أمستردام- إذاعة هولندا العالمية
أعلنت السلطات البحرينية الاثنين تشكيل هيئة قضائية مكلفة بمراجعة الأحكام التي أصدرتها محكمة شبه عسكرية في وقت سابق بحق مشاركين في تظاهرات مارس.
يقول الخبر بأن تشكيل هذه الهيئة يأتي تجاوبا مع توصيات لجنة تحقيق مستقلة كانت قد نددت بالاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة من جانب السلطات الأمنية بحق متظاهرين كانوا قد خرجوا للشارع في شهر آذار مارس الماضي
يبدو الخبر مبشرا بمراجعة كافة الأحكام التي أصدرتها محكمة السلامة الوطنية بحق الكادر الطبي العامل في القطاع الصحي في البحرين حيث صدرت بحقهم أحكاما بالسجن تتراوح بين 5 سنوات إلى 15 سنة. إلا أن الطبيبة ندى ضيف المحكوم عليها بالسجن لمدة 15 سنة لا تعتقد أن ذلك يمثل بادرة أو تراجعا من قبل السلطات تجاه التسامح مع المحكوم عليهم أو إنصافهم ووصفت الجهاز القضائي والنيابة العامة بأنها أدوات مسيسة بيد السلطات التي لا يشير تعامل أجهزتها إلى تغيير ما في موقفها من مطالب المعارضة ومن الحقوق الدستورية وحقوق الإنسان لمواطنيها.
ففي هذا الصدد اصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان بيانا أعرب فيه عن قلقه العميق بسبب الاستجواب الذي تعرضت له الدكتورة ندى ضيف، وهي متحدثة باسم مجموعة الأطباء والممرضات في البحرين الذين حوكموا أمام المحكمة العسكرية، بمديرية التحقيقات الجنائية.
مضايقا
استدعيتضيف بتاريخ 25 ديسمبر 2011 هاتفيا للمثول أمام قسم الجرائم الاقتصادية وتعرضت لاستجواب عدائي استمر حوالي أربعة ساعات شابه التهديد اللفظي. قالت ندى في حديثها لإذاعة هولندا العالمية أنها لم تعرف خلال هذا الاستجواب أي شئ عن أرضية التهمة الموجهة لها وأسباب استدعائها للتحقيق: "نتعرض لمضايقات عديدة من قبل السلطات ومن قبل أفراد في المجتمع أعتقد أنهم ممثلين للسلطات. آخر أنواع هذه المضايقات هي استدعائي لقسم الجرائم الاقتصادية بمبنى التحقيقات الجنائية. تم الاتصال بي عن طريق الهاتف للمثول أمامهم، لم تقدم لي أي أوراق رسمية بخصوص الموضوع. هناك تم استجوابي لمدة أربع ساعات تم فيها سؤالي عن ممتلكاتي وممتلكات عائلتي وزوجي بالتحديد.لم استطيع أن أفهم منهم ماهي التهمة الموجهة لي، أو يمكن القول إنهم لم يأتوا بجملة مفيدة بهذا الخصوص".
بمعزل عن الهيئة القضائية التي أمرت السلطات بتشكيلها لمراجعة الاحكام فإن المحكوم عليهم من القطاع الصحي ومهم الدكتورة ندى ضيف قد استأنفوا قرار الحكم عليهم أمام المحاكم المدنية التي ليست بأحسن حالا من المحكمة العسكرية بحسب ما قالته ندى التي وصفت القضاء البحريني بأنه مسيس ويأتمر بأمر السلطة السياسية في البلاد: "نحن الآن نستأنف أمام المحكمة المدنية ولكننا لا نرى لهذا الموضوع نهاية. نجد أن القضاء مسيس، فالنيابة العامة فاجأتنا في آخر جلسة بإحضار كمية من الأسلحة ادعت أنها كانت بحيازة الكادر الطبي المتهم، ثم تقدموا بشهود جدد وعرضوا أدلة جديدة لم تعرض أساسا في المحاكمة السابقة أمام المحكمة العسكرية التي عرضنا أمامها وإدانتنا".
