بطلب من «العمال» الذين رفضوا التصديق على تقرير اللجنة الثلاثية
الوسط – هاني الفردان
يزور البحرين خلال الفترة من 28 فبراير/ شباط وحتى الثاني من مارس/ آذار المقبل وفد من منظمة العمل الدولية للاطلاع عن قرب على آخر مستجدات وتطورات عودة المفصولين بسبب الأحداث التي شهدتها البحرين العام الماضي لأعمالهم.
وتأتي الزيارة نتيجة لطلب فريق العمال (الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين) من المنظمة في خطاب رسمي بإرسال خبراء لمراقبة عملية إرجاع المفصولين، وذلك بعد أن نشب خلاف كبير بين الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ووزارة العمل على صيغة تقرير اللجنة الثلاثية (وزارة العمل، اتحاد النقابات، وغرفة التجارة والصناعة) والمشكَّلة بقرار من منظمة العمل الدولية لمتابعة قضية المفصولين.
وسيتركز عمل اللجنة على تقديم الاستشارات القانونية والفنية للجنة الثلاثة، إذ أعطت المنظمة الحق لأي من الأطراف الثلاثة طلب مثل هذا النوع من الدعم، في حال وجود تعثر في العملية.
وقد أدرج مجلس إدارة منظمة العمل الدولية القضية المرفوعة ضد حكومة البحرين على مشروع جدول أعماله للدورة (313) التي ستعقد في مارس/ آذار المقبل.
وسينظر مجلس إدارة المنظمة العمالية الدولية في اجتماعاته التي ستبدأ من 15 ولغاية 30 مارس قضية انتهاك حكومة البحرين للاتفاقية (111) المعنية بحظر التمييز في الاستخدام والمهنة.
وسيتابع مجلس الإدارة الخطوات التي قامت بها اللجنة ثلاثية الأطراف التي قرر تشكيلها في مؤتمر العمل في دورته الماضية بشأن قضية المفصولين.
وكان مجلس إدارة المنظمة قد توافق بشأن قضية التسريحات العمالية في البحرين على تشكيل لجنة ثلاثية (الحكومة، العمال، أصحاب الأعمال) لبحث حالات الفصل التي تعرض لها العمال خلال الأحداث الأخيرة، على أن ترفع اللجنة تقريرها لمجلس الإدارة لمناقشته في دورته المقبلة المزمع عقدها في مارس 2012.
ونظر مجلس إدارة منظمة العمل يوم الخميس (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) شكوى قدمتها نحو 12 منظمة عمالية ضد الحكومة البحرينية، بشأن «عدم تقيد البحرين باتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة، 1958 (رقم 111)».
ومن المزمع أن ينفذ المفصولون عن العمل عدداً من الفعاليات تزامناً مع زيارة الوفد للبحرين، وخصوصاً أن المفصولين هددوا في اعتصاماتهم الأخيرة برفع شكاوى فريدة وبشكل مباشر على وزارة العمل وشركات القطاع الخاص ومؤسسات الدولة إلى منظمة العمل الدولية.
وقال الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين السيدسلمان المحفوظ: «إن أمل الاتحاد كان كبيراً في اللجنة ثلاثية الأطراف، التي تأسست بقرار من مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، إلا أن أملنا تبدد نتيجة للتلاعب بالأرقام والانفراد من قبل وزارة العمل بالتقرير»، مؤكداً أن الاتحاد طلب من منظمة العمل الدولية انتداب مندوب عنه ليحضر اجتماعات المنظمة، ومراقبة أدائها والاطلاع على حقيقة الأرقام وأعداد المفصولين».
وأضاف المحفوظ «إن قدوم وفد منظمة العمل الدولية للبحرين بدءاً من الثلثاء لمعرفة سير عملية إرجاع المفصولين وأداء اللجنة الثلاثية قد جاء بناء على طلب الاتحاد العام بعدما تعثرت عملية الإرجاع وبرزت عدة تعقيدات بسبب الشروط التي تصر عليها الشركات ويصر المفصولون على رفضها خاصة بعد أن تبين للجميع عدم قانونية الفصل والتسريح والذي اعتبره تقرير لجنة تقصي الحقائق جاء على خلفية الرأي والتعبير وهو ما أقرت به وزارة العمل أيضاً».
وأشار المحفوظ إلى أن قبول جلالة الملك بتقرير تقصي الحقائق وما جاء فيه والتأكيد على تنفيذ توصياته كفيل بدفع عجلة إرجاع المفصولين بسرعة ودون الحاجة إلى التأخير والتلكؤ وكفيلة بأن تجعل من الحل سهلاً وبحرينياً ولكن وللأسف الشديد فإن هناك من لا يريد خيراً لهذا البلد وكان من اللازم احترام حق الإنسان الذي كفله الدستور واحترام الشراكة الاجتماعية دون الحاجة إلى التعالي على المبادئ.
وقال الأمين العام «نحن كنا نأمل خلال الشهور الماضية في حل داخلي من خلال اللجنة الثلاثية لكن في كل مرة يتقدم الحل قليلاً تبرز تعقيدات جديدة تعطل الحل وتضع العصي في عجلة الإرجاع ويتكرر الحديث عن تحويل القضايا إلى المحكمة وهو ما لا نقبله كاتحاد عام فنحن نريد حلاً خارج الأطر التقليدية الطبيعية للمشكلة لأن الفصل أصلاً كان خارج هذه الأطر».
