجرمية والبحث عن كل الآثار المادية ورفعها لمعالجتها لاحقًا.
كما لا يمكن إجراء المسح الممنهج الشامل في مسرح الجريمة إلاّ بالمحافظة عليه وعلى جميع محتوياته مهما بدت ثانوية أو حتى غير مهمة ولمدة زمنية من الوقت، وكل ذلك سيكون في حال الرغبة الجادة في الوصول إلى الحقيقة الكامنة للجريمة.
جريمتا قتل حدثتا في البحرين تعمدت أن أتابع لحظات التحقيق الأولية لها بشكل دقيق، الأولى قتل الشاب أحمد إسماعيل في منطقة سلماباد وبطلق رصاصي «مفرد» على حد وصف الجهات الأمنية، والثانية قتل الشاب صلاح حبيب في منطقة الشاخورة ومازالت الأسباب مجهولة نظراً لعدم صدور تقرير الطبيب الشرعي بعد.
في كلتا القضيتين لم أشاهد تركيزاً كبيراً على مسرح الجريمة، ففي العادة عندما تكون هناك جريمة قتل، ومسرح للجريمة، يجب أن تغلق المنطقة ويمنع الوصول إليها، وهذا لا يعني عدم رؤيتها، وأن توضع تلك الأشرطة الصفراء وتجمع كل الأدلة التي من شأنها أن تساعد في الوصول إلى الحقيقة، مع ضرورة الموازنة بين الشفافية في التعاطي والحفاظ على الأدلة.
مسرح جريمة أحمد إسماعيل كان الشارع، ولم نشهد أي نوع من أنواع التحقيق الميداني، وكذلك مسرح جريمة قتل صلاح أحمد والذي كان في إحدى الحدائق بمنطقة الشاخورة، فقد تعمدت أن أكون متواجداً لمراقبة الوضع، فعندما نقل جثمان القتيل، ترك مسرح الجريمة، دون أن يكون هناك أي محاولة للحفاظ عليه.
من المؤكد أن التحقيق والبحث لا يكتمل إلا من خلال قراءة مسرح الجريمة بشكل كامل ومن مختلف الزوايا، مع ربطها بالآثار الناتجة عن الجريمة، وما هو موجود في محيط المسرح من آثار وأدوات وبصمات، وما إلى ذلك.
ومن وجهة نظري أن ما حدث في الجريمتين السابقتين، هو عدم اهتمام بمسرح الجريمة.
كما أن أي تحقيق بهذه الصورة مصيره بالتأكيد النقصان، والدخول في عالم التوهان، وثم عدم القدرة على قراءة الجريمة، وضياع الأدلة وفي النهاية تقييدها ضد مجهول.