انتهاك حقوق
تجئ هذه الخطوة من النيابة العامة رغم صدور تقرير السيد بسيوني الذي توصل فيه إلى أنه لم يحدث أي احتلال لمستشفي السلمانية الطبي ولم يتم استخدام أي أسلحة. وهو ما أكده جزئيا أيضا شهود الاتهام الذين استدعتهم السلطات لإثبات التهمة على المتهمين
يذكر أن ندى ضيف ورفاقها من الكادر الطبي كانوا قد قدموا لمحاكمة بتهمة جماعية وجهت لجميع المتهمين تحوي فيما تحوي احتلال مبني حكومي، استخدام العنف، سرقة معدات وأدوية طبية، التحريض لقلب نظام الحكم في البحرين والتحريض على كراهية النظام
تم وقتها احتجازهم لفترة طويلة قبل المحاكمة دون السماح لهم بمقابلة أسرهم وذويهم ودون إتاحة الفرصة لهم للتحدث إلى محامي ودون أن يعرفوا حتى فحوي وأرضية التهمة الموجهة إليهم. تقول الدكتورة ندى ضيف بأنها قد احتجزت لفترة تبلغ 50 يوما قبل المثول أمام محكمة السلامة الوطنية، ولم تتح لها فرصة الاتصال بأسرتها إلا بعد مرور شهر كامل من الاحتجاز.
أما عن إجراءات المحاكمة الفعلية فتقول بأن كل حقوقها الدستورية وحقوق المتهمين الآخرين قد انتهكت فيها: "الكثير منا لم يتحدث مع محامي إلا يوم المحكمة ذاته. سمعنا بالتهم الموجهة إلينا للمرة الأولى داخل المحكمة. لم تتح لنا فرصة الدفاع عن أنفسنا ولم يسمح لنا بالحديث إلى قاضي المحكمة حتى بعد أن طلبنا ذلك. كما أن القاضي لم يلتفت إلى صراخ احدنا بأن الاعترافات المقدمة للمحكمة قد أخذت عن طريق التعذيب والتهديد والضغط النفسي والجسدي حيث وقعنا معصوبي الأعين على أوراق كثيرة لم نكن نعلم بمحتواها ثبت أنها اعترافات. لم ينظر أيضا إلى الأدلة التي قدمناها للمحكمة والتي تثبت براءتنا من التهم الموجهة إلينا. يقال إنها محكمة السلامة الوطنية ولكنها محكمة عسكرية بمعني الكلمة وكل من فيها عسكري".
لا أمل
في الختام تقول ندى ضيف بأن الأفق أمامهم أصبح وكأنه مسدود فليس هنالك جهة يمكن اللجوء إليها أو الشكوى أمامها.وبسؤالها إن كان القطاع الطبي الذي ينتمون إليه قد تضامن معهم كزملاء مهنة تقول ندى ضيف بأن جمعية الأطباء التي تمثلهم قد تم اختطافها من قبل السلطة وذلك بحلها وتعيين أشخاص بعينهم يمثلون السلطة مكانها. أما على مستوى الأفراد فكان هناك تعاطف ولكن هؤلاء الأفراد لا يملكون آلية تمكنهم من المساعدة وحتى الذين فعلوا ذلك بالتقدم للشهادة لصالحهم أمام المحكمة قد فعلوا ذلك مخاطرين بحياتهم ورزقهم وعوائلهم.
يتم النظر حاليا في دستورية المحكمة العسكرية التي حاكمت كوادر القطاع الطبي من قبل القضاء الأعلى في البحرين ومن المتوقع صدور قرار بهذا في 25 يناير الحالي، في الوقت الذي ستصدر فيه محكمة الاستئناف المدنية قرارها بشأن قضيتهم في التاسع من يناير الحالي، أي قبل أسبوعين من الفصل في دستورية المحكمة الأولى.
تقول ندى ضيف معلقة حول فرصهم في الإنصاف من قبل المحكمة المدنية: "لا أرى أي بارقة أمل ، من المعطيات التي نراها لا أعتقد أن هنالك إنصاف أو حل داخل المحكمة. القضية لها بعد سياسي ولا تحل إلا بقرار سياسي".
صوت المنامة :06/01/2012 م