كذبة كذبة: هكذا غزونا العراق – تحليل
بقلم: عشتار العراقية
بعد أن أنهيت ترجمة الاجزاء الستة من موضوع (كذبة كذبة : هكذا غزونا العراق) سوف احاول تقديم تحليل للموضوع كل. ادعوكم الى مشاركتنا باستنتاجاتكم. بالتأكيد أنا لم اقدم شيئا جديدا في هذه الترجمة فكلنا عايشنا هذه الأكاذيب، ولكن حين نقرأها متسلسلة هكذا: بعد كل كذبة تنفضح.. يأتي تصريح من مسؤول امريكي بعد يوم واحد يؤكد الكذبة، كأن هذا ايضا ضمن المنهج. وملاحظات اخرى كثيرة، اقول حين نقرأها مؤرخة في هذا الجدول الزمني، نراها بعيون جديدة وفهم جديد.الجزء الأول
يبدأ مشروع غزو العراق مع بداية مشروع القرن الامريكي الجديد الذي يؤسسه تشيني والمحافظون الجدد الذين عرفناهم . كان ذلك في 26/1/1998 ويطالبون كلنتون بالاطاحة بنظام صدام حسين
أي ان تدمير العراق كان ملازما لمشروع الهيمنة الامريكية. يظهر بعدها اسم (القاعدة) عند تفجير سفارتين امريكيتين في افريقيا في شهر تموز 1998
في شهر تشرين اول 1998 يوقع كلنتون قانون تحرير العراق.
بعدها يبدأ الجلبي وانطوني زيني رئيس القيادة المركزية الامريكية بوضع الخطط للاطاحة بالعراق
في نهاية 1999 يدخل الى الساحة المنشق المسمى كرفبول (عن طريق الجلبي) باكاذيبه التي اخذت بها الادارة الامريكية حتى بعد معرفتها الأكيدة بكذبها.
في تشرين اول 2000 القاعدة تهاجم السفينة كول في عدن. بعدها بشهر يضاعف الكونغرس تخصيصات المعارضة العراقية من الاموال.
عند استلام بوش الحكم في كانون الثاني 2001 كانت اولوياته الاطاحة بصدام. اول اجتماع لقيادات الامن القومي الأمريكي كان حول هذا الموضوع.
بعدها بشهر يجتمع نائب الرئيس تشيني برؤساء شركات النفط. وفي
5/3/2001 يصدر البنتاغون وثيقة بعنوان (المتقدمون الاجانب لعقود حقول النفط العراقية) من اجل استخدام قوة مهام الطاقة التابعة لنائب الرئيس تشيني. تتضمن خارطة بمواقع التنقيبات المحتملةمنذ الشهر الثامن 2001 كان لدى اجهزة الامن ولدى بوش تحذيرات من ان بن لادن سيقوم بعملية داخل الولايات المتحدة تتضمن طائرات مخطوفة . بوش يستهين بالمعلومة.
بعد خمس ساعات من تنفيذ هجمات ايلول يطلب رامسفيلد من مساعده خطة لضرب العراق.
++
نلاحظ أنه كلما حدثت تفجيرات للقاعدة في اي مكان في العالم (افريقيا او (اليمن) كان العراق في اليوم التالي على لائحة الاولويات. وهكذا بعد خمس ساعات فقط من تفجيرات نيويورك 2001 كان الحديث يجري عن خطة لضرب العراق.
كان اول اجتماع للقيادات الامنية في واشنطن بعد فوز بوش هو الحديث عن ضرب العراق وكان ذلك قبل 8 اشهر من 11 ايلول.
يترافق مشروع القرن الامريكي الجديد مع ضرب العراق.
توزيع حصص النفط العراقي على الشركات النفطية الامريكية قبل الغزو الفعلي بسنتين.
