إن المواطن في أي بلد ينظر الى تكامل بلاده من خلال فاعلية مؤسساتها الرسمية والأهلية، والتي تعكس نتائج عملها على الواقع العام سواء السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، وتؤثر بشكل مباشر على المجتمع من خلال خلق بيئة حضارية راقية، تساهم في رفعة إنسان هذا البلد أو ذاك.
وبالتأكيد، فإن المواطنين يتطلعون ويأملون من السلطة التشريعية، والتي تعتبر أهم مؤسسة من مؤسسات أي بلد، أن تحمي مصالحهم، وتدافع عن قضاياهم، وتعمل من أجل تحسين مستوى عيشهم، وتسن القوانين التي توفر فرص العمل الكريم لهم، والسكن اللائق والصحة والتعليم وغير ذلك، كما أن من واجبها خلق نسيج اجتماعي واع بعيد عن التشطير أو الانقسام أو التمييز، وأن تقف في وجه أي سلطة تحاول بأي شكل من الأشكال إضعاف المجتمع أو حرمان المواطن من حقه في كل ما تقدم.
ونحن في البحرين البلد الصغير، الذي عاش مئات السنين شعبا واحدا لا يعرف السني الشيعي أو العكس، بل يعرفون الإنسان والإنسانية، واليوم، وللأسف الشديد نعيش أمرا عجبا، حيث يريد البعض أن يأكل لحم أخيه، وما السبب فقط إلا لأنه من هذا المذهب. إنه أمر مهول، والأدهى والأمر أن يفزع نواب الشعب ليقفوا ضد الشعب، وكان يعتقد المواطنون بأن نواب الشعب يقفون ضد الحكومة، متى ما كان هناك مشروع أو قرار في غير صالح المواطن، ويدعمون كل ما ينفع الناس، غير أننا أصبنا بالذهول وخيبة الأمل لما قامت به مجموعة من السادة النواب، في رد على تصريح سمو نائب رئيس الوزراء برفض أي تحرك من قبل الحكومة في سبيل حلحلة ملف المفصولين، واقفين بقوة ضد أي قرار من شأنه إرجاع المفصولين الى أعمالهم، وكنا نتوقع أن يقف السادة النواب المحترمون مساندين وداعمين بل هم من يتبنى الدفاع عن المواطنين الذين تعرضوا للفصل بسبب رأي سياسي أو مشاركة في مسيرة احتجاجية مكفولة دستوريا الأمر الذي هو من صميم عملهم ومسئولياتهم وكان عليهم ان يدركوا انهم نواب شعب وليس طائفة أو فئة معينة كما انهم تناسوا ان تمثيلهم ليس عقائديا أو دينيا.
وكان يجب ان يكون لهم دور مفصلي ومحوري في الأزمة التي مرت بها البلاد يصب في طرح الرؤى التي تنقل البلاد الى محطة يلتقي فيها الجميع دون استثناء، وان يقدموا الحلول السياسية التي تتلاءم مع طبيعة المفهوم الديمقراطي الحقيقي المنشود، الذي ينعكس على المواطن بالخير والرفاه، وعلى الوطن بالاستقرار والازدهار، وكان المؤمل منهم كنواب شعب لا طائفة أن يلعبوا دورا بارزا في تعزيز اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي بدل التشطير والتقسيم والتعامل مع أبناء الشعب في قضاياهم على أساس المذهب أو الانتماء، غير أنهم وبهذه التصريحات التي تنم عن محاربة المجتمع فإنهم يؤججون الوضع ويتركون الأمر يزداد تأزما وتوترا في الساحة، الأمر الذي نستهجنه ويستهجنه العالم. وان هذه التصرفات المبتغى منها خلق حرب طائفية… إلا أنه رهان خاسر
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3339 – السبت 29 أكتوبر 2011م الموافق 02 ذي الحجة 1432هـ