بقلم: إنصاف قلعجي
سيأتي البطاريق(جمع بطريق) بقمصانهم المنشاة، وربطات عنق من الحرير الصافي، أو بأثواب بيضاء تحت عباءات تتلألأ بالخيوط الذهبية، يحملون في أيديهم مسابح زاهية، يهرولون غير مصدقين أن العراق قد خلا من(البعبع) الذي كانوا يخافونه، والذي كانوا يشعرون بضآلتهم أمام قامته الشامخة· يأتون إلى العراق المغتصَب، وألسنتهم تلهج بالدعاء ليس لأهل غزة المنكوبة، ولكن الدعاء على أهل غزة ليخلصهم الله من هذا العبء، ففلسطين كلها أصبحت عبئا على البطاريق، وهناك ما هو أهم من غزة، ألا وهو تكملة التآمر على أرض الياسمين، سوريا·
جاؤوا إلى بغداد الأسيرة الملفعة بعباءات الحزن، من أجل نصرة الشعب العراقي الصابر على كل المحن! تلك المحن التي ساهموا في وجودها يوم حشدوا كل لؤماء العالم ووحوشه ضد العراق، ودعموا عصابات التآمر، من العملاء الذين جهزوا عملياتهم في المطابخ الأمريكية، يصفقون لهم وهم يجرون وراءهم جرارات الديمقراطية العذبة لينثروها على شعب كان أول من وضع الشرائع وحقوق الإنسان على الأرض· جاؤوا ليقتحموا السجون السرية والعلنية ليخرجوا المساجين الذي قضوا سنوات وسنوات تحت تعذيب بكافة فنون التعذيب في سجون الاحتلال وحكوماته المتعاقبة· جاؤوا ليفرجوا عن القادة الوطنيين الأحرار الذين ساهموا عبر تاريخ العراق الحديث في بناء الوطن والحفاظ على كرامة الإنسان العراقي وكرامة الإنسان العربي· جاؤوا ليعيدوا البسمة لشفاه مليوني طفل يتيم أصبحت شوارع العراق مأوى لهم· جاؤوا ليعيدوا لمليوني أرملة كرامتها التي استبيحت، وإنسانيتها التي سحقت، وبيتها الذي محق· جاؤوا لإطعام الشعب العراقي الجائع، العطش، المرعوب، المنكوب، المريض بما خلفته أسلحة الدمار التي استخدمها أسيادهم في سبيل نشر(الديمقراطية)· جاؤوا وفي جعبتهم الكثير مما يمكن تسميته بالتآمر على سوريا التي بقيت وستبقى عصية على كل المتآمرين البطاريق· ما الذي جاؤوا به لتضميد جراحات الشعب العراقي، بل لعلهم نسوا في غمرة فرحهم وهرولتهم أن هناك شعبا باسلا هو الشعب العراقي، وكأنهم لا يخجلون أن يجتمعوا في بلد الحضارات، بلد الكبرياء، بلد العلم والثقافة، بلد العلماء والمفكرين والفنانين والشعراء والكتاب والمكتبات و و و بلد حمورابي ونبوخذ نصر وصلاح الدين الأيوبي والرشيد والمأمون وثورة العشرين، بلد الشعب العراقي الذي صنع من العراق جنة الله على الأرض، والذي قال عنه الخليفة عمر بن الخطاب،رضي الله عنه، "العراق جمجمة العرب وكنز الإيمان ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض، فاطمئنوا فإن رمح الله لا ينكسر"، بلد الشهيد البطل صدام حسين، الشهيد الحي الذي احتضن فلسطين بين ضلوعه، بينما هم، هؤلاء البطاريق صار بينهم وبين الصهاينة "خبز وملح"·· بلد المجاهد الكبير عزة الدوري(رئيس جمهورية العراق) ورفاقه الأبطال·
جاؤوا بشرط واحد، وهو أن تقوم حكومة الاحتلال بإغلاق مزار الشهيد صدام حسين، الذي تتوافد الحشود الشعبية باستمرار لقراءة الفاتحة عن روحه الطاهرة، وما دروا بأنهم وإن أغلقوا المزار، فإن روح الشهيد ستبقى تحوم في سماء العراق حتى تأخذ المقاومة العراقية الباسلة بثأر العراق·
أنفقوا الملايين من الدولارات من أجل ساعات خمس هي كل ما يسمى بمؤتمر القمة·
كلهم تآمروا على العراق، وحشدوا جيوشهم منذ عام1991 ، وحاصروا العراق في لقمة عيشه وفي دواء مسنيه وأطفاله، وهم الذين ساهموا في غزوه، وتدميره، وسرقة متاحفه، ونشر الأمراض المختلفة نتيجة الفقر والتلوث البيئي، وفي تشريد شعبه، وفي امتلاء السجون بالرجال الأبطال والنساء المناضلات، والأمهات المعذبات· والأطفال الذين حرموا من العلم بسبب اضطرارهم للعمل من أجل أسرهم رغم أن العراق كان من الدول التي تفخر بمحوها للأمية· كلهم ساهموا في ذبح العراق، واستراحوا حين طمأنهم وزير خارجية حكومة الاحتلال بأن العراق بدأ يسترد عافيته، لا أعرف كيف·
فيا ويلكم من دعاء مظلوم، ومن دعاء محروم، ومن رجال أشداء ما تزال أصابعهم على الزناد·
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.