ماذا نستنتج من كل ذلك : القضية ليست الارهاب ولا الدكتاتورية وانما (الارهاب) هو مطية للوصول الى الهيمنة الامريكية على النفط وذلك بالاستيلاء على العراق. لم تكن أفغانستان مهمة الا كتمهيد او لذر الرماد في العيون، هكذا يخيل الي الأمر. ومن هذا الفهم نستطيع أن ندرك ماحدث بعد ذلك من هنا حتى ساعة الغزو.
الجزء 2
المحافظون الجدد اصحاب مشروع القرن الامريكي الجديد PNAC يبعثون رسالة الى بوش "حتى لو لم يوجد دليل يربط العراق مباشرة بالهجمات، فأي ستراتيجية ترمي الى القضاء على الارهاب ورعاته ينبغي ان تشمل جهدا صارما للاطاحة بصدام حسين من السلطة"
بعدها يجري البحث هنا وهناك عن ادلة لربط العراق بالارهاب
حتى تنشيء وزارة الدفاع وحدة استخبارات خاصة لتلفيق الادلة ومن نهاية شهر ايلول 2001 الى شباط 2002 كان يجري تحضير مزدوج للحرب على افغانستان وايجاد ذرائع لضرب العراق، تبريرات قانونية ملفقة وزرع قصص ضد العراق في الصحف وتحذيرات محمومة في الداخل الامريكي الى حد اقامة وزارة للأمن الداخلي. خلق مايسمى (محور الشر) وشيطنة صدام حسين.
في شباط 2002 السناتور بوب غراهام يقول "طلب مني احد كبار قادة القيادة المركزية ان ارافقه الى مكتبه. اغلقت الباب. واستدار الي قائلا:" سناتور، لقد توقفنا عن الحرب على الارهاب في افغانستان. ونحن ننقل الجيش وعناصر الاستخبارات والمصادر من افغانستان للاستعداد لحرب قادمة على العراق."
كأن الحرب على افغانستان انتهت بالنسبة للادارة الامريكية والقادة العسكريين وبدأ الاستعداد لضرب العراق. لم يعد بن لادن ولا الارهاب هو القضية. سوف يخصص عام 2002 للتحضير لغزو العراق.
الجزء 3
منذ منتصف عام 2002 كانت الاموال المخصصة للحرب على العراق والخطة العسكرية قد اكتملت وسلمت في شهر آب 2002 الى بوش. ومنذ حزيران من ذلك العام بدأ قصف مكثف للعراق بحجة مناطق الحظر الجوي. كانت الحرب قد بدأت بهذا الشكل وسوف تستمر حتى الموعد الفعلي للغزو. كذلك بدأ الاعلان في الفضائيات عن حتمية الحرب. كنوع من الحرب النفسية التي تسبق الحرب على الارض. كل اصدقاء بوش (الالمان والانجليز بما فيهم توني بلير والفرنسيين ) يحذرون من ان المعلومات الاستخباراتية عن العراق ليس فيها ماتزعمه ادارة بوش. ولكن بوش كان قد قرر وحسم امره.
الجزء 4
اعلام محموم لتبرير الحرب: القاعدة في العراق- صدام يعيد بناء برنامجه النووي. الانابيب والكعكة الصفراء. وكالة المخابرات الامريكية تدحض المعلومات ولكن مع ذلك يستمر بوش ورامسفيلد وتشيني ورايس في الكذب.
في 11 تشرين اول 2002 يمنح الكونغرس بوش صلاحيات الحرب.
الجزء 5
مع ان الحرب اصبحت حتمية فكل الاستعدادات لها تمت ولكن لذر الرماد في العيون اصدر مجلس الامن قرار 1441 لعودة مفتشي الاسلحة. يوافق العراق عليهم ويعودون لمدة شهرين من 27 تشرين ثاني 2002
ورغم انهم لايجدون شيئا من ادلة على اسلحة دمارشامل ولكن ادارة بوش تعلن ان العراق خدع المفتشين. وحين يسلم العراق للامم المتحدة تقريرا عن اسلحته غير التقليدية من 13 الف صفحة تستهين به امريكا وتقول ان العراق يكذب. كانت هذه الفترة هي لتضييع الوقت وللزعم بأن خيار الحرب هو الاخير بالنسبة لامريكا وان العراق منح كل الفرص. قبل شهرين من وقوع الحرب يعلم بوش سفير السعودية بندر بالاعداد للغزو حتى قبل ان يبلغ وزير خارجيته باول.
