جميل المحاري
هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة في علاقتنا مع بعضنا البعض، أم أن الأمل لايزال في قلوبنا بحيث يرجع حبنا وعلاقاتنا كما كانت قبل الأزمة ولو بعد حين؟
من الواضح تماماً إلى أين وصلنا كشعب بحريني لم يكن يعرف التشطير في السابق إلا في حدود معينة. نعم كانت لكل طرف مناطقه وقراه ومساجده ومقابره ومناسباته واحتفالاته، وكنا نختلف أحياناً في مواعيد الأعياد، وكنا نحتفل بالمناسبات الدينية في أوقات مختلفة ونتعبّد بطرق مغايرة، وربما يكون لبعضنا معتقدات لا يقرها البعض الآخر.
نعم كنا مختلفين في العديد من الأمور، وربما كان بعضنا يخطّئ البعض الآخر ويعتقد بأنه على صواب وأن الآخر مخطئ، وقد نجد كلّ طرفٍ متمسكاً برأيه ويدافع عنه.
ولكن مع كل هذه الاختلافات لم يكن أيٌّ منا يكره الآخر، أو يتمنى أن يصيبه أي ضرر، أو يشكك في وطنيته أو أصله أو انتمائه. لقد كنا مع كل هذه الاختلافات نعيش كما تعيش الأسرة الواحدة، فالدين لله والوطن للجميع. كنا نعيش كأسرةٍ واحدةٍ يحب أحدها الآخر حتى وإن كان لا يتفق معه في بعض القضايا والأمور أو وجهات النظر.
كنا نتزاور في الأعياد والمناسبات، ونفرح لفرح بعضنا البعض، ونحزن جميعاً إن أصاب أياً منا مكروه. كانت هناك الكثير من الزيجات المختلطة، والصداقات الحميمة دون أن يلحظ أحدٌ أن صديقه من الطائفة الأخرى. كنا جميعاً أبناء وطن واحد وأخواناً من أم واحدة هي البحرين.
فما الذي غيّر نفوس الناس ليشعروا بأنهم أعداء، فكيف أصبح الأخ يفرح لمقتل أخيه ويصفق لإزهاق روحه ويرقص على جراحه، وكيف أصبح الأخ يغمض عينيه لكي لا يرى ما يدور حوله ويغلف قلبه بطبقات من الحديد المصفح لكي لا يشعر بالحزن على أطفال سقطوا ضحايا بسبب جشع البعض. كيف ارتضى الأخ أن يشي بأخيه ويحرّض عليه ويحاربه في عمله ويسعى في قطع رزقه ورزق عياله.
كيف اقتنع الأخ بأن أخاه يريد الاستفراد بالوطن، وكيف صدّق أنه كان يتآمر عليه مع أطراف خارجية؟
كيف أصبح البعض يقف ضد إعادة اللحمة الوطنية، ويعرقل أي جهد للحوار؟
لقد دخل البعض في غيبوبة عقلية وقام ببناء أسوار يحصّن بها نفسه ويعزلها عن الآخر، وأصبح لا يسمع إلا ما يثير نوازعه الطائفية من أطراف هي المستفيدة الوحيدة من هذا الوضع.
فهل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟ وهل تفرّقنا إلى الأبد أم مازلنا إخواناً تخاصمنا لفترة ومن ثم نرجع بقلوب متسامحة لنحتضن الوطن ويحتضننا جميعاً؟