منصور الجمري
قبل عام كنت ضمن الوفد الصحافي الذي رافق سمو ولي العهد في زيارته إلى تركيا (8 – 9 فبراير/ شباط 2011)، وعندما وصلنا إلى أنقرة وبدأت الاجتماعات الرسمية كانت قاعة الصحافيين مملوءة بالمراسلين من الصحف التركية الذين انتظروا المؤتمر الصحافي لولي العهد مع رئيس الوزراء التركي، وكما كان متوقعاً حينها فقد طغت أحداث ثورة الشباب في مصر على النقاشات، وكان مما قاله ولي العهد حينها «الواضح أن الشعب المصري عبّر عن عدم ارتياحه للوضع الحالي، والقيادة المصرية تجاوبت مع الرسالة التي بعثها الشعب المصري عبر هذه المظاهرات». وردّاً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن ما حصل في مصر وتونس يمثل صورة دومينو لباقي الدول العربية، ردّ ولي العهد: «اسمحوا لي بأن أقول إن لكل دولة وضعاً يختلف عن الدولة الأخرى، وما حدث في تونس يختلف كثيراً عما حدث في مصر من ناحية الأسباب وتسلسل الأحداث والحلول التي نتجت عن تلك الأحداث»… و«إن الشعوب أينما كانت تسعى وتطالب بالاحترام وبالحياة الكريمة وبالعدالة والمشاركة في اتخاذ القرار، وهذا مطلوب منا كقادة عرب أو غير عرب، بأن نوفر هذه العناصر الأساسية لشعوبنا، وهذا أكبر ضمان لاستقرار بلداننا».
كانت الأسئلة حينها كثيرة عن الاحتمالات المتوقعة لما سيجري في البحرين في 14 فبراير، وجميع التصورات والنقاشات فشلت حينها في توقع البدايات لما شاهدنا وعايشنا حدوثه منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.
والأسئلة الآن تكثر حول النهايات المتوقعة لما نمر به، وقد اخترت لنفسي جواباً أكرره على نفسي «بدايات غير متوقعة ونهايات غير منظورة»… فالبحرين التي عرفت ببيئتها الجاذبة اجتماعياً واقتصادياً أصبحت الآن راكدة سياسياً، ودخلت في معادلتها الوطنية عواملA لم تكن موجودة من قبل، وهذه العوامل من شأنها أن تأخذنا صعوداً وهبوطاً على حافة الحل، ولكن – لحد الآن – من دون أن نباشر الحل المنشود.
ولعلّي بحاجة إلى التأكيد على أن مصلحة الوطن عدم الاستمرار في بيئة ضبابية طاردة للجهود المخلصة، ومشككة في كل النوايا، ومعمقة لنبوءات السوء، وللأوهام النابعة من نفسيات معقدة وكارهة للتعايش مع الآخر.
ليس لديَّ سيناريو أتوقعه؛ لأنني لم أستطع توقع حدوث المصائب التي حلت بنا، ولكنني أؤمن بأن الحلول التي ستنجح هي تلك التي ستعتمد الحل السياسي الذي يعترف بوجود مواطنين لهم حقوق، وأن الحل الأمني فاشل لا محالة، وأن أصحاب دعوات الكراهية لا مستقبل لهم… وعلينا جميعاً أن ننبذ العنف، ونحترم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.