بيان قوى المعارضة السياسية في ختام المسيرة الجماهيرية
"صرخة شعب" التي انطلقت من منطقة جدحفص إلى الشاخورة
الأثنين 13 فبراير 2012
يحتفي الشعب البحريني وقواه السياسية المعارضة بذكرى مرور عام على انطلاقة الحركة المطلبية الشعبية المباركة في الرابع عشر من فبراير، مجددا العزم والإصرار على الاستمرار في النضال الدؤوب لتحقيق المطالب المشروعة التي قدم من أجلها التضحيات الجسام.
بعد عام على هذه الحركة المباركة، نترحم على شهدائنا الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة ارض البحرين وترابها مجسدين بذلك أروع صور التضحية والفداء لله والوطن والمبادئ الوطنية الجامعة الراسخة في جذور ارض بلادنا ومن أجل عزة كل أبنائها بغض النظر عن دينهم ومذهبهم ومعتقدهم السياسي. إن لهم ولذويهم علينا حق، وواجب علينا أن نرفع من شانهم بالسير على درب المبادئ التي استشهدوا من أجلها، فلولا هذه الدماء الطاهرة لما تمكنت الحركة المطلبية من الصمود في وجه اعتى آلات القمع والترهيب والغدر التي مارستها السلطات واستخدمت كل وسائل القرون الوسطى ظلامة وأكثر..فقتلت واعتقلت وعذبت واعتدت على الآمنين وحرقت المنازل والجمعيات وشكلت لها ميليشيا البطش والاختطاف وانتهاك الحرمات، لدرجة لم يعد احد من أصدقائها قادرا على الدفاع عنها، ولم تتمكن شركات العلاقات العامة الدولية التي تستنزف ملايين الدنانير من تلميع الأفعال السوداء التي ارتكبتها السلطات في مختلف المناطق وطوال عام على الحركة المطلبية المباركة.
شعبنا المناضل،،،
نحيي الذكرى الأولى لحراكنا الشعبي الذي أطلقه شباب وشابات البحرين ودعوا له واعتصموا في دوار اللؤلؤة لمدة شهر وقدموا الشهداء والجرحى على ترابه، في وقت كانت البلدان العربية تدخل مرحلة جديدة..مرحلة الربيع العربي وعصر الجماهير التواقة للحرية، والتي امتد هدير صرخاتها على امتداد الخارطة العربية، بعد أن نفض المواطن العربي من المحيط إلى الخليج هواجس الرعب والخوف من أجهزة القمع، وقدمت هذه الشعوب آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين على مذبح الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والانتقال من عقلية الرعية إلى الحق الأصيل في المواطنة المتساوية بين جميع فئات الشعب ودون تمييز بين أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن انتمائهم القبلي والعائلي والمذهبي والسياسي، مطالبين بالشراكة السياسية غير المنقوصة في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في هذه الوقفة نحيي أبناء شعبنا، ونخص بالذكر المرأة البحرينية الأبية التي وقفت ولاتزال تقف صامدة في وجه أجهزة وآلات القمع الهمجية، مرفوعة الرأس رغم محاولات تنكيس وتدنيس عزتها وكرامتها، فقدمت الشهيدات إلى جانب أخيها الرجل، ودخلت السجون والمعتقلات ولاقت أصناف مرعبة من التعذيب الجسدي والنفسي، وتم فصلها وإيقافها عن العمل وحوصرت في منزلها وواجهت الاعتداءات بصبر واحتساب.
إن القوى السياسية المعارضة (الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي، والإخاء)، وهي تحيي صمودكم وصبركم وإصراركم على إحياء الذكرى الأولى ل14 فبراير، والمضي قدما حتى تحقيق المطالب المشروعة، تجدد تمسكها بالمطالب التي رفعها تحالف الجمعيات السياسية السبع، وتؤكد على:
أولا: إن ما يجري في البحرين هو جزء لايتجزأ من انتفاضة الشعوب العربية ضد القمع والدكتاتورية والفساد الإداري والمالي والتمييز الطائفي والمذهبي والقبلي وانتهاكات حقوق الإنسان واستباحة القوانين المحلية والدولية وتحويل بلداننا إلى مزارع خاصة تتحكم فيها قلة على حساب باقي المواطنين. وان الأزمة في البحرين هي أزمة سياسية دستورية بامتياز، وقد عملت السلطات على تحويلها إلى احتقان طائفي بافتعال مناوشات خططت لها لتحرف طبيعة الصراع السياسي ولوصم الحركة المطلبية بالطائفية، وقد فشلت بشهادة من جلبتهم من خبراء ولجان تقصي حقائق وبشهادة المنظمات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة.
