نواب الحرب الطائفية والمغانم المالية
هاني الفردان
المتتبع لشأن مجلس النواب الحالي، لا يجد من أدائه شيئاً يذكر قد يستثير الناس لمتابعته، غير أمور بسيطة كان أهمها وأشهرها وأكثرها إثارة قضية النائب أسامة مهنا والتي صال النواب وجالوا فيها حتى ملَّ الناس من ذكرها، ومتابعتها، إذ كشفت تلك القضية عن ضعف مستوى بعض النواب وغيابهم عن الساحة وانشغالهم بأمورهم الذاتية، وسذاجة الطرح، ومستوى الأداء.ربما القضية الثانية التي أثارت جدل الناس في ظل الوضع العصيب الذي تعيشه البحرين والأزمة الخانقة، هي تلك القائمة التي سعت لتحقيق مكاسب مالية أكثر للمجلس النيابي، وكأنهم وقعوا على كنز من يغرف منه أكثر، ونسوا وتجاهلوا معاناة الشعب المسكين الذي يعيش جزء كبير منه الحرمان والفصل، بسبب جهود نيابية جبارة لتطهير مواقع من فئات كبيرة من أبناء هذا الشعب.
هناك من يرى أن نواب هذه المرحلة نواب «صدفة» وبالتالي فإن على هؤلاء سرعة تحقيق أكبر مكاسب مالية قبل أن يزاحوا من جديد، وتتغير الأوضاع.
لا يوجد شيء يذكر لهذا المجلس يمكن الحديث عنه والإشادة به أو حتى الكتابة عنه، سوى المعارك الطائفية التي يديرها نواب على مسئولين ومؤسسات من أجل زيادة حصص مواليهم من المراكز ومناصب صنع القرار.
فلا تستغرب إن رأيت جل الأسئلة والمقترحات، والمشاريع والاستجوابات التي يهدد بها بعض النواب تأتي على وتيرة واحدة، وهي يجب تطهير الشركات والمؤسسات والوزارات من كل من لا يرتضونه، لأنه باختصار في نظرهم «مفسد»، «خائن» أو «متساهل مع خونة».
بالأمس وأنا أستمع لجلسة مجلس النواب وجدت النائب ذاته ومنذ مارس/آذار الماضي، وهو يشن المعركة ذاتها على الشركة ذاتها والمسئولين أنفسهم، وبالأسئلة نفسها والطرح نفسه، وبالأسماء ذاتها التي يطرحها، ويستهدف إقصاءها وإخراجها بل محاكمتها، لأنهم في نظره لا يستحقون هذه المكانة التي وصلوا اليها، ولأنه لا يملك البديل ممن يراه يستحق هذه المكانة ويجب أن يعين في هذا المكان، وإلا سيستمر على النهج ذاته في الهجوم، والاستهداف، لأنهم من فئة لا يرتضيها.
ولكن نجد النائب في الوقت نفسه يغض الطرف عن مفاسد كبيرة وكثيرة في جهات ومؤسسات كثيرة، إلا أن القائمين على تلك المؤسسات قريبون من ذاته ونفسه، وبالتالي يجب أن لا تطولهم العصا ويجب ألا يتم الحديث عنهم، مع أن تقرير ديوان الرقابة المالية مليء بتجاوزاتهم ومخالفاتهم، ومفاسدهم.
في الجانب الآخر شن الهجوم ذاته على مؤسسة شبه رسمية أخرى، بعد أن أسقط الرئيس التنفيذي وعين محله آخر، لكن لم يكن الهجوم هذه المرة يستهدف الرئيس التنفيذي، فهو ممن يرتضيهم، لكن الهجوم شن على رئيس مجلس الإدارة الذي لا يرتضيه.
حديث النواب الآن ينحصر دائماً في محاربة التمييز في توزيع المشاريع الإسكانية، واستقطاعات الكهرباء، حتى وصلت إلى المخالفات المرورية، وتجاهلوا التمييز الحقيقي في البلد القائم على الفصل، بين مكونات الوطن الواحد في مختلف المجالات والمؤسسات والتي أدت إلى ما نحن فيه من احتقان طائفي.
بعض نواب المرحلة الحالية، نواب يسعون إلى تحقيق المغانم المالية لهم لإدارة المعارك الطائفية