مليارات «ألبا» ومجلسا النواب والشورى
مريم الشروقي
قرأنا مؤخراً تصريحات النائب السابق لكتلة الوفاق بمجلس النوّاب، عبدالجليل خليل، عن مسئولية الحكومة في الفساد الطاغي بشركة «ألبا»، وقد تطرّق فيها الى ذكر تحقيق الأرباح الخيالية التي قفزت من 8 ملايين دينار بحريني (ثمانية ملايين دينار) عندما كانت الإدارة أجنبية، الى 300 مليون دينار بحريني (ثلاث مئة مليون دينار) تقريباً بعد أن تسلمت الإدارة الأيدي البحرينية. وما ذكره خليل – إذا كان ما قاله صحيحا – في إبعاد الإدارة البحرينية وإبدالها بإدارة أجنبية، تُعد مصيبة ما بعدها مصيبة، من خلال الأرقام التي تغيّرت أثناء وجود الإدارة البحرينية بقيادة أحمد النعيمي ومن ثم محمود الديلمي، برفع الأرباح أكثر من 3000 في المئة. فلقد ذكر في تصريحه الخطير أنّ الرؤساء الأجانب تواطأوا وشاركوا في تلك العمليات وآخرهم الأسترالي بروس هول.
وقد بيَّن خليل ما أظهرته الوثائق من أنّ القرارات الاستراتيجية التي شابتها شبهات الفساد كانت توقع بأيدي مسئولين سابقين، وبالتالي لم يكن لشركة ألبا أي أرباح، بسبب صفقات شراء الألومينا من شركة ألكوا، ثم من جرّاء مبيعات منتجات ألمنيوم لأكثر من شركة.
فالفساد السابق والذي قدّر بمليارات الدنانير رُفِعت فيه قضية بالولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، أما في مملكة البحرين، فالعجب العجاب، لأنها صاحبة القضية، ولديها مجلس تشريعي يحاسب الفساد، ولم نسمع إلا جعجعة ولم نرَ طحنا.
فالجعجعة نسمعها من كبار المسئولين ومن مجلسي النواب والشورى ومن الجمعيات الحقوقية وغير الحقوقية وفي المجالس والنوادي والصحف وكل من هَبَّ ودَب، عن الفساد المستشري وإلزامية محاربته والقضاء عليه ووأده، وكل كلمات معجم الصحاح في كلمة فساد.
ولكن… «آآآه» من قلب كل بحريني يتجرّع ذل الديون والحياة المعيشية المعقدة، وهو يرى هذه الجعجعة بدون طحن، حيثُ لا مساءلة ولا فتح تحقيق ولا حتى حفظ ماء وجه إذا كان هناك وجه للنواب بمجلسيه، إذ لا نعلم السر الكامن وراء التستر على هذه الجريمة الشعواء بحق الوطن قبل المواطن.
وبصراحة نجده أمرا غريبا على النواب والشوريين، الصمت المطبق والنوم كأهل الكهف على هذا الفساد، فلماذا أقسموا إذاً على الحفاظ على ثروات هذا الوطن، إذا كانوا لا يستطيعون مناقشة أو فرض الإرادة الشعبية من خلال هذا المجلس، والناس تتساءل: لماذا العجز عن تناول هذا الملف وإلزام النيابة والحكومة في محاربة هذا الفساد؟! إلا إذا كان المجلس ليس لديه الصلاحيات في مناقشة أمور الفساد!
إن ديوان المحاسبة الكويتي وهو جهاز رقابي مستقل يتبع مجلس الأمّة في دولة الكويت الشقيقة، ضرب أروع الأمثلة في الكشف والتحقيق عن فضيحة النوّاب المليونية، فمهما كانت سلطة المفسد فإنها لا تعلو على مصلحة الشعب، إذ قام النائب العام بفتح تحقيق يشمل نحو 15 نائباً بشأن تلقيهم أموالا بصورة غير قانونية، والى الآن مازالت القضية في يد النيابة العامة وديوان الرقابة المالية. سواء كان ما حدث صحيحا أم ادعاءً، فإن ما يهم هو فتح التحقيق ومحاولة كشف الحقائق ومحاسبة المفسد ان كان مفسدا.
أما في البحرين فقضية «ألبا» واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، والقضية مرفوعة في بلدان أخرى، ومجلسا النواب والشورى وديوان الرقابة الإدارية والمالية والنيابة العامة في عالم آخر، فمن الممكن أن تقوم الدنيا ولا تقعد على فساد 500 دينار فقط، ويشترك الجميع في محاربة هذا الفساد، ونحن نقر بأنه فساد مهما صغر حجمه، ولكن مليارات الدنانير تضيع ويصبح الجميع مصابا بشلل وعجز عن فتح القضية!
إذا حصرنا عدد أرقام الفساد في مؤسسات الدولة، وكذلك ملف الأراضي الذي قدّر بـ 20 مليار دينار، فالمواطن يذكر مجلس النوّاب والشورى بقوله تعالى: «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا» (الأحزاب: 72).
فعلى النواب اليوم التصويت الجماعي لتحويل المفسدين الى النيابة العامة
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3382 – الأحد 11 ديسمبر 2011م الموافق 16 محرم 1433هـ