ثانيا: إن التمسك بسلمية الحراك السياسي ليس تكتيكا مؤقتا، بل هو إستراتيجية تسير عليها قوى المعارضة السياسية وتدافع عنها، وترفض حرف هذا الصراع إلى مواجهات أمنية سعت السلطات إلى اختلاقها، في محاولة لصرف الأنظار عن جوهر الأزمة، وسعيا منها لتقطيع الوقت والتسويف والتهرب من الاستحقاقات السياسية التي طالبت بها قوى المعارضة وصاغتها في وثيقة المنامة، بينما هرب الحكم من هذه الاستحقاقات وأطلق حملة تشويه وتسقيط ضد مرئيات المعارضة وجند إعلامه وصحفه الصفراء للنيل منها، وقد فشل في الوصول إلى مآربه.
ثالثا: عندما دعت الجمعيات السياسية المعارضة منذ أكثر من عشر سنوات إلى الحوار الجاد مع الحكم لوضع حلولا سياسية للازمة وتجنيب البلاد والعباد ويلات التأزيم الأمني ومنع التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه مختلف القطاعات الاقتصادية، كانت جادة في وضع حد لسياسة القمع والتمييز وسرقة المال العام ومصادرة حق المواطن في الشراكة واتخاذ القرار السياسي وعدم تهميشه. وتؤكد هذه القوى اليوم أن أي حوار لايلبي المطالب الأساسية للشعب ويترجم المبدأ الدستوري "الشعب مصدر السلطات جميعا" ويحقق الديمقراطية ويوقف مصادرة المال العام، فانه حوار لاطائل ولا جدوى منه.
رابعا: تحمل قوى المعارضة السياسية الحكم أي حماقات جديدة ترتكبها أجهزته الأمنية سواء بقتل المتظاهرين أو جرحهم أو اعتقالهم أو فرض العقاب الجماعي على المناطق، مؤكدة حق المواطن في التعبير عن رأيه من خلال تنظيمه التظاهرات والمسيرات والاعتصامات، دون الاقتصار على موقع محدد. كما أن عمليات تقطيع أوصال الوطن إلى مربعات أمنية وتأزيم الوضع، وخاصة في العاصمة المنامة وضواحيها، وما يترتب عليه من مساس بمصالح المواطن والمقيم، هو عقاب جماعي إضافي وضرب لمصالح المؤسسات العاملة في البلاد.
خامسا: إن من يدعي حرصه على التعاون والوحدة مع دول مجلس التعاون لايهدم نصب الوحدة الخليجية المعبر عنه باللؤلؤة المرفوعة على ستة أضلاع، كما أن الاستعانة بالخارج الإقليمي والدولي لايحل الأزمة السياسية المتفاقمة، إنما يزيد من تعقيد هذه الأزمة ويضر بالبلاد واقتصادها ونسيجها الاجتماعي.
سادسا: أن الرابع عشر من فبراير ذكرى عزيزة على قلوب جماهير واسعة وفئات كثيرة من المجتمع البحريني، وان دوار مجلس التعاون الخليجي "اللؤلؤة" الذي احتشدت فيه الجماهير، يشكل رمزا للحركة المطلبية في البحرين، حيث سقط فيه عشرات الشهداء والجرحى وفرضت السلطات العقاب الجماعي على كل من حضر فعالياته ورصدته كاميرا المكارثية المقيتة، لكنه ليس الميدان الوحيد الذي ترفع فيه المعارضة السياسية مطالبها المشروعة المتمثل أهمها في مجلس منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وحكومة تمثل الإرادة الشعبية، ودوائر انتخابية عادلة بعيدة عن المحاصصة الطائفية، بل إن ساحات البلاد وميادينها وشوارعها أماكن ومواقع نجدد فيها العهد بالاستمرار في النضال حتى تحقيق المطالب مهما طال الزمن.
ختاما أيها الإخوة والأخوات، نعاهد جميع فئات شعبنا الاستمرار في الصمود والثبات بالمطالبة بالحقوق ولن نساوم على دم شهيد أو جريح أو معتقل أو مفصول، ونطالب الحكم بما تعهد به أمام الشعب والعالم بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين الذي اثبت تقرير تقصي الحقائق بطلان محاكماتهم.
وإعادة المفصولين، والشروع في العدالة الانتقالية لجبر ضرر الضحايا الذين سقطوا خلال الفترة الماضية، وتعويضهم وتعبيد الطريق أمام الديمقراطية الحقيقية والوحدة الوطنية بين كافة مكونات الشعب.
المجد لشهدائنا الأبطال
الحرية للمعتقلين
النصر للشعب البحريني العظيم
13 فبراير 2012