لم تبق الاّ شَعرة حتى نصل إلى الهاوية، ان لم يتدارك العقلاء الموقف، ويحكّم الحكماء الحكمة في مواقفهم، وأن لم يقف المحرّضون عند حدودهم، فالفتنة التي تحدث في مرمى وطني تكاد تصل الى ذروتها.
قد نسمع البعض يقول إنّ من أحدث الفتنة هم تلك الفئة التي تظاهرت في الأحداث، وتناسى البعض أنّنا جميعا دخلنا شركاء وأطرافاً في حدوث ذلك الشرخ بين فئات المجتمع البحريني.
قمنا بزيارة صديقة قديمة، وهي ممَن يُنعَتن اليوم «بالفئة الضالة»، وما إن رأتنا تلك الأُخيّة حتى بكت، وقالت إنّها تخوّفت من الاتصال بنا، بسبب صد صديقات العمر لها، بعد العشرة والحب والمودّة، وأصبحن يتجنّبن الرد على هاتفها! هل نتصوّر بأنّنا في «البحرين»؟ نشكُّ في ذلك!
هذه المرأة لا دخل لها بالسياسة، ولم تتظاهر أو تُطالب، فَلِمَ الجفاء وتعميم المواقف وقَلبها رأساً على عقِب، وخاصة أنّ ابنتها خسرت وظيفتها بعد الأحداث، قبلَ يومين فقط من عُرسها. ولم تحقد هذه المرأة على تلك الفئة أو غيرها، بل سلّمت أمر ابنتها لله، فهو العالم بما تخفيه الأيام.
أليس هذا محزناً في وطن الأمن والأمان ووطن الكرام، أوليست علاقاتنا تُبنى على أساس الأخلاق، أم يجب أن نحمل بطاقة هويّتنا المذهبية من أجل فصلنا عن الآخر، لأنّ سياسة نحن وهم هي الرائجة في هذه اللحظات؟!
ناهيك عما نراه من نعوت وصَمَت الناس من قِبل من يروّجها، فقد يظهر مُذيع «يعاير» الآخر بقطعة أرض أو بيت إسكان، وقد تظهر مُذيعة تتكلّم عن نظرية المؤامرة وعن وصف جمعية بحزب، وقد يخرج متعصّب فيفتي فيما لا يعرفه، ويؤجّج الطائفية والاشتباك بين فئات المجتمع.
وجميعهم لا يعلمون بالنار التي يسعرونها ويزيدون في نشاطها، إذ إنّها بركان هائج سيودي بنا الى الحرب الأهلية أو ما هو أصعب من ذلك، فالفتنة هي رأس الحرباء، لا تعرف معاهدة ولا صديقاً ولا عدوّاً، بل تعرف استفادة أشخاص معيّنين على عامة الشعب!
كيف نستيقظ وسط هذه الفوضى المدمّرة؟ وكيف نقول «STOP» يكفي ما حدث، ولنحاول مرّة أخرى لمَّ الشمل ولملمة الجروح؟ وما هي الآلية التي سنستند إليها لغسل القلوب المشحونة الآن؟
إنّ مكوّنات المجتمع البحريني تحتاج الى كل يَد مخلصة، للتدخّل ولتُشير علينا بما هو خير وصلاح لأهل البحرين، حتى لا نقع في المحظور، وحتى لا يصل الأمر الى خسارتنا جميعا لوطننا، فخسارة الأمن والأمان والوطن، خسارة ما بعدها خسارة.
اللهم آمنا في وطننا، ووفق ولاة أمورنا للخير والصلاح، اللهم اكفنا وايّاهم شرّ الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم اشتدّت علينا المصائب وأنت أرحم بنا من امّهاتنا، فارحمنا واحفظنا واحفظ بلادنا البحرين، اللهم من أراد بالبحرين وأهلها سوءًا فاردد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، اللهم آمين.
وجمعة مباركة
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3352 – الجمعة 11 نوفمبر 2011م الموافق 14 ذي الحجة 1432هـ