لمن لم يقرأوا دروس الماضي أو يتعلموا منها أو تناسوها:
المقاومة العراقية دافعت عن الجميع وحمت رؤوسهم
وكان إسقاط الموقع العراقي حلقة أولى في (الدومينو الديموقراطي) الأميركي
إعداد حسن خليل غريب
نقدِّم للقارئ الكريم سلسلة من الوثائق التي تبرهن على ذلك، نضعها برسم أصحاب الذاكرة الضعيفة، أو الذين يتناسون أن للمقاومة الوطنية العراقية برقابهم ديناً عليهم أن يفوه. أو الذين جهلوا أن إسقاط الموقع العراقي كان الحلقة الأساسية في مسلسل إسقاط المنطقة كلها. وإن كانت بداية المشروع تمر من العراق إلاَّ أنه كان من المقرَّر متابعته ليشمل كل أقطار الوطن العربي، تحت استراتيجية ما سُمي بنظرية "الدومينو الديموقراطي". وكان من المرسوم لهذا المشروع أن يتم تنفيذه مباشرة بعد احتلال العراق، ولهذا تشير التقارير، التي تعود إلى نيسان من العام 2003، إلى أن إدارة المحافظين الأميركيين الجدد قد أوفدوا كولن بول، وزير الخارجية الأميركي إلى سورية، في أوائل أيار من العام 2003، في رحلته المشهورة.
ولأهمية الوثائق التي نقرأ من خلالها ما يتم تنفيذه الآن من (الربيع العربي)، لعلنا نقرأ لنعي كم أننا نجهل القراءة.
وتلك الوثائق تمثل أيضاً برهاناً على أن احتلال العراق كان البداية لو أحسنوا الدفاع عنه، أو أحسنوا وضع المقاومة الوطنية العراقية في موقعها الصحيح، أو على الأقل كفوها شرَّهم، لما كانت قد وصلت الجبهتان الفلسطينية واللبنانية إلى ما وصلت إليه الآن.
لقد كانت بوابة الدفاع عن لبنان وسورية وفلسطين تمر من البوابة العراقية، ولا تزال.
فلعلَّنا نتَّعظ، ونصحِّح الخطأ حتى ولو جئنا متأخرين.
وتلك مجموعة من الوثائق الصحفية التي ننقلها للقارئ كما وردت في مصادرها وفي تواريخها. من دون تدخل أو تحرير أو تعديل، ولعلَّ اللبيب من الكلام الواضح يفهم:
(1)
سوريا بدأت تطرح بقوة على الأجندة الأميركية.. على من يأتي الدور بعد العراق؟
نجاح السياسة الأميركية في أفغانستان والعراق قد يشجع واشنطن على تكرار مغامراتها العسكرية لضرب أعداء جدد في مناطق مختلفة من العالم
(ميدل ايست اونلاين) الجمعة 11 إبريل 2003 – 9 صفر 1424هج واشنطن – ستيفن كولنسون السؤال الوحيد الذي يتردد اليوم على السنة جميع الرافضين للهيمنة الاميركية على العراق هو التالي : من سيكون المقبل على لائحة المستهدفين من قبل الدولة العظمى الوحيدة بعد سقوط حكومة الرئيس العراقي صدام حسين؟ ان الرئيس الأميركي جورج بوش رفع شعار الحرب الوقائية اي العمل على سحق اي تهديد محتمل قبل تحوله الى خطر فعلي قد يستهدف الولايات المتحدة بنظره، لذلك لا شيء يمنع بعد نجاح هذه السياسة في افغانستان والعراق ان تكر السبحة وان تتعدد المغامرات العسكرية الاميركية لضرب اعداء جدد. الا ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول نفى الخميس وجود هدف جديد على اللائحة السوداء للولايات المتحدة. وقال في حديث الى التلفزيون الباكستاني "ليس لدى الولايات المتحدة اي خطة او لائحة تتضمن دولا نريد مهاجمتها الواحدة تلو الاخرى". وبعد القضاء على حكومة الرئيس صدام حسين لم يبق من "محور الشر" الذي حدده الرئيس الاميركي سوى ايران وكوريا الشمالية، الا ان مستشاري البيت الابيض لا يفوتون مناسبة الا ويضيفون اليها سوريا. وقال بول ولفوفيتز مساعد وزير الدفاع الاميركي الخميس امام مجلس الشيوخ "ان السورييين لا يتصرفون بشكل جيد، وقد يكون من المناسب ان نذكرهم بذلك" مضيفا "في حال استمروا على هذا النمط فسيتوجب علينا اعادة النظر في سياستنا ازاء بلد يؤوي ارهابيين ومجرمي حرب". وقام ريتشارد ارميتاج مساعد وزير الخارجية الاميركي بتوسيع لائحة المغضوب عليهم اميركيا وقال في خطاب له امام المؤسسة الاميركية للسلام في ايلول/سبتمبر الماضي ان حزب الله اللبناني "قد يكون المجموعة رقم واحد" في مجال الارهاب العالمي مضيفا "انهم على اللائحة وستاتي ساعتهم، لا مجال للشك في ذلك". وقبل ان تستهدف ايران وكوريا الشمالية فان واشنطن تنوي استخدام ادواتها الدبلوماسية والاقتصادية لتجسيد ما يحلم به الرئيس الاميركي اي ان يؤدي سقوط الحكومة العراقية الى موجة تغييرات ديموقراطية في الشرق الاوسط. وما ستقوم به واشنطن في مجال اقامة