منصور الجمري
لفتت انتباهي تغريدة للباحث المتخصص في الشرق الأوسط «مارك أوين جونز»، قال فيها إنه «لا يمكن إصلاح الشرطة في البحرين من دون إصلاح سياسي». وهذا الكلام صحيح، ولو أخذنا، مثلاً، ما حدث في شمال إيرلندا؛ فإن إحدى المشكلات الأساسية كانت تتمثل في أن المواطنين المنتمين إلى المذهب الكاثوليكي كانوا لا يثقون بشرطة إيرلندا الشمالية. وعندما تحركت الإصلاحات السياسية في تسعينات القرن الماضي؛ كان من أهم ما تمّت معالجته هو إعادة الثقة بجهاز الشرطة عبر إصلاحات هيكلية جاءت بموازاة إصلاحات سياسية جذرية.
حاليّاً؛ فإن قوات الأمن العام البحرينية استعانت باثنين من الخبراء؛ أحدهما أميركي والآخر بريطاني، والإصلاحات المتخذة تركز على تطوير قدرات الشرطة الحالية، من خلال مدرعات جديدة تم إنزالها في الشوارع في 14 فبراير / شباط 2012 (قيل إنها تركية الصنع) ومن خلال استخدام كاميرات وطرق جديدة لإخماد الاحتجاجات.
المشكلة الأساسية حاليّاً؛ هي أن قوات الشرطة لا يوجد فيها تمثيل للمواطنين الذين يخرجون في احتجاجات، وهذا الوضع لم يكن موجوداً حتى في تاريخ البحرين. ففي خمسينات القرن الماضي كانت قيادة الشرطة تحتوي على كل فئات المجتمع، مثلاً، فإن علي ميرزا (والد وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا) كان في قيادة الشرطة وهذا يعني أن الشيعة العجم كانوا ممثلين في أعلى الهرم. كما أن الشيعة العرب (البحارنة) كان أحدهم، وهو عبدالكريم سلمان جاسم المنصور، في قيادة الشرطة، وعندما انتقل من المنامة ليعيش في عين الدار (جدحفص) أطلق الناس اسمه على الدوّار الذي لايزال يعرف باسمه «دوّار عبدالكريم».
وعليه؛ فإن الإصلاح الجذري يتطلب وصول كفاءات من جميع مكونات المجتمع البحريني إلى قيادة الأمن العام، وهذه هي الخطوة النوعية التي ستتمكن الحكومة من خلالها أن تصلح الأوضاع؛ لأن مثل هذه الخطوة لابد أنها ستأتي مع خطوات سياسية أخرى تعيد اللحمة بين البحرينيين بصورة فعلية (وليس فقط من خلال الشعارات كما هو الوضع حاليّاً).
إننا بحاجة إلى قوات أمن تمنع تأجيج المواجهة وتلعب دوراً حيويّاً في توفير البيئة الأمنية اللازمة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية في بلادنا، وأن تكون قيادة الشرطة أنموذجاً لكل المجتمع البحريني، تنتمي إليه بصورة واضحة، كما كان الوضع سابقاً، وبذلك يتحوّل قطاع الأمن من مواجهة المحتجين إلى مؤازرة عملية ديمقراطية إصلاحية لتعزيز نظام الحكم وتوثيق العلاقة والشراكة مع المجتمع
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.