منصور الجمري
إحدى الظواهر التي برزت بعد أحداث العام الماضي، هي أن بعض الجماعات اعتبرت أن البلاء الذي حلّ بغيرها إنما هو أيضاً «فرصة العمر» للاستحواذ على المغانم، وتغيير معالم كل شيء، بحيث لو عادت الأمور في يوم من الأيام إلى وضع تصالحي تكون الطيور قد طارت بأرزاقها ولا يبقى إلا الفتات، هذا إذا تبقى فتات هنا أو هناك.
حاليّاً، فإن إحدى العبارات المتداولة «الموقع أصبح مشغولاً»، وهذا الموقع قد يكون المنصب أو المناقصة أو الفرصة أو البعثة أو الترقية أو سفرة عمل أو شيء صغيراً كان أو كبيراً… فكل شيء أصبح مشغولاً، ولا توجد وظائف أو فرص شاغرة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن جزءاً من المطالب المطروحة يتعلق بالعدالة الاجتماعية؛ فإن الوضع الحالي لا يبشر بتحقيق حتى الوضع غير الصحيح الذي كان سائداً في فبراير/ شباط 2011.
البحرين تتغير بشكل جذري، إذ تكاد تختفي حاليّاً فئة من المجتمع من واجهة البحرين الرسمية، بل حتى الزوايا الصغيرة التي تحتوي على تنوع مجتمعي أصبحت الآن قليلة وهي ربما في طريقها إلى الزوال، والهدف ربما هو تحويل البحرين إلى لون واحد، أو إلى مجموعة من الألوان شريطة أن يختفي مكون رئيسي من الصورة البحرينية الرسمية أينما وجدت.
إذا استمر هذا الوضع، فإنه وعلى المدى البعيد، قد ترزح البحرين تحت وطأة «طبقة سياسية دائمة»، و«طبقة اقتصادية دائمة» ومثل هذه الطبقة يتم تسميم بيئتها بحيث لا تفسح المجال لتواجد ما ينافسها من أي فئة أو جماعة طالبت أو ستطالب بشراكة في القرار أو بإصلاحات أو بعدالة اجتماعية أو بشفافية اقتصادية. والغريب أيضاً، أنه وكلما ازدادت المطالبات بالإصلاح ازداد الاستحواذ على كل شيء تشرق عليه الشمس أو مخبّأ في الظلام.
يرافق هذه الحركة الاستحواذية المتواصلة إنفاق كميات غير محدودة من المال على شركات العلاقات العامة وعلى خبراء من كل حدب وصوب، للإيحاء بأن هناك نوايا واستعدادات لتنفيذ توصيات تصحيحية أو إصلاحية… وفي الوقت الذي أرحب شخصيّاً بكل هذه النشاطات، إلا أننا نرى استمراراً في جهود لا تتوقف من أجل «التحويش» على كل شيء وإقصاء «الآخر».
إن «ما بُني على باطل فهو باطل»، وإيماننا عميق بأن مجتمع البحرين المتنوع لا يستطيع أن يستغني عن أي مكون من مكوناته، وأن جماعات المغانم، ومعهم جماعات الكراهية، لن يفلحوا فيما يقومون به، لأنه مخالف لمتطلبات الحياة الإنسانية الكريمة.