تمر اليوم الذكرى الأولى لانطلاقة الحراك الشعبي السلمي في 14 فبراير 2011م، والذي تزامن مع تفجر حالة الثورة في المنطقة العربية، وجاء رداً طبيعياً على الأوضاع السياسية والاجتماعية المضطربة التي عانت منها البلاد، ونظراً لانعدام أفق الإصلاحات السياسية والدستورية الحقيقية.
كان قرار مشاركتنا ودعمنا للحراك الشعبي السلمي ينطلق من قناعات سياسية مبدئية تلزمنا التفاعل مع كل القضايا المرتبطة بمصير شعبنا وبحريته ومستقبله بكرامته، ومساندة كل مطالبة المشروعة والعادلة. هي برزت كعناوين رئيسية لهذا الحراك الجماهيري السلمي كما كفلها الدستور والقانون وكل مواثيق حقوق الإنسان الدولية، ومع هذه المواقف الواضحة والمعلنة أيضاً نعلن إصرارنا على التمسك بوحدتنا الوطنية، وحمايتها من أية مخاطر أو أية محاولة للزج بها في تجاذبات أو صراعات طائفية مقيتة من خلال الإساءة إلى سلمية ومشروعية مطالب شعبنا أو حرف هذه المطالب عن مسارها الوطني، ولأننا واثقون من عدالة وقانونية هذا الحراك السلمي. فقد رفضنا بشكل قاطع السلوك الذي أنتهجته الدولة في التعامل مع كل مظاهر هذا الحراك السلمي عبر الإصرار على الحلول الأمنية والعسكرية، وهو النهج الذي أدخل البلاد في مأزق خطير طال كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، والتي لازالت البحرين تدفع تكاليف حتى الوقت الراهن.
كما كنا على يقين بأن المطالبة بالإصلاح والتغيير كان يمكن أن يقود البلاد إلى نقله نوعية وجدية في إصلاح النظام السياسي في البلاد، دون الحاجة إدخال البلاد في الحالة المأساوية التي وصلت إليها بضياع هذه الفرصة التأريخية، وكان من أهم أسباب الأستنفار والتجاذب الطائفي الذي أخذ مساراً خطيراً بالإضافة إلى تحفيز المخاوف والهواجس الطائفية وافتعال بعض الأحداث والمصادمات في محاولة لإطفاء الطابع المذهبي على الصراع السياسي، حيث لعب الإعلام الرسمي دوراً خطيراً في هذا المجال، دون أن نتجاهل بالطبع الأخطاء التي وقعت بها بعض القوى المشاركة في هذا الحراك، وهي التي قدمت المبررات الكافية لتشويه الحراك الشعبي وطنياً وأخلاقياً وكذلك القيام بحملة قمعية شرسة ضد القوى المعارضة وضد كل القوى والأفراد الذين شاركوا في الانتفاضة الشعبية ، الأمر الذي أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى والعشرات من السجناء والضحايا والمفصولين بعد إعلان حالة السلامة الوطنية وقطع الطريق على الحل السياسي الذي وفرته مبادرة سمو ولي العهد، الأمر الذي مثل السبب الأبرز في القضاء على فرصة إجراء حوار حقيقي يخرج البلاد من أزمتها الخطيرة والمستعصية.
واليوم بعد مرور عام على هذا الحراك السلمي، ومع استمرار حالة التصعيد السياسي والأمني، فأننا مطالبون كقوى سياسية التأكيد على مواقفنا انطلاقاً من ثوابتنا الوطنية واستخلاص الدروس من التجربة القاسية والمريرة التي مررنا بها ولازالت جراحها تنزف، ولازال الوطن يدفع أثمانها الباهظة.
مع تجدد طرح مسألة الحوار الوطني الذي كنا ولازلنا من الداعين إليه باعتباره خياراً استراتيجياً وطريقاً وحيداً لمواجهة الأزمات فأن التجمع القومي الديمقراطي يؤكد مايلي:
§ رفض الحلول الأمنية بصورة مطلقة في معالجة الأزمة الراهنة، والتأكيد على الخيار السياسي كونه الحل الأمثل والأسهل للوصل إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي.
§ رفض أي تصعيد سياسي غير محسوب ورفض كل التحركات التي تحمل طابع العنف والحرق أو اللجوء إلى استخدام الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وقطع الشوارع والتمسك بالتحرك السلمي كخيار استراتيجي ورفض الانسياق مع الدعوات الرامية إلى إدخال البلاد في دائرة العنف والفوضى التي تخدم مصالح بعض القوى المتنفذة وأهدافها الغير المشروعة.
§ التمسك بالحوار الوطني كنهج ثابت مع أهمية التوافق على مضمون هذا الحوار وعلى آلياته وكذلك الانفتاح على كل القوى والتيارات السياسية، مع رفضنا لكل سياسات الفرز أو الشحن الطائفي وكل الحلول التي تعتمد المحاصصة الطائفية وذلك انطلاقا من أن الحوار الوطني الديمقراطي والتوافق هو النهج الصائب لإدارة الخلافات والصراعات السياسية والوصول إلى توافقية حول كل القضايا والملفات الدستورية والسياسية وغيرها من القضايا التي تلقي بظلالها على الأوضاع في البلاد.
§ أننا نطالب الدولة بضرورة بتهيئة الأجواء اللازمة والمساعدة على السير في طريق الحوار والحلول السياسية وعودة المفصولين إلى أعمالهم وتعويض كل المتضررين مع محاسبة جميع المسؤولين على أعمال القتل والانتهاكات التي حصلت.
§ مطالبة كل القوى والأطراف بمراجعة مواقفها وتجاوز كل السلبيات والأخطاء سواء في الشعارات المطروحة أو بعض التحركات التي تشوه الحراك السلمي وتمثل نقاط ضعف فيه.
§ التمسك بمبدأ المواطنة وقيام دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين كشركاء في الوطن دون أي تمييز أو تفرقة بسبب المذهب أو العرق، وهذا يستدعي معالجة الأزمة من جذورها وعدم الاكتفاء بأنصاف الحلول التي تفاقم الأزمة، وأولى الخطوات المطلوبة في هذا الاتجاه إدخال تعديلات جوهرية وأساسية على دستور 2002م بما يحقق وجود مجلس منتخب بكامل الصلاحيات وينفرد بالتشريع والرقابة مع وجود حكومة تمثل الإرادة الشعبية عبر نيل الثقة من البرلمان وخضوعها للمحاسبة والاستجواب .
التجمع القومي الديمقراطي
14 فبراير 2012م