من لا يسدد فاتورة الكهرباء «شكراً لكم»
هاني الفردان
أثارت «الوسط» بنشرها نسخة من فاتورة كهرباء بلغت متأخراتها 24 ألف دينار، الجدل في ظل الاتهام الدائم للهيئة بـ «التمييز» بين أفراد المجتمع.
الهيئة التي ما فتئت تهدد كل من يتأخر في تسديد متأخراته بقطع التيار الكهربائي عنه، تغض الطرف عن شخصيات وشركات ومؤسسات كبرى في البلد، لا تسدد لها.
ربما يكون الحديث مرسلا وبلا دليل، ولو كان المقال كتب قبل يوم الأربعاء لردت هيئة الكهرباء بـ «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» (البقرة: 111)، إلا أن الرد في هذه المرة قد يكون مختلفا، وقد يكون النظام أخطأ أو الموظف نسي، أو أن ذلك الشخص سدد فاتورته، أو أن الهيئة تعمل على محاسبته.
الفضيحة، فضيحة، لا يمكن تجاوزها ولا تبريرها، إذ انكشفت الصورة، فاتورة متأخراتها بلغت 239100.300 دينار بالتمام والكمال لم يسدد منها فـَلـْسٌ واحد للهيئة.
الأغرب من ذلك هو أن الهيئة بنظامها الإلكتروني المتطور جداً، والآلي لم تحول فاتورة الكهرباء هذه ومتأخراتها الضخمة إلى اللون الأحمر بل أبقتها على اللون الأخضر. مساكين فقراء شعبنا فواتيرهم دائماً حمراء، ومنذرة وتحت وطأة القطع في أي لحظة لأن متأخراتهم تجاوزت 100 دينار فقط.
هناك أحاديث عن وجود شركة سياحية تجاوزت متأخراتها المليوني دينار، ولو كشف عن اسمها لعرف سبب عدم تسديدها لفاتورة الكهرباء.
عندما تقرأ ردود الهيئة «تضحك»، فهي دائماً تؤكد أنها «لا تستثني مشتركاً دون آخر في عملية الإلزام بتسديد الفواتير وقطع التيار عن المتخلفين»… غريبة! لماذا لم يسأل صاحب فاتورة الـ24 ألف دينار؟
الهيئة تقول إنها «لا تقوم بالقطع عن فئة دون أخرى، وان ما تقوم به يندرج على جميع مناطق البحرين وعلى جميع المشتركين»، والسؤال يعيد نفسه: لماذا لم تقطع الكهرباء عن ذلك الشخص؟
الهيئة تقول أيضاً إن «آلية متبعة للقطع يراعى خلالها ذوو الدخل المحدود وغيرهم»، إذاً، عندما يعرف السبب يبطل العجب، طلع صاحب الفاتورة من ذوي الدخل المحدود ففاتورته لم تصل إلا إلى «24 ألف دينار فقط»، نعتذر للهيئة فهمنا خطأ.
بروتوكول الهيئة يقول إنها تقوم بإرسال فواتير شهرية خضراء توضح المبالغ المستحقة وتاريخ استحقاق الدفع، وفي حال عدم السداد تقوم الهيئة بإصدار فواتير حمراء لإشعار المشتركين بالدفع الفوري لتفادي قطع التيار، ولأن الفاتورة التي نتحدث عنها مازالت خضراء ولم تتحول إلى حمراء بعد فـ «24 ألف دينار» قليلة جداً، والبروتوكول لم يكتمل بعد لقطع الكهرباء عن المشترك.
أي نظام هذا الذي يشير فقط إلى تأخر الفقير في التسديد، ولا ينتبه لتراكم المبالغ الهائلة على الشخصيات النافذة؟
المهم في كل تلك القضية أن الهيئة شكرت صاحب الفاتورة على عدم تسديد أي مبلغ للهيئة، وهي توصل رسالة مفادها «شكراً لكم» يا من لا تسددون متأخراتكم لنا، شكراً لكم لأنكم خارج نطاق محاسبتنا، وشكراً لكم لأنكم تفضلتم علينا باستخدام طاقتنا، ولأنكم شرفتمونا بعدم تسديدكم لفواتيرنا فـ «شكراً لكم».
والويل لكم يا فقراء الوطن