السلطة الجديدة في العراق سيكون حاسما خصوصا ان حكومات عربية متسلطة لن تنظر بعين الرضا الى اقامة حكومة عراقية منفتحة سياسيا واقتصاديا. وفي حال تبين ان القادة العراقيين الجدد ليسوا سوى دمى بايدي البيت الابيض، او في حال وضعت الشركات الاميركية يدها على الثروات النفطية العراقية فان كل الآمال المعلقة على نقل العدوى الديموقراطية الى المنطقة ستتبخر في الهواء. وقال ستيفن كليمونس المحلل في مجموعة فكرية في العاصمة الاميركية تعمل تحت اسم "نيو اميركا فونديشان" "ان كل ما سنقوم بها ابتداء من الان سيكون له رجع صدى ايجابيا وسلبيا في قلوب وعقول سكان العديد من الدول الاخرى" مضيفا "انها لعبة ترتدي فيها الرموز اهمية كبيرة". ويؤكد مسؤولون اميركيون اليوم ان الولايات المتحدة سيكون لديها ما يكفي من المشاكل في العراق وفي افغانستان لمنعها من الدخول في مغامرة جديدة، كما ان ترسانات الاسلحة الايرانية والكورية الشمالية تعتبر تهديدا مختلفا تماما عما كان يمثله التهديد العراقي. وهكذا تعتبر واشنطن ان الملف العراقي لا يشبه الملف الكوري الشمالي وهي اختارت الدبلوماسية مع بيونغ يانغ والحرب مع بغداد، ولا يتردد المراقبون في اعتبار هذا الموقف عجزا من قبل الولايات المتحدة عن مواجهة كوريا الشمالية.
***
(2)
واشنطن تصعد من لهجتها حيال سوريا:
بوش طالبها تسليم المسؤولين العراقيين ورامسفلد اتهمها بازعاجه
(البوابة) الجمعة 11 إبريل 2003 – 9 صفر 1424هـ صعدت واشنطن اليوم من لهجتها حيال سوريا وقد طالبها بوش بإغلاق حدودها وتسليم المسؤولين العراقيين وكرر رامسفلد اتهماته لدمشق بأنها لا تزال تستقبل هؤلاء وتتعمد إزعاج واشنطن.
طلب الرئيس الأميركي جورج بوش من المسؤولين السوريين بذل "كل ما في وسعهم" لإغلاق حدود بلادهم مع العراق امام الموالين للرئيس صدام حسين وتسليم الذين لجأوا إليها حتى الآن.
وفي ختام زيارة للجنود الأميركيين الجرحى في مستشفيات عسكرية في ضاحية واشنطن، قال بوش "ننتظر تعاونا تاما" من دمشق واتهم وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفلد سوريا بازعاج الولايات المتحدة في العراق والاستمرار باستقبال مسؤولين عراقيين يفرون من البلاد. وأوضح رامسفلد "سوريا لم تساعدنا من خلال إرسال معدات عسكرية" والسماح لمسؤولين في النظام العراقي بالانتقال إلى سوريا والسماح "لأشخاص بمغادرتها" في إشارة إلى المقاتلين الذين تطوعوا لمحاربة التحالف الاميركي-البريطاني في العراق. وقال رامسفلد خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون "هل لا يزال هناك أشخاص يغادرون العراق نحو سوريا؟ اجل". وجاءت التصريحات هذه متناقضة ما مع ما كانت أعلنه البيت الأبيض سابقا من أن الإدارة الأميركية فهمت ان سوريا اغلقت حدودها مع العراق امام الجميع باستثناء الانتقالات ذات الأسباب الإنسانية مضيفة ان هذا سيكون محل ترحيب اذا ساعد في منع المسؤولين العراقيين من مغادرة بلدهم. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية سوزان بيتمان "نحن نفهم ان سوريا اغلقت حدودها أمام الجميع ما عدا الانتقالات الإنسانية ونأمل ان يكون هذا هو واقع الامر".
وأضافت ان واشنطن ابلغت دمشق انها لا تريد ان يدخل كبار مساعدي الرئيس العراقي صدام حسين سوريا. وتابعت "ونحن نواصل مراقبة الحدود السورية العراقية عن كثب… اوضحنا لحكومة سوريا رغبتنا في الا تسمح بان يدخل سوريا أي من كبار مسؤولي النظام العراقي.. الاشخاص الضالعون مباشرة في وحشية وبربرية نظام صدام حسين بما في ذلك تطوير اسلحة الدمار الشامل." وقالت المتحدثة ان الولايات المتحدة اوضحت لسوريا انها تعتقد ان المسؤولين عن "الفظائع التي ارتكبت ضد العراقيين" ينبغي ان يحاسبوا بموجب عملية قضائية يقودها العراقيون. وفي وقت سابق قال الجيش الاميركي ان الزعماء العراقيين يحاولون الهرب من العراق الى بلدان اخرى وقال انه وزع على الجنود قائمة تضم اسماء 55 شخصا لاعتقالهم او قتلهم.وقال البريجادير جنرال فينسنت بروكس في المؤتمر الصحفي اليومي في مقر القيادة المركزية الاميركية في قطر ان هناك دلائل تشير الى "ان افرادا من المرتبطين بالنظام يحاولون الهرب من التحالف بالفرار الى بلدان اخرى".
