نحتاج إلى عملية سياسية تفاعلية يشارك فيها الجميع، وأنا من المؤمنين بأن الاستقرار الحقيقي يحتاج إلى الإصلاح الذي يعالج المشكلات من جذورها ويحقق العدالة الاجتماعية، وبذلك نحصِّن مجتمنا من اتجاهات التطرف والخطابات التي تسمم النسيج الوطني وتدفع إلى الانقسام الطائفي.
ومن الناحية النَّظرية؛ يمكن للكثيرين أن يتحدثوا عن «اللحمة الوطنية» وأن الاستقرار من متطلبات التنمية، ولا خلاف على ذلك إطلاقاً، وإنما الخلاف على الأسس التي يمكن من خلالها الحفاظ على النسيج الوطني، ويمكن من خلالها تحقيق الأمن والاستقرار على المديين المتوسط والبعيد.
إننا نمر بمرحلة تاريخية لم تمر بها البلدان العربية منذ استقلالها، والعالم من حولنا يتجه نحو تركيز المبدأ الذي يتحدث عن أن الإصلاح السياسي الحقيقي مقدمة لا غنىً عنها لتحقيق الأمن والاستقرار. كما أن الوعي المنتشر في البلدان العربية إيجابي وحضاري، فتجد أن حب الوطن لا مساومة عليه، وأن أية اتهامات بأن شعباً لا يحب وطنه، أو أنه يتسلم «أوامر» للنيل من سيادة بلده لم تثبت في أي من الانتفاضات الديمقراطية. هذا بالإضافة إلى أن الشباب المتعلم الذي تحرك في بلدان الربيع العربي انغرست في داخله قيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتعددية والتسامح الديني والسياسي بشكل لم يشهده تاريخ المنطقة من قبل.
ما يميز الجيل العربي الحالي أنه يؤمن بثقافة الحقوق وبالديمقراطية، ولذلك فإن سخطه واحتجاجه إنما تصاعد بسبب النقص الفعلي في الحقوق والديمقراطية. أما عندما يُستخدم القمع لإخماد المطالب؛ فإن عملية الإخماد تتخللها ممارسات تزرع بذوراً لسخط من نوع آخر. وفي المحصلة؛ فإن كل بلد أمامه خيارات، إذ يمكن لهذا البلد أو ذاك أن يصرف كل ما لديه من ثروات ويضيع الفرص المتوافرة، وذلك من أجل فرض مزيد من التدابير الصارمة، ولكن هذا الثمن المرتفع له تبعات، وتنشأ بسببه فئات ونوعيات جديدة من المعارضين، إضافة إلى أن العالم اليوم مفتوح وهذا يعني أن أي بلد يشهد أحداثاً تسلط عليه الأعين ما يُحدث ضجة كبيرة تنعكس في الإعلام الدولي والمنظمات العالمية وتؤثر بشكل مباشر على كل شيء تقريباً.
بحرينيّاً، لا نحتاج إلى مزيد من التشريعات والإجراءات الصارمة، بل إن كل ما نحتاج إليه هو عملية سياسية تفاعلية – تشاركية، وأن نلتزم بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما أن البحرين انضمت إلى هذا العهد في تاريخ 12 أغسطس آب 2006، وأصبح العهد ملزِماً لنا محليّاً بحكم القانون رقم (56) للعام 2006
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3351 – الخميس 10 نوفمبر 2011م الموافق 13 ذي الحجة 1432هـ