وبين المحفوظ أن التعامل الإجرائي مع فصل غير قانوني وغير عمالي فصلٌ تم على أساس الرأي والتعبير كما أوضحه رئيس لجنة تقصي الحقائق في تقريره الذي سلمه لجلالة الملك قبل أربعة أشهر واعترف به الجميع هو تمييع للقضية وعدم التعامل بمسئولية مع القضية.
وقال الأمين العام «إننا كاتحاد عام نقول لمن يتحدث عن مهلة السنة القانونية لتحويل قضايا الفصل للمحكمة إننا لا نقر بقانونية المهلة، فنحن نتحدث عن انتهاك لحقوق الإنسان أقره تقرير لجنة تقصي الحقائق والذي كانت مهمة لجنته محصورة في التعرف على مواطن الخلل والانتهاك في جميع الإجراءات التي طالت الناس على خلفية أحداث فبراير ومارس 2011 وتداعياتها بما فيها عمليات الفصل والتوقيف من العمل».
وأضاف «هناك أوامر وتوجيهات من القيادة السياسية وأعلى سلطة، فالسؤال الذي يفرض نفسه من هو المعطل والمعرقل في تنفيد هذه الاوامر وخاصة أننا نشهد بطئاً في عودة المفصولين من الشركات المملوكة كلياً أو جزئياً للحكومة فكيف بالشركات الخاصة وغير الحكومية والتي يقارب عدد المفصولين فيها إلى نحو 800 مفصول».
وأكد الأمين العام أن الاتحاد العام يصر على حل قضية المفصولين بعيداً عن التحويل إلى المحاكم، مشدداً على أن تصحيح الانتهاكات يتم بقرارات حكومية ولهذا أنشئت بأمر ملكي لجنة متابعة تنفيذ التوصيات، وليس بإحالات إلى المحاكم.
وتساءل الأمين العام عن سبب التسويف والتمطيط في حل الملف وقد بذلنا كل ما في وسعنا ولانزال لإغلاق هذا الملف وحيث وجد العامل في نفسه قبولاً لبعض ظروف وشروط الإرجاع لم نمنعه ولم نحل بينه وبين لقمة عيشه وقوت أطفاله فليس لدينا أولوية أهم من أن ينال كل إنسان رزقه ويعود كل إلى مكتبه ومصنعه ليمارس عمله كما أراد جلالة ملك البلاد ومازلنا نسير في هذا الطريق وبوصلتنا مصلحة الوطن العليا وحقوق العمال وكرامتهم. وقد قلناها سابقاً ونقولها اليوم مجدداً إننا نختلف مع سياسات وآليات عمل وهي محط نقاش ولا نختلف مع أشخاص.
ودعا المحفوظ أرباب العمل في القطاعين العام والخاص لكي يتطابقوا في عملهم مع التوجيهات والأوامر التي تعلنها القيادة السياسية وعلى رأسها التوجيه بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق وخاصة ما ورد في رسالتي نائب رئيس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة والتي نشيد بها لما فيها من تأكيد على حفظ حقوق العمال ومكانتهم الوظيفية لكن ما نلحظه هو مخالفة هذه التعليمات.
وقال الأمين العام «تصلنا معلومات عن أنه لدى الشركات قوائم معينة يستثنى منها كثير من المفصولين بذرائع شتى وقال نخشى أن ننتهي من معضلة الشروط لنفاجأ بمعضلة الاستثناء وهي أسوأ وأشد فكيف بعد كل هذه الجهود والتوجيهات والوعود من الحكومة ووزارة العمل وبعد كل الجولات من التفاوض التي خاضها الجميع مع جهات العمل يتم الاتصال بجزء يسير من المفصولين ويبقى البعض الآخر على جمر الانتظار دون معرفة مصيره. الأمر الذي لا ينسجم مع الأوامر بإغلاق الملف حيث إن بقاء عدد ما خارج الوظيفة يجعل من الملف مفتوحاً».
ورأى المحفوظ أنه من الأمور المحزنة حقاً أن يتم فصل العمال تحت ذرائع مختلفة ظاهرياً مثل انتهاء العقود أو مثل عدم وجود عمل بينما السبب الأصلي والخفي هو حرب التجويع الخفية تارة والمعلنة أخرى على خلفية الرأي والتعبير.
وقال «ماذا يعني فصل موظفي معهد البحرين للتدريب مثلاً بحجة مخالفات مالية وإدارية دون اتباع إجراءات التحقيق؟ وماذا يعني في حالة انهيار شركة تمثل جزءاً من مجموعة أكبر يتم استهداف مجموعة بالاستغناء وتحويل العمال الأجانب إلى مواقع عمل أخرى في المجموعة؟ وماذا يعني أن يحرم عمال لم يفصلوا أصلاً أو عادوا لتوهم مما يحصل عليه زملاؤهم من علاوات ومكافآت؟ وماذا يعني ركن بعض العمال العائدين على رف الانتظار لوظائف قد تأتي وقد لا تأتي؟ وماذا يعني إبقاء بعض المرجعين في القطاع الحكومي مهمشين دون احترام لخبرتهم وكفاءتهم ومؤهلاتهم؟»