***
(3)
هل سيكون العراق اول (دومينو) يسقط في "الشرق الاوسط"؟
على من يأتي الدور بعد بغداد، سؤال يتمنى المراقبون الإجابة عليه.. صقور البنتاغون يؤكدون أن طموحات واشنطن لن تقف عند بغداد في مسعاها لحماية مصالحها وضمان "أمن اسرائيل"
(ميدل ايست اونلاين) السبت 12 إبريل 2003 – 10 صفر 1424هج واشنطن – كريستوف دو روكفوي تطمح واشنطن عبر سقوط نظام صدام حسين الى ان تجعل من العراق واجهة للتغيير في الشرق الاوسط، غير ان هذا الهدف ينذر بعلاقات صعبة مع العديد من الدول الاخرى. ويرى خبراء الاستراتيجيا الاميركيون ان تغيير النظام في بغداد ينبغي ان يفسح لعملية "اعادة ترتيب" في هذه المنطقة، تمزج ما بين احلال الديموقراطية والتحديث الاجتماعي واستئصال الارهاب ودعم المصالح الاميركية وضمان امن اسرائيل. وبحسب نظرية معروفة بنظرية "الدومينو الديموقراطي" تلقى رواجا كبيرا في الاوساط المحافظة القريبة من البيت الابيض، فان التغييرات الجارية في بغداد ستنتقل كالعدوى الى الدول المجاورة مثل ايران وسوريا والسعودية. وان لم تقتنع هذه الانظمة من تلقاء نفسها بضرورة التطور والتغيير، فان بعض المسؤولين الاميركيين لا يترددون في اصدار تهديدات مبطنة بالتعرض لها. واشار مساعد وزير الدفاع الأميركي بول ولفوويتز ومساعد وزير الخارجية جون بولتن، وهما من المنظرين لهذه العقيدة، بشكل واضح أخيرا إلى أن طموحات واشنطن لن تتوقف عند بغداد، وان كان استخدام القوة المسلحة غير مطروح بالضرورة بالنسبة لدول أخرى.
وقال ولفوويتز أحد أبرز "صقور "الادارة الاميركية" أن دولا عديدة بما فيها سوريا ستدرك الرسالة (من الحرب على العراق) وتفهم انه من المستحسن الاتفاق سلميا مع المجموعة الدولية وعدم حيازة اسلحة دمار شامل او استخدام الارهاب كوسيلة سياسية". وجدد وزير الدفاع دونالد رامسفلد هذه الانتقادات الاربعاء متهما دمشق بتسهيل هروب مسؤولين عراقيين وبتقديم معدات عسكرية للعراق. من جهته، شدد وزير الخارجية كولن باول على ان "هذا لا يعني ان (هذه الدول) ستواجه حربا"، طالبا منها ان تدرك ان "العالم يتغير". ومن المحتمل ان تكون السعودية، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، من الدول المطروحة في نظرية "الدومينو" هذه. ويذكر عدد من المحللين المقربين من السلطة في واشنطن بان 15 من قراصنة الجو الـ19 الذين نفذوا هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 كانوا سعوديين، وبان الرياض لم تقدم خلال الحرب على العراق الدعم الذي يمكن توقعه من دولة حليفة. غير ان بعض الخبراء يخشون ان يؤدي هذا التصميم على "اصلاح" الشرق الاوسط الى مزيد من التوتر والأزمات. وقال جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن انه "كلما تحدثت ادارة بوش عن جعل العراق منطلقا لتعديل الوضع الراهن السياسي في الشرق الاوسط، هددت جيران بغداد سواء ضمنا أو صراحة". ورأى ان هذه السياسة قد تحمل بعض الدول النافذة مثل ايران أو السعودية على "محاولة الإبقاء على وضع سياسي مضطرب في العراق". وباتت الولايات المتحدة ترحب بوضوح اكبر من قبل بالتطورات الديموقراطية في المنطقة مثل الانتخابات في المغرب وفي البحرين.
وأعلن باول في نهاية العام الماضي عن تشكيل صندوق لا تزال قيمته متواضعة (25 مليون دولار) لتشجيع التطور الاجتماعي والسياسي في الشرق الأوسط. كما وعدت واشنطن بإحياء جهود السلام بين "الاسرائيليين" والفلسطينيين فور تعيين رئيس وزراء فلسطيني يتمتع بصلاحيات توازن سلطة الرئيس ياسر عرفات. وتأمل واشنطن في أن يؤدي "سقوط صدام حسين" عبر إزالة أحد الأنظمة الأكثر عداء "لاسرائيل" إلى إيجاد ظروف مؤاتية لقيام دولة فلسطينية بشكل سلمي.
