«أطباء لأجل حقوق الإنسان»:
لم يسمح لها بزيارة الخواجة و4 من معتقلي الطاقم الطبي… «أطباء لأجل حقوق الإنسان»:
طلبنا من الحكومة تزويدنا بأنواع مسيلات الدموع المستخدمة في البحرين

ذكر موفدا منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان إلى البحرين، أنهما طلبا خلال لقاء جمعهما بالمستشار الأميركي الذي استعانت به وزارة الداخلية لتحسين جهاز الأمن لديها، جون تيموني، تزويدهما بأنواع مسيلات الدموع المستخدمة في البحرين، مطالبين في الوقت نفسه الأجهزة الرسمية البحرينية بالتحقيق في آثار استخدام مسيلات الدموع
وختم نائب مدير منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان ريتشارد سولوم، وعضو المنظمة الطبيبة هولي أتكنسون، زيارتهما للبحرين في الأسبوع الماضي، والتي كانت تهدف إلى الاطلاع على أوضاع حقوق الإنسان عموماً، والكادر الطبي خصوصاً في البحرين.

وفي مقابلة مع «الوسط»، دعا سولوم وأتكنسون، لإلغاء محاكمة الكادر الطبي، معتبرين أن هذه الخطوة من شأنها التمهيد لطريق الإصلاح في البحرين.

وفيما يأتي نص المقابلة:

كيف تقيمان الملف الصحي في البحرين؟
– سولوم: كنت في البحرين منذ عام بالضبط، ومنذ ذلك الوقت، كنا نتابع الوضع الحقوقي والصحي في البحرين خلال الـ 12 شهراً الأخيرة، والحقيقة أن تطور الملف بصورة كبيرة كان مفاجئاً. وفي يوم الخميس الماضي (12 أبريل/ نيسان 2012)، حضرنا محاكمة الأطباء، التي شهدت بعض التطورات، والتي كان أهمها طلب هيئة الدفاع بالكشف عن التقارير الرسمية الأصلية الصادرة عن خبراء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتي تثبت تعرض الأطباء للتعذيب.

وهذه التقارير في غاية الأهمية، ونأمل من اللجنة أن تكشف عنها، إذ إنه وعلى رغم أن التقارير الطبية الملخصة جيدة، ولكن مازالت هناك حاجة للتقارير الرسمية، لكونها موقعة من قبل الطبيب الشرعي الذي تولى عملية الكشف، والأمر المهم أن هناك 3 من الخبراء، الذين كشفوا على الأطباء ممن تم تدريبهم على المعايير الدولية للكشف عن التعذيب، وهي المعايير التي تعتمد عليها الأمم المتحدة في توثيق حالات التعذيب الجسدي والنفسي.

ولكنني يجب أن أشير هنا إلى أنني تفاجأت بأن هناك 4 أشخاص من الكادر الطبي (الإداري في مستشفى المحرق يونس عاشوري، والصيدلاني أحمد المشتت، والطبيب حسن العرادي، والممرض حسن معتوق)، ممن ليسوا ضمن الـ 48 من أفراد الكادر الطبي المتهمين بقضايا جنائية وجنح، على رغم أنهم تمت محاكمتهم، بتهم شبيهة.

وقد تحدثت مع عائلة عاشوري، التي أكدت لي أن وضعه الصحي سيئ، كما أنه لا يحصل على العلاج الذي يحتاجه بصورة مناسبة في السجن، وطوال أسبوعين قبل أن نأتي إلى البحرين، حاولنا مع المسئولين الحصول على موافقة لزيارتنا له والمعتقلين الآخرين من الطاقم الطبي، إلا أن جميع طلباتنا تم منعها، وهذا أمر محبط للغاية، وخصوصاً أن جلالة الملك ورئيس لجنة تقصي الحقائق محمود شريف بسيوني أكدا أن البحرين ستكون منفتحة وشفافة بشأن التعاطي مع المنظمات الحقوقية الدولية فيما يتعلق بالأوضاع الحقوقية في البحرين.
كما أن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قال لي في مناسبتين مختلفتين إنه حين نأتي إلى البحرين، لن تفرض أي قيود علينا أثناء الزيارة، وكان الطلب الوحيد الذي طلبناه من الحكومة البحرينية، هو السماح لنا بزيارة هؤلاء الأربعة، ولكن تم رفض طلبنا.

