تعميم «الخدمة المدنية» غير جاد
هاني الفردان
كما كان متوقعاً من قبل، فليس هناك أية جدية من قبل الدولة وديوان الخدمة المدنية لحلحلة ملف المفصولين وبالخصوص في القطاع العام.
تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية لـ «الوسط» يوم الخميس الماضي كشف حقيقة إرجاع المفصولين لأعمالهم، وأسباب التعميم، فلم يكن السبب هو اكتشاف الخطأ والاعتراف به، ومن ثم السعي إلى تصحيحه ضمن عملية المصالحة والإصلاح.
تعميم إرجاع المفصولين كان «إجباراً»، وأي مجبر على فعل شيء فإنه لن يعمل على تنفيذه كاملاً، بل سيعمل على البحث عن مخارج له لينتقص من العملية بأية طريقة.
بالفعل كشف تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية عن ذلك، فلن يكون إرجاع المفصولين لأعمالهم كاملاً، بل سيكون منقوصاً أو أشبه بـ «المذل»، فلن تكون هناك تعويضات مالية عن مدة التوقيف حتى وإن اعترفت الحكومة بخطئها، ولن يعود الموظفون إلى وظائفهم السابقة ذاتها، بل كما هو متوقع، سيتم زجهم في أي مكان هامشي بحجة أن القانون يسمح لهم بذلك، وحتى لو هُمّش الجميع، فما المانع من ذلك.
إنه الاضطهاد الحقيقي وعملية يمكن أن تسمى بـ «تطهير» المواقع العامة والوظائف المهمة من موظفين لا ترغب بهم الدولة، إلا أنها أجبرت على إرجاعهم في الوقت الراهن، وقد تمهّد لاحقاً بعد هدوء الأوضاع للتخلص منهم بأساليب مختلفة، منها إعادة الهيكلة والبطالة المقنعة وعدم الحاجة، وتقليص النفقات وعجز في الموازنة… وغيرها من المبررات والحجج.
ديوان الخدمة المدنية الذي كان باستمرار ينفي وجود مسرحين في القطاع العام وكان يتحدى إثبات ذلك، اعترف حالياً بوجود قائمة لا تتعدى على حد قوله 180 مسرحاً، بل تحدى أيضاً من يثبت عكس ذلك، وهناك من يتحداه…
الواقع يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن خطوة إرجاع المسرّحين في القطاع العام لم تكن بقناعة ورضا الجهات الرسمية، والأدلة كثيرة، وأهمها تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية الخميس الماضي.
الواقع يؤكد أيضاً أن من سيعودون إلى أعمالهم سيتم تهميشهم بشكل كبير، بل ستتم مضايقتهم، ومحاربتهم بمختلف الأساليب، والتضييق عليهم في مختلف المجالات.
من حق كل موظف أن يطالب بحقه الكامل، تعويضاً عن أشهر توقيفه، وإنصافه ومحاسبة من أخطأ في حقه. قد يعتقد ديوان الخدمة المدنية بأنه سيمنُّ على المفصولين بإرجاعهم إلى أعمالهم، وسيكون بذلك الاعتقاد مخطئاً جداً، ولم يفهم بعد طبيعة شعب البحرين الذي يرفض أن يكون ذليلاً.
نترقب مطلع العام لنكتشف حقيقة تعميم العودة للعمل، وننتظر المفاجآت المتوقعة، من شروط وتعهدات وإنذارات، وتغيير وظائف وغير ذلك.
قد يعتقد البعض بأني متشائمٌ كثيراً، إلا أنه الواقع، فالجهة التي طالما نفت، لا يمكن أن تتغير بين يوم وليلة لتصبح ملاكاً منزلاً من السماء يرغب في الإصلاح والإنصاف ولمِّ الشمل.
العودة للعمل حق، التعويض حق، محاسبة المسئولين المتورطين في عمليات الفصل و «التطهير» حق، محاسبة الموظفين الواشين حق، العودة للعمل على الوظيفة والدرجة والمكانة ذاتها حق لكل موظف، ولن يكون لأحد منـَّة على ذلك