***
(4)
سوريا في مرمى النار: باول يزورها حاملا المطالب وإسرائيل تصب الزيت على نيران الاتهامات
(البوابة) السبت 12 إبريل 2003 – 10 صفر 1424هج بالتزامن مع التهديدات الاميركية صعدت إسرائيل من حملتها على سوريا وادعى مسؤول إسرائيلي ان واشنطن باتت مقتنعة الان بوجهة نظر تل ابيب حول دمشق وسربت المصادر الاسرائيلية انباء عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى دمشق قريبا حاملا مطالب ينبغي على دمشق تلبيتها والا "تعرضت لعواقب وخيمة". نقلت صحيفة "الشرق الاوسط" الصادرة اليوم عن مصدر اسرائيلي رفيع قوله ان وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، ينوي زيارة سورية قريبا جدا وذلك لكي يوضح لقادتها "مدى فداحة الخطأ الذي ارتكبوه في مساندتهم العراق خلال الحرب" و"كيف يمكن تصحيح هذا الخطأ". وقال هذا المصدر انه يستند الى معلومات موثوقة في الادارة الاميركية في هذا الكشف. وان واشنطن قررت ألا تتساهل مع دمشق او غيرها من مساندي اعدائها ومؤيدي التنظيمات الارهابية. واضاف المصدر الإسرائيلي ان باول يحمل الى دمشق ورقة بالمطالب الأميركية سيسلمها الى الرئيس بشار الاسد، حتى يستجيب اليها.وعلى هذا اللقاء يتوقف مصير سورية وقادتها. ثم انتقل الى الحديث عن ايران ليؤكد ان باول سوف يوجه اليها قائمة مطالب اخرى، ربما عن طريق سورية، او عن طريق جهة اخرى، "فهذان البلدان، ومعهما "حزب الله" اللبناني، يتربعان على رأس قائمة الدول التي تلي العراق لتلقي "العلاج اللازم" من الولايات المتحدة وحلفائها".
الموقف الاسرائيلي:
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة امس عن الجنرال عاموس جلعاد الذي عينته الحكومة الاسرائيلية ناطقا قوميا منذ بدء الحرب على العراق قوله إنه "ينبغي الآن حدوث تغيير في سوريا (…) بعدما ساعدت سوريا العراق خلال الحرب وآوت لاجئين منه، يتوجب على الأميركيين التفكير الآن في الخطوات الواجب إتخاذها. الآن بات الأميركيون يفهمون ما سبق لنا أن فهمناه منذ مدة طويلة، وهو أن سوريا تدعم منظمات إرهابية وتقدم لها الحماية وتهتم بنقل الأسلحة الى منظمة حزب الله". واوضح جلعاد ان الادارة الاميركية بدأت تدرك ما ادركته إسرائيل منذ فترة، وهو ان سورية تعتبر "اكبر سند للارهاب في الشرق الاوسط". واضاف: "انها اكثر الدول تعاونا مع ايران وتستضيف على اراضيها تنظيمات ارهاب فلسطينية عديدة ممن يبدو حتى (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات الى جانبها معتدلا. تفتح الطريق امام "حزب الله" اللبناني للحصول على الاسلحة الايرانية. وتساند حزب الله في عمليات ضد اسرائيل". وقال إن "إنهيار (الرئيس العراقي) صدام حسين ينطوي على أهمية عظيمة لاسرائيل. فهزيمته تؤدي الى فقدان الظهير الاستراتيجي لأعداء إسرائيل، وعلى رأسهم سوريا التي باتت معزولة من كل النواحي". واضاف: "ينبغي ألا توافق اسرائيل على أن تحتفظ دولة معادية مثل إيران بسلاح نووي"، مؤكداً أن ايران تستثمر كثيراً من مواردها في ما سماه "مأسسة الارهاب ضد إسرائيل"، مشيرا الى "دور إيران في عملية تفجيرية وقعت في حيفا قبل نحو شهرين وأدت الى مقتل 23 شخصاً". وفي السياق ذاته كتب معلق الشؤون الاستراتيجية في "يديعوت أحرونوت" رونين برغمان إن "المساعدة التي قدمتها سوريا إلى العراق جعلت الولايات المتحدة تشير إليها باعتبارها الهدف المقبل للحرب". ولاحظ أن مواقف الادارة الأميركية حيال سوريا ولبنان إزدادت تطرفاً مع تكليف جون بولتون الملف الاستخباري المتعلق بسوريا". واكد أن بولتون الذي يشغل منصب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون مراقبة التسلح، هو من أشد المناصرين لاسرائيل في طاقم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" المناصر لاسرائيل أصلاً. من جهة اخرى، نشرت صحيفة "معاريف" أن تقارير خاصة وصلت اخيرا من واشنطن إلى مصادر سياسية في "إسرائيل" أفادت أن "الادارة الأميركية قطعت علاقاتها الإستخبارية مع سوريا وانها تحاول تقليل الاتصالات الديبلوماسية معها". ونقلت عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى إن لديها من الأسباب ما يكفي لكي تقدّر أن الادارة الأميركية ستطلب قريباً من سوريا "إجراء فحص للتأكد مما إذا كانت تخبىء سلاحاً كيميائياً من العراق". وكذلك نقلت عن مصادر إسرائيلية أمنية عليا ان "الرئيس السوري بشار الأسد ارتكب خلال الحرب على العراق كل الأخطاء الممكن إرتكابها، ووضع نفسه في مرمى الأميركيين، وخصوصاً انه أخطأ عندما أتاح للمتطوعين دخول العراق للمساعدة ضد الغزو الأميركي، وعندما نقل الى العراق صواريخ ضد دبابات استعملها ضد الأميركيين". واضافت أنه استناداً الى رسائل معلنة وسرية تصل في الأيام الأخيرة الى المستوى السياسي في إسرائيل، ثمة انطباع قوي أن الرئيس الأميركي جورج بوش ينوي "معالجة نظامي الحكم في سوريا وإيران ايضاً بعد ان تضع الحرب على العراق أوزارها على رغم تصريحات وزير خارجيته كولن باول التي قال فيها إن الولايات المتحدة لا تنوي الهجوم على سوريا وايران. وفي هذا السياق، صرح رئيس الوزراء "الاسرائيلي" ارييل شارون بأن مشاكل "اسرائيل" لم تنته باحتلال العراق، لانها – أي اسرائيل – لها حسابات طويلة مع دول اخري في منطقة الشرق الأوسط.
