ما بعد التقرير
منصور الجمري
الحديث المُلحّ حالياً على القوى السياسية في البحرين هو… ماذا بعد إصدار تقرير لجنة بسيوني؟ ومن دون شك، فإن هناك الكثير مما يتوجب عمله، فعلى النخبة الحاكمة أن تقرر فيما إذا كانت تود أن تنفتح أكثر على مجتمعها، وأن تتجه نحو إصلاحات هيكلية جذرية تأخذ البلاد إلى مسار آمن بعيداً عن الوضع الحالي الذي لا يمكن أن يؤدي إلى استقرار. كما أنه لا يمكن للنخبة الحاكمة أن تتذرع بأن هناك من يرفض الإصلاحات، أو أنه يرى الإصلاحات خطراً عليه، فالواقع يقول إن عدم إجراء إصلاحات حقيقية هو الخطر الأساس على الجميع.
من ناحية المعارضة، فإن الوضع الدولي يقف إلى جانب الدعوات الإصلاحية، وهناك حث كبير من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باتجاه تفعيل المقترحات التي أوردها تقرير بسيوني لمعالجة الوضع، ولإعادة فتح الحوار بما يرقى إلى مستوى الدولة الحديثة التي لا تفرق بين مواطنيها على أي أساس مخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما أن هذه القوى الدولية تحث المعارضة ورموز المجتمع الناقدة إلى الإمساك بالشارع لكي لا ينفلت، ولكي لا تضيع فرصة إعادة فتح حوار يجب أن يكون مُعمَّقاً وذا مغزى.
على المعارضة أيضاً أن تخرج من أطرها التقليدية لكي تستوعب الإمكانات الكبيرة التي تتوافر للمجتمع بعد تسعة أشهر من ما حدث في البحرين، وهناك جيل من الشباب وجيل من المحترفين وعدد غير قليل من الفئات التي لم تكن تهتم بالسياسة، ولكنها أصبحت الآن في قلب الحدث، ولذا فإن أي تجاهل لهؤلاء سيؤدي في النهاية إلى تكوينات جديدة تتجاوز الترتيبات الحالية.
على المعارضة كذلك أن تنفتح على دول مجلس التعاون الخليجي بصورة أوضح وأكبر، فتقرير بسيوني احتوى على نقاط مهمة جداً، ولعل من أهمها إلغاء أي فكرة بأن الحراك الوطني له علاقة بالخارج، وهذا يفسح المجال لكي تستعرض المعارضة مطالبها العادلة والمعتدلة والقابلة للنقاش ضمن إطار يحفظ الأمن الاستراتيجي لدول التعاون، وفي الوقت ذاته يحفظ سيادة البحرين ويحفظ حقوق الشعب ويلتزم بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو العهد الذي وقعت عليه البحرين وتم اعتماده كجزء لا يتجزأ من قوانين البلاد في العام 2006، وقد آن الأوان لتفعيل هذا العهد، وكل ما نحتاجه هو فتح «الجريدة الرسمية» التي تحتوي على قوانين البحرين، وإلزام الحكومة بالعهد الدولي الذي صدر على شكل «قانون رقم 56 لسنة 2006».
على المعارضة أيضاً أن تبادر إلى ردم الفجوة مع الذين وقفوا ضد المطالب الإصلاحية لخشيتهم من مسار الأحداث وأن أي إصلاح قد يفقدهم مصالحهم الحالية، فنحن كمجتمع يجب أن تكون مصالحنا واحدة، ويجب ألا يخاف أحدنا من الآخر، ويجب ألا يتشفى أحد من الآخر، وعلينا أن نعي أن إصلاح الوضع يصبُّ في صالح الجميع
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3367 – السبت 26 نوفمبر 2011م الموافق 30 ذي الحجة 1432هـ