الجزء 6
قبل الغزو بشهر
كولن باول في الامم المتحدة يستعرض كل الكذبات الممكنة رغم اندلاع مظاهرات في انحاء العالم، ورغم تدميرالعراق لصواريخ حسب طلب المفتشين ورغم تقارير المنظمات الدولية (الطاقة الذرية وغيرها) ورغم ان مجلس الامن يفشل في منح امريكا قرارا بالحرب، ولكن بوش يمضي في التحضير لموعد الغزو. وهو يقول في تصريحاته الصحفية: اننا نفعل كل شيء من اجل تجنب الحرب.
++
خاتمة: كما قلت في البداية : كانت الحرب حتمية، وكل ماجرى قبلها واثناءها (عمليات القاعدة الارهابية) كانت توطئة للغزو الذي كان سيكون فاتحة بسط الهيمنة الأمريكية وتشكيل الشرق الأوسط الكبير حسب الرؤى الأمريكية الصهيونية. كانت الأكاذيب فاقعة، وبلغت الصفاقة ان التصريح بالحرب كان يجري علنا، وحتى الأهداف المطلوبة للقصف كانت معلنة. وفي ظني لم يكن يستطيع العراق ان يفعل شيئا لتجنبها. في عين كل منصف، ابدى العراق كل المؤشرات على الإلتزام بالقرارات الدولية، دمر اسلحته، سمح للمفتشين بالتجوال في طول وعرض العراق، قدم تقريرا من 13 الف صفحة (اعجب دائما كيف تمت كتابة مثل هذا التقرير) ولكن لم يكن هناك شيء يرضي القاتل الذي رسم وخطط وحسم أمره.
نفس الشيء يجري الآن في سوريا. نفس الشيء جرى قبل ذلك في ليبيا. نفس الأكاذيب، نفس الرماد الذي يذر في العيون بشكل مراقبين/مفتشين/ ناصحين، مؤتمرات، الخ ولكن كل هذا لمجرد القول أن الحرب لم تكن خيار المعتدي وأنه مكره عليها، وانه يسمح للدبلوماسية والحلول السلمية أن تفعل فعلها، اضافة الى أن هذه التحركات تسمح للمعتدين بالوقت للتحضير واختيار اليوم المناسب. الاختلاف الوحيد بين حالة ليبيا او سوريا أنه لم يكن ولن يكون هناك غزو ارضي وانما تحريك العملاء (الثوريين) لاحداث الفوضى ولشق الجيش والشعب واحداث الفتن، والمساعدة تكون بشكل تمويل وتسليح وقصف من الجو. المطلوب هو احداث فوضى (مدمرة) في كل بلد من هذه البلدان في ما يسمى الشرق الاوسط الكبير بدئا من افغانستان، والعراق والسودان وتونس واليمن ومصر وليبيا وسوريا وربما الجزائر قادمة، وترك الفوضى العارمة تدمر الأخضر واليابس، وكل ما سوف تفعله امريكا الصهيونية هو الفرجة على ما سوف ينتج من كل ذلك . هذا ما يسمونه (الفوضى الخلاقة) اي الفوضى التي ستؤدي الى خلق واقع آخر، وتوازن قوى مختلف، وتشرذم أمم، وتفكك مجتمعات وإضعاف جيوش تقليدية لتحل محلها ميليشيات طائفية، وهذه الحالة سوف تظل محتدمة لفترة طويلة قبل ان تستقر على شكل من الأشكال، يكون في أثناءها الصهاينة قد انتهوا من تشكيل حدودهم، ويكون الأمريكان والغرب الاستعماري قد انتهوا من ابتلاع ونهب ثروات تلك البلدان.
غار عشتار:07 يناير, 2012