التحذيرات الأميركية:
وتزامنت التصريحات والتحليلات "الاسرائيلية" مع زيادة حدة التهديدات الأميركية لسوريا وكان الرئيس الأميركي جورج بوش وجه تحذيرا مبطنا إلى سوريا، دعاها فيه إلى الامتناع عن استقبال أو مساعدة أعضاء النظام العراقي المنهار.
وقال بوش رداً على سؤال خلال تفقده أفراد القوات الأميركية الذين أصيبوا في العراق في أحد مستشفيات واشنطن "نتوقع تعاوناً كاملاً من السوريين، ونحثهم بشدة على عدم السماح لأعضاء حزب البعث (العراقي) أو عائلة صدام أو جنرالات هاربين من السعي الى ملجأ آمن أو إيجاد ملجأ آمن هناك. نتوقع ان يعملوا كل ما بوسعهم لمنع الأفراد الذين يجب محاسبتهم من الهرب الى بلدهم. وإذا كانوا موجودين في بلدهم، نحن نتوقع من السلطات السورية تسليمهم الى الاطراف المعنية". بيرل :سوريا ستصبح هدفا عسكريا : وأعلن ريتشارد بيرل، مستشار وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) وأحد مهندسي الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين في تصريحات نشرت اليوم ان سوريا ستصبح هدفا عسكريا محتملا اذا تبين ان في حيازتها اسلحة دمار شامل عراقية. وقال بيرل في مقابلة مع صحيفة "انترناشيونال هيرالد تريبيون" انه اذا تبين ان هناك مثل هذه الاسلحة في الاراضي السورية "فانا واثق تماما من انه سيتعين علينا ان نرد على ذلك". وقال بيرل "سيكون هذا عملا بالغ الحمق من جانب سوريا". واضاف "أول اجراء من جانبنا سيكون مطالبة السوريين بانهاء هذا التهديد وتسليم أي شيء قد يكون في حوزتهم وفي حال التقاعس عن عمل ذلك فلا أعتقد ان أحدا يمكنه استبعاد استخدام أي شيء من المجال الكامل للقدرات المتاحة لدينا".
واتهم وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد سوريا بارسال معدات عسكرية الى العراق ووصف دعمها لحكم صدام بأنه "عمل عدائي". وبدأت واشنطن غزو العراق منذ ثلاثة اسابيع للبحث عن اسلحة دمار شامل وتدميرها بما في ذلك أي مواد بيولوجية أو كيماوية. ولم تعثر القوات الغازية حتى الآن على ادلة ملموسة على وجود هذه الاسلحة. لكن بيرل قال انه ليس لديه شك في ان العراق يمتلك مثل هذه الاسلحة.
وقال "لن نعثر عليها ما لم نجدها بالصدفة وحتى نتمكن من سؤال اولئك العراقيين الذين يعرفون اين توجد هذه الاسلحة". واضاف ان "الامكانيات التي طرحتها عمليات التفتيش ربما تسببت في نقل هذه الاسلحة واخفائها بطريقة تقلل من فرصة اكتشافها".
وقال بيرل الذي استقال في الشهر الماضي من منصب رئيس مجلس سياسات الدفاع بالبنتاغون بسبب ما تردد عن تضارب في المصالح ان الولايات المتحدة لا تجهز قواتها لخوض قتال مع دول أخرى تتهمها واشنطن بتطوير اسلحة للدمار الشامل أو رعاية الإرهاب.
وأضاف "الرسالة الى سوريا والى ايران والى كوريا الشمالية والى ليبيا يجب ان تكون واضحة".
وقال "اذا لم يكن لدينا بديل فاننا مستعدون لعمل كل ما هو ضروري للدفاع عن الاميركيين وعن اخرين. لكن هذا لا يعني اننا نجهز القوات للعمل العسكري التالي، فنحن لا نفعل ذلك".
