منصور الجمري
تسلّم جلالة الملك التقرير النهائي للجنة الوطنيّة المعنيّة بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق، أمس الثلثاء (20 مارس/ آذار 2012)، وأشار العاهل في خطابه إلى إقدام القيادة السياسية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بقبول تقرير لجنة تقصّي الحقائق التي رأسها محمود شريف بسيوني، والآن وبعد مُضيّ أربعة أشهر على ذلك التقرير تُقدِّم اللجنة الوطنيّة تقريرها بشأن ما تمَّ إنجازه.
تقرير بسيوني فتح ملفاً كبيراً في تاريخ البحرين، وهذا الملف يحتاج إلى إغلاق بطريقة مُرضية، ويأتي تقرير اللجنة الوطنيّة التي أشرف عليها رئيس مجلس الشورى علي الصالح لعبور الخطوة المطلوبة تاريخيّاً وإنسانيّاً وقانونيّاً نحو بحرين أفضل.
العاهل قال أمس «تعهَّدنا منذ استلام تقرير لجنة التقصّي في نوفمبر بعدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة»، وأكد على «أهمية إنجاز القضايا كافة التي تتعلق بحرّية التعبير دون تأخير لا لزوم له»، و «نريد لشعبنا أن يشعر بالتغيير الحقيقي والملموس الذي تعكسه الإصلاحات في حياتهم»، وأنّ «المسئولية الوطنيّة تقع على عاتق الأطراف كافة، وليس على السلطة التنفيذية وحدها»، مُجدِّداً العزم على السير في طريق الإصلاح، وأنّ أبواب الحوار «كانت وستظل مفتوحة».
وجهة النظر الناقدة لتقرير اللجنة الوطنيّة الذي صدر أمس تشير إلى أنّ اللجنة التي عقدت خلال أربعة أشهر 18 اجتماعاً كاملاً لأفرادها، و23 اجتماعاً فرعياً و3 اجتماعات مع خبراء دوليين، واستقبلت بسيوني في اجتماعين منفصلين، ركزت على الجوانب الإجرائية، وعلى إعادة هيكلية جزئية هنا وهناك، وعلى طرح برامج تدريبية وتثقيفية عن حقوق الإنسان وكيفية التعامل مع أحداث مشابهة لما حصل في 2011.
هذه الإصلاحات الإجرائية، والتغييرات الهيكلية الجزئية، والبرامج التدريبية – التثقيفية جميعها مهمة، ونحتاجها على أي حال، ولكنها لا يمكن أن تؤدي بمجملها إلى الحوار الوطني المفضي إلى مصالحة شاملة كاملة. إنّ ما لدينا من تناقض بين وجهات النظر الرسميّة والمعارضة يشبه قطارين كانا يسيران على نفس السكة ولكن في اتجاه معاكس، وقد اصطدما بشكل مفجع في 2011. وعليه فإنّ الحل ليس في تصليح العربات المكسرة وصبغها بلون مختلف ومن ثم إعادة تثبيتها على سكة القطار نفسها لكي تتحرك وتنطلق العربات بشكل متناقض مرة أخرى. وعليه فلا داعي لأن نخشى من السياسة التي تهدف إلى إدارة التناقضات والخلافات بما يحفظ سيادة بلادنا وحقوق جميع المواطنين من دون تفريق.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.