كما أننا وفي الوقت نفسه طلبنا رؤية الناشط الحقوقي المعتقل عبدالهادي الخواجة، الذي مضى أكثر من شهرين منذ بدأ الإضراب عن الطعام، ومن ناحية طبية، فإن هذا المرحلة حرجة جداً بالنسبة لوضعه الصحي، فالمسألة باتت مسألة وقت، وتعتمد على نوعية العلاج الذي يخضع له الخواجة، والذي يسمح له بالبقاء. وبطبيعة الحال تم أيضاً رفض طلبنا بزيارته.
وأعتقد أن زيارتنا لهذه الحالات مهمة جداً، لأننا نرى أن هؤلاء معتقلو ضمير، ويجب إلغاء جميع الأحكام التي صدرت بحقهم من دون شروط.
مع وجود أربع حالات من أفراد الطاقم الطبي، تم الحكم عليهم، ومعاملتهم بصورة مختلفة عن بقية أفراد الطاقم الطبي الذين تم إخلاء سبيلهم، إلى أي مدى ترون الحكومة ملتزمة بوعودها بما جاء في تقرير تقصي الحقائق؟

– سولوم: تم تناول ملف الكادر الطبي في الفصل الخامس من تقرير تقصي الحقائق، والواقع أن هذا الفصل لم يتضمن أية توصيات تتعلق بالكادر الطبي، ولذلك من الصعب القول ما إذا كان هناك تطور على صعيد تنفيذ التوصيات أم لا.
مع وجود نحو 52 من الكادر الطبي، ما بين معتقلين ومحاكمين وموقوفين عن العمل، هل تعتقدون أن من شأن ذلك أن يؤثر على الوضع الصحي في البحرين؟

– أتكنسون: تحدثنا مع عدد من الأشخاص الذين وصفوا الأوضاع الصحية في البحرين بـ «المتردية»، وهناك خوف من الذهاب إلى مجمع السلمانية الطبي لأخذ العلاج، وخصوصاً ممن يتعرضون للإصابات جراء مشاركتهم في الاحتجاجات.
كما علمنا أن هناك أفراداً متخصصين ممن يدربون الأشخاص العاديين في المجتمع على الإسعافات الأولية، وكيفية التعامل مع بعض الحالات المتوسطة، ولكن الحالات الحرجة جداً يتم أخذها إلى المستشفى، ولذلك أعتقد أن أوضاع الرعاية الصحية في البحرين باتت في وضع خطر.
وأثناء تواجدنا في البحرين، سمعنا عن شخص عمره 27 عاماً، والذي كان عائداً من عمله في سيارة، وقام بعض رجال الأمن بإنزاله من السيارة وتعريضه للضرب، وحين رأيناه كان قد مضى على إصابته أقل من 24 ساعة، وكانت لديه إصابة شديدة جداً في ظهره وكسر في كتفه، وعلى رغم ذلك لم يأخذ العلاج خوفاً من أن تتم مساءلته، وآمل أنه تمكن لاحقاً من أخذ العلاج المناسب.
– سولوم: من خلال مقارنتي للأوضاع في المستشفى بين العام الماضي والآن، أرى أنه تم إقصاء جزء كبير من المسئولين في المستشفى عن مناصبهم، كما أنه من الواضح أن الأغلبية الساحقة من أعضاء الكادر الطبي المتهمين في قضايا الأحداث الأخيرة، هم من المحسوبين على طائفة واحدة.

ومن ناحية أخرى، رأينا أن التواجد الأمني مازال مستمراً بصورة كبيرة في محيط مجمع السلمانية، كما أن هناك نقاط تفتيش، ولا أدري أسباب تواجدها عند مداخل المستشفى.
– أتكنسون: الواضح أن نقاط التفتيش لمراقبة دخول أي من المصابين في الاحتجاجات للمستشفى، وقيل لنا إن أحد الأشخاص الذي تعرض لإصابة في رأسه بسبب مشاركته في أحد الاحتجاجات، تم تأخير حصوله على العلاج في قسم الطوارئ من أجل التحقيق معه بشأن أسباب إصابته.

– سولوم: إن الأطباء ومسئولي الرعاية الصحية في المستشفيات، من مسئوليتهم أن يعالجوا كل الأشخاص بحيادية ومن دون تمييز، ومسئولية الحكومة تجاه المعنيين بالرعاية الصحية توفير الأمن في المستشفى، وحماية المرضى.
وأفراد الكادر الطبي كانوا يقومون بدورهم في علاج المصابين بسبب أحداث العام الماضي، لم نرَ حتى الآن ما يثبت أن أياً منهم لم يقدم العلاج لأسباب طائفية أو سياسية لأي من المرضى.

ما هي توصياتكم لتحسين وضع الملف الصحي في البحرين؟
– سولوم: خلال العام الماضي دعونا وبشدة إلى ضرورة إنهاء محاكمات الكادر الطبي ومن دون شروط، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يدعم مساعي التقدم في الإصلاح في البحرين، لأن موضوع الرعاية الصحية ومحاكمة الأطباء في البحرين أثار اهتمام العالم، والعالم بات يعرف ما حدث لهؤلاء الأطباء الـ 48، وغيرهم من المفصولين ومن تم إيقاف رواتبهم، وهذا يعطي مؤشراً أن هناك هجمة مباشرة على عدد من أفراد الطاقم الطبي في البحرين.