من جهة أخرى، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية سوزان بيتمان ان الولايات المتحدة أبلغت سوريا رغبتها في عدم سماح السلطات السورية بعبور المسؤولين العراقيين الى الأراضي السورية. أضافت ان دمشق أعلمت واشنطن انها أغلقت الحدود باستثناء الحالات الإنسانية وان الإدارة الأميركية تأمل ان يكون الأمر كذلك.
ارميتاج يحذر أيضا: من جهة ثانية، قال نائب وزير الخارجية الأميركية ريتشارد أرميتاج إنه عندما أعلن في لقاء مع بعض المراسلين العرب أن سوريا أغلقت حدودها مع العراق، "كان ذلك صحيحا، لكن يبدو أن التعليمات لم تصل الى الحدود بسرعة". وتابع في مقابلة مع فضائية "العربية" ان المسؤولين السوريين وفقا لتقارير شبكات التلفزيون أعلنوا أنهم أغلقوا الحدود أمام كل الإمدادات باستثناء الإنسانية منها. أضاف "هذا جيد ويجب أن يستمر، وآمل أن تكون سوريا قد استمعت الى الرسالة".
مشروع محاسبة سوريا:
وجاءت هذه التحذيرات متزامنة مع إعادة احياء قانون معاقبة سوريا في الكونغرس حيث أعلن النائب الديموقراطي ايليوت اينغل ورئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط ايليناروس ليتنن (جمهورية)، عن عزمهما طرح مشروع "قانون محاسبة سوريا" للتصويت عليه في اللجنة الفرعية، كخطوة أولى نحو تمرير هذا القانون، الذي سيفرض عقوبات جديدة على دمشق، "إلا إذا أوقفت دعمها للإرهاب وانسحبت من لبنان، وتوقفت عن تطوير أسلحة الدمار الشامل".
وتكمن أهمية مشروع القرار هذا هو انه سيكون في حال تمريره ملزماً للرئيس جورج بوش، وسوف يصبح ساري المفعول إلا إذا قرر بوش استخدام حق النقض (الفيتو) ضده. وفي حال موافقة اللجنة الفرعية على مشروع القرار، عندها ينقل الى لجنة العلاقات الدولية الأوسع. وإذا وافقت عليه هذه اللجنة، عندها يصبح إقراره من قبل أعضاء المجلس شبه مؤكد.
ومن المتوقع ان تقوم عضو مجلس الشيوخ الديموقراطية بربارة بوكسر والسناتور الجمهوري ريك سانتوروم بطرح الموضوع على اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في مجلس الشيوخ. وقبل انتهاء دورة الكونغرس الأخيرة في السنة الماضية، كان قد وقّع على مشروع القانون 172 عضوا في مجلس النواب من أصل 435 و45 سناتوراً من أصل مئة في مجلس الشيوخ، وهي نسب عالية.
ونقلت صحيفة "السفير" اللبنانية عن مصادر مطلعة في الكونغرس قولها ان اينغل وروس ليتنن يعتقدان ان الحكومة الأميركية التي عارضت تمرير مشروع القانون في السنة الماضية، لن تعارض تمريره هذه المرة. وأضاف مصدر مطلع في الكونغرس "إذا نظرت إلى تصريحات باول ورامسفيلد وبولتون وولفوويتز، يصبح من المؤكد ان الحكومة لن تكون في وضع يسمح لها بوقف تمرير القانون في الكونغرس".
وكان المصدر بذلك يشير إلى التصريحات المتشددة التي أدلى بها مؤخرا وزيرا الخارجية والدفاع كولن باول ودونالد رامسفلد ونائبه بول وولفوويتز، وجون بولتون المسؤول عن ضبط الأسلحة في وزارة الخارجية، وهي تصريحات وجهت اتهامات واضحة لسوريا بدعم العراق عسكريا، مع ان سوريا نفتها بشدة. وأشارت مصادر حكومية إلى أن "المناخ العام" في واشنطن سيجعل من الصعب على وزارة الخارجية وقف "هذا القطار المسرع"، وأشارت إلى أن السجال العلني بين الحكومتين في الأسابيع الأخيرة غير مشجع على الاطلاق.
وأعلن اينغل وروس ليتنن في مؤتمر صحافي أمس عن خطوتهما، وربطاها بالحرب ضد العراق، وقال اينغل "الآن وبعد هزيمة نظام صدام حسين، حان الوقت لأميركا لأن تتصرف بجدية تجاه سوريا" وتابع ان قانون محاسبة سوريا هو "خطوة أولى لمعالجة الدور السوري التخريبي في الشرق الأوسط. يجب على الولايات المتحدة ألا تتسامح مع استمرار سوريا في دعمها للتنظيمات الإرهابية المميتة في العالم، ومع تطويرها لأسلحة الدمار الشامل واحتلالها للبنان".
وأضاف اينغل ان "المعادلة تغيرت" بعد هجمات أيلول/سبتمبر 2001 حيث لم تعد الولايات المتحدة قادرة على تجاهل دول مثل سوريا "توفر الملجأ للإرهابيين وتحتل دولة مجاورة" وتابع "على أميركا ان تبعث برسالة الى سوريا بأن سياساتها يجب ان تتغير، وقانون محاسبة سوريا هو قانون مدروس ومحاولة مباشرة لتصحيح سلوك نظام الأسد".
وأضاف اينغل "لقد حان الوقت للحكومة وللكونغرس لاتخاذ موقف قوي من عضو بارز على قائمة الدول التي ترعى الإرهاب التي وضعتها وزارة الخارجية. وعلى سوريا ان تنسحب من لبنان، وان تطرد الإرهابيين وأن تتوقف عن تطوير أسلحة الدمار الشامل. وقانون محاسبة سوريا هو الخطوة الأولى الصحيحة".
الموقف السوري:
في دمشق قالت وكالة الأنباء السورية، ان الرئيس السوري بشار الأسد دعا خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، إلى انسحاب القوات الأميركية والبريطانية من العراق للسماح لهذا البلد بتقرير مصيره. وأكد الأسد لأنان ان "الطريق الوحيدة لبناء مستقبل أفضل للشعب العراقي هي من خلال انسحاب قوات الاحتلال كي يتمكن الشعب العراقي من تقرير مصيره ومستقبله".
وأضاف الأسد ان سوريا الدولة غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن "ستبذل قصارى جهدها إقليمياً ودولياً من أجل مساعدة الشعب العراقي لتجاوز محنته والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه".
وذكر الأسد ان سوريا "وقفت ضد الحرب اللامشروعة".
من جهة أخرى، تلقى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع اتصالاً هاتفياً من نظيره البريطاني جاك سترو أكد له فيه "عدم تأييد بلاده للاتهامات التي يوجهها بعض المسؤولين الأميركيين لسوريا"، مذكراً بأن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير سيرسل مبعوثاً خاصاً لدمشق حاملاً رسالة للرئيس الأسد حول "حرص الحكومة البريطانية على استمرار الحوار مع سوريا بما فيه مصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة". واكد السفير السوري في واشنطن رستم الزعبي الجمعة ان سورية تتعرض إلى حملة منسقة من قبل الولايات المتحدة و"اسرائيل". وقال الزعبي في حديث صحافي بدأت الاتهامات من مكتب رئيس الحكومة "الاسرائيلية" عندما اتهم النظام العراقي بانه خبأ أسلحة دمار شامل في سورية.
وقال في 28 آذار/مارس سمعت تصريحا لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفلد يكرر فيه الاتهامات نفسها ويقول بأن سورية سهلت إرسال معدات عسكرية إلي العراق بما فيها مناظير ليلية، مضيفا لم يدهشني هذا التصريح فقد قرأت في اليوم نفسه هذه الاتهامات في صحيفة هآرتس الإسرائيلية قبل ساعات من تصريح رامسفلد. الموقف الروسي : وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس معارضته لممارسة ضغوط خارجية محتملة على سوريا. وردا على سؤال حول هجوم عسكري محتمل على سوريا، قال بوتين إن "المستشار (الألماني غيرهارد) شرودر قال اليوم إن تغيير النظام يفترض أن يأتي من الشعب الخاضع هو نفسه لهذا النظام".
***
(5)
البيت الأبيض: سوريا دولة مارقة وإرهابية
وزير الخارجية الأميركي يصعد من لهجة بلاده حيال دمشق، وواشنطن تفكر في فرض عقوبات على سوريا
(ميدل ايست اونلاين) الاثنين 14 إبريل 2003 – 12 صفر 1424هج واشنطن – اعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول اليوم الاثنين ان الولايات المتحدة تفكر في فرض عقوبات على سوريا نتيجة موقفها في حرب العراق فيما وصف البيت الابيض هذه الدولة بانها "دولة مارقة (…) ارهابية". وقال باول متوجها الى الصحافيين ان واشنطن "ستبحث في اجراءات محتملة سواء دبلوماسية او اقتصادية او غيرها" ضد دمشق. وتابع باول انه "يامل ان تدرك سوريا واجباتها في المحيط الجديد" الناتج عن سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين. ومن جهته اعلن الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر ان "سوريا دولة ارهابية، تؤوي ارهابيين" مضيفا ان "سوريا هي فعلا دولة مارقة وذلك محدد من جراء ادراجها على لائحة الدول الارهابية التي وضعتها وزارة الخارجية". وتابع باول الذي كان يتحدث الى الصحافيين في ختام لقاء مع وزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية الشيخ محمد الصباح انه "على اتصال مع السلطات السورية، وسنرى كيف ستسير الامور". وحذر باول دمشق من ايواء قادة عراقيين تلاحقهم القوات الاميركية. ومن جانبه قال فلايشر "هل تعتقدون اننا سندعي عدم رؤية ذلك، هل تعتقدون اننا سنتجاهل ذلك؟". واعلن باول ايضا ان "سوريا مدركة لقلقنا في مجال اسلحة الدمار الشامل والانشطة الارهابية". وقال ان دمشق اعطت ضمانات مؤخرا حول اغلاق حدودها مع العراق مؤكدا في الوقت نفسه انها "حدود يمكن اختراقها" من خارج الطرقات الرئيسية. وعبر الرئيس الاميركي جورج بوش الاحد عن اعتقاده بان سوريا تملك اسلحة كيميائية مصعدا الضغط على هذا البلد الذي تكثف قبل ايام. وقال بوش في تصريحات صحافية "نعتقد، على سبيل المثال، انه توجد اسلحة كيميائية في سوريا". وتاتي هذه التصريحات بعد تصريحات مماثلة لمسؤولين اميركيين خلال الايام الماضية اتهموا سوريا بمساعدة القوات العراقية وتسهيل فرار قادة عراقيين او حتى بدعم مجموعات متطرفة فلسطينية.