ونعتقد أن إلغاء المحاكمات ضد الطاقم الطبي من شأنه أن يمهد الطريق إلى الإصلاح في البحرين، وأنا أكره أن أرى عواقب استمرار محاكمة أفراد الطاقم الطبي، ومن ثم إرجاعهم إلى المعتقل.
– أتكنسون: إضافة إلى ذلك، فأنا قلقة جداً بسبب التأثير السيئ لاستخدام مسيلات الدموع، وخلال زيارتنا التقينا بأشخاص مصابين في رؤوسهم ووجوههم، وآخرين فقدوا أعينهم بسبب استخدام مسيلات الدموع، إضافة إلى آخرين ماتوا بسبب اختناقهم من مسيلات الدموع، كما أن نساء حوامل تأثرن بسبب تعرضهن لهذه الغازات.
والكثير من هؤلاء، تعرضوا لإصاباتهم بسبب إلقاء مسيلات الدموع على بيوتهم، واستنشاقهم كميات كبيرة من هذه الغازات.
والمؤسف أن بعض من تحدثن إلينا أبلغننا بتعرضهن للإجهاض بسبب تعرضهن لمسيلات الدموع، وهذا الأمر لم يتم توثيقه في تقارير طبية، ومثل هذه المسيلات يمكن أن تؤثر على الجينات والأجهزة العضوية في الجسم، وهذا الوضع مؤسف وخلق مجتمعاً يتعرض للغازات المسيلة للدموع لأشهر.
ونحن نطالب بالتحقيق في آثار استخدام مسيلات الدموع، كما أننا طلبنا من الحكومة وخلال لقائنا بالمستشار الأميركي الذي استعانت به وزارة الداخلية لتحسين جهاز الأمن فيها، جون تيموني، تزويدنا بنوع المواد الكيميائية التي يتم استخدامها في مسيلات الدموع، والاطلاع على مدونة سلوك الشرطة، وذلك بعد أن أبلغنا تيموني أن استخدام عناصر الأمن لمسيلات الدموع، يتم بموجب المعايير الدولية في هذا الشأن، والتي يتم استخدامها لتفريق التجمعات، ولكننا في واقع الأمر لدينا إثباتات تكشف عن استخدام مسيلات الدموع في غير أغراض تفريق التجمعات، وإنما من خلال إطلاقها على البيوت.

– سولوم: وعدنا تيموني بتزويدنا بقائمة أنواع مسيلات الدموع المستخدمة في البحرين. ويجب أن أشير هنا إلى أننا لا نحتاج إلى أدلة تبين استخدام مسيلات الدموع عبر توجيهها على المنازل، وهناك عدد من مقاطع الفيديو المنتشرة على الإنترنت، والتي تثبت أنه وعلى رغم أن الشوارع تخلو من أي تجمعات أو اعتصامات تستدعي تفريقها، إلا أنه يتم استخدام مسيلات الدموع.
والتقينا مع عدد من العائلات التي تعرضت نوافذ منزلها للتكسير بسبب إطلاق مسيلات الدموع عليها، ولاشك في أن ذلك بطبيعة الحال ضد الاستخدام الدولي لمسيلات الدموع.

وهل ناقشتم هذا الأمر مع تيموني؟
– أتكنسون: قال تيموني إنه ربما تكون هناك حالات بسيطة التي تم فيها الاستخدام السيئ للغازات المسيلة للدموع، كما قال إنه سيتم تدريب رجال الأمن على الالتزام بالمعايير المطلوبة في هذا الجانب.
– سولوم: الأمر بسيط جداً، فاحترام حقوق الإنسان هو أمر غير معقد، وكل ما يجب القيام به لتحسين السجلات الحقوقية، هو التوقف عن الاستخدام المفرط للقوة ووقف التعذيب، وبالتالي لن تكون هناك حاجة لتدريب رجال الأمن ولا للاستعانة بمستشارين خارجيين ليقدموا النصح، ولا لتشكيل لجان تقصي حقائق، للقول إن التعذيب يخالف معايير حقوق الإنسان.

هل التقيتم مع مسئولين رسميين بخلاف تيموني؟
– سولوم: لم نلتقِ بأي وزير، وإنما التقينا بوكيل وزارة حقوق الإنسان فقط.

هل تأملون القيام بزيارة أخرى إلى البحرين؟
– سولوم: نرغب أن نأتي للبحرين مرة أخرى، ونأمل أن نعمل مع مؤسسات المجتمع المدني والحكومة لمساعدة البحرين في الالتزام بحماية حقوق الإنسان، وهناك أمور ضرورية يجب أن تقوم بها الحكومة بصورة عاجلة لتحسين الأوضاع، وخصوصاً على صعيد الملف الصحي.
والواقع أننا سعدنا كثيراً حين علمنا أن هناك العديد من الأشخاص الذين كانوا يرغبون بلقائنا، ولكن للأسف لم نتمكن من لقائهم لضيق الوقت.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3509 – الإثنين 16 أبريل 2012م الموافق 25 جمادى الأولى 1433هـ