***
(6)
التصعيد الأميركي ضد سوريا كان متوقعا.. ماذا وراء التهديدات الأميركية لدمشق؟
محللون يرون أن هدف واشنطن يتمثل في إخضاع سوريا في ملف الشرق الأوسط باعتبارها آخر القلاع الصامدة بعد سقوط بغداد وتحييد القاهرة وعمان.
(ميدل ايست اونلاين) الثلاثاء 15 إبريل 2003 – 13 صفر 1424هج دمشق – اعتبر عدد من المحللين ان الهدف من التهديدات الاميركية بفرض عقوبات على دمشق هو "تحييد" سوريا، آخر بلد عربي مجاور لاسرائيل يواصل اتباع سياسة حازمة في عملية السلام في الشرق الاوسط. يقول المحلل السوري والبرلماني السابق ياسر نحلاوي "نحن الان امام خريطة جديدة رسمت او ترسم للمنطقة تقوم على نوع من الاتفاق" بين الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير ورئيس حكومة اسرائيل ارييل شارون. وتتهم الولايات المتحدة سوريا بامتلاك اسلحة كيميائية وبأنها سهلت لجوء المسؤولين العراقيين الى اراضيها وقامت بتنظيم توجه المتطوعين العرب الى العراق لمقاومة قوات التحالف. وتدفع هذه الاتهامات الخطيرة بالتفكير الى ان دمشق ستكون الضحية المقبلة لنتائج عملية الدومينو (التداعي) التي تتبعها واشنطن لاعادة تشكيل منطقة الشرق الاوسط بعد سقوط بغداد. ويؤكد النحلاوي ان الولايات المتحدة تسعى، عبر تهديد سوريا لتدخلها المفترض في العراق، الى دفع دمشق لتقديم تنازلات هامة في ملفات رئيسية في الشرق الاوسط بدءا من ملف الصراع العربي-الاسرائيلي. وما ان انتهى الجزء الاكبر من العمليات العسكرية في العراق حتى اسرعت اسرائيل الى تقديم مطالبها. فقد دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الولايات المتحدة الى "ممارسة ضغوط قوية جدا على سوريا" وطالب واشنطن بتقديم "لائحة مطالب" الى دمشق وذلك في حديث نشرته اليوم الثلاثاء صحيفة "يديعوت احرونوت" وتشمل المطالب الاسرائيلية تفكيك المنظمات الفلسطينية التي تتخذ مقرا لها في دمشق مثل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والجهاد الاسلامي، وقف "التعاون" مع الجمهورية الاسلامية في ايران التي تدعم حزب الله اللبناني الشيعي الذي اجبر قوات الاحتلال الاسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان في ايار/مايو عام 2001. ويقول محلل عربي آخر ان سوريا هي "اخر معقل " في مواجهة اسرائيل. ويضيف المحلل الذي طلب عدم الكشف عن هويته "على مر السنين تم تحييد دول عربية مجاورة لاسرائيل: اولا مصر والاردن بتوقيعهما اتفاقات سلام مع اسرائيل، ثم حاليا العراق باستخدام القوة". ويعتبر هذا المحلل ان صقور البيت الابيض، الذين خططوا للحرب على العراق، يرون في نظرية الوحدة العربية ونظام آيات الله "الد الاعداء". ويضيف "انهم يعتقدون ان سقوط النظام البعثي في العراق يضعف نظام البعث في سوريا". وتصاعد التوتر في الأسابيع الماضية بين دمشق وواشنطن ليبلغ ذروته مع دخول الرئيس الاميركي على خط التهديدات وتحذيره سوريا من امتلاك أسلحة كيميائية. وقد اثار هذا الاتهام خشية دمشق خاصة وان واشنطن شنت حربها على العراق بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل. ورأت صحيفة السفير، المقربة من الاوساط السورية الرسمية، الثلاثاء "ان سوريا ولبنان دخلا، مع سقوط بغداد الفجائي، في واحدة من اخطر مراحلهما على الاطلاق". وأشارت إلى "ان دمشق تتعاطى في هذه المرحلة بجدية فائقة مع التهديدات الاميركية". وكتبت "اعتبرت القيادة الدمشقية ان انتصار (الولايات المتحدة) من دون قيد او شرط سيؤدي الى المطالبة لاحقا بكل أوراق القوة الدمشقية (…) مما دفعها لاحقا الى دعم مقاومة الشعب العراقي للغزو الأميركي على اعتبار ان الصمود في بغداد سيشكل كاسحا يحول دون اندفاعة واشنطن الى الشام".