الأحد 16 أكتوبر 2011 – مها الصالحي للحكيم الصيني “كوان تسو” الذي عاش قبل الميلاد بخمسة قرون مقولة رائعة وصالحة إلى يومنا هذا عندما قال ما مفاده: “إذا كنت تخطط لسنة فازرع بذرة، وإذا تخطط لعشر سنوات فاغرس شجرة، وإن كنت تخطط لمئة سنة فعلم الناس. عندما تزرع بذرة واحدة تحصد حصاداً واحداً، وعندما تعلم الناس ستحصد مئة حصاد!!”.
نعم، إنها الثروة البشرية امتداد لجهود التنمية الاقتصادية في البحرين كما في كل العالم، حيث إن أهم ما في التطور الاقتصادي هو التطور البشري المتسلح بالعلم والمعرفة، لتلك الأسباب قيل: إن الثروة البشرية هي أغنى الثروات لأي بلد كان، وتعني تقدم الأمم وتحضرها، وبالتالي فهي دليل واضح على اهتمام أي دولة بالقدرة البشرية لتواكب التطور وترفع اسم بلدانها إلى المحافل الدولية، وسماء العالمية.
هذه هي البحرين التي يعرفها العالم بحسن تعليم أبنائها في وقت مبكر مقارنة بدول الجوار، وكان نصيب الثروة البشرية بفضل التخطيط تخريج كوادر في جميع الحقول لتنهض بالبلاد بثروة لا تنضب واقتصاد متنوع يرفد التنمية المستدامة من خلال ثروتها البشرية المتعلمة التي تتزايد بقدر الاهتمام والرعاية للدولة الحديثة.
وكعادتها، درجت البحرين على تخريج مئات، بل ألوف من الكوادر سنوياً وفي كل التخصصات بقدرات إبداعية تحسدها كثير من الدول، وما أن يتخرج الكادر المهني حتى يبدأ العمل ليرد الجميل لهذه الأرض الطيبة التي وضعته على أرض صلبة ليقف غير مهزوز أمام كل ما يعكر صفوها، وفي هذا العام تخرج من الطب العام 51 طبيباً أنهوا فترة الامتياز ـ التدريب ـ حيث قدموا الامتحانات في أكتوبر2010 واجتازوا امتحان مزاولة المهنة ووزعوا على تخصصاتهم، إلا أنه في 30 يونيو ظهرت أسماء 35 من الخريجين، حيث عينوا في وزارة الصحة باستثناء 16 طبيباً من الذين تخرجوا من السنة نفسها وأوقفت تعييناتهم لأسباب مجهولة.
ولمعرفة ما يختلج بصدور هؤلاء الأطباء التقت “البلاد” عددا من القائمة (16) المستبعدة، وقالوا: “الجميع تعب حتى نال الشهادة.. نهنئ الذين تم تعيينهم من كل قلبنا، فكلنا ننتمي لهذه الأرض وخدمتنا للوطن، فإذا كان حرماننا لأسباب نجهلها، فلابد أن يكون لأحد المسؤولين جرأة في إيضاحها لنا”.
وأضافوا، على مدى شهور كلما ذهبنا إلى مسؤول في وزارة الصحة “رمى المسؤولية على الآخر”، ولا أحد يعطينا جواباً شافياً لأسباب الاستبعاد، ومازلنا دون كلل “نتبع الكرَّة” من هذا المكتب إلى الآخر.
ولتوضيح وتقريب الصورة من هؤلاء الأطباء من قائمة الـ”16” المستبعدة عن التعيين بدأت ش.ف إحدى الطبيبات المستبعدات من التعيين حديثها بسؤال: “لماذا؟!”، لماذا نستبعد؟، فإذا كانت هناك أسباب نتمنى سماعها، أما أن يرمي كل مسؤول الإجابة على مسؤول آخر، حتى تُهنا في حلقة مفرغة دون أن الحصول على ردمن أحد، فالأمر لا يتوافق مع المنطق السليم.
مازال البحث جاريا
وقالت ش، بعد انتهائنا من الامتحان وأجريت المقابلة واستلمنا رسائل لإجراءات التعيين، لكنها أجلت بسبب الأحداث التي مرت بها البحرين، وفي شهر يونيو ظهرت قائمة بالمعينين من مجموع الأطباء الـ51 طبيبا، وتفاجأنا إلى أن أسماء 16 طبيبا غير مدونة ضمن قائمة المعينين والبالغة 35 طبيبا ومن هنا بدا مشوارنا مع وزارة الصحة، وبدأنا بمراجعة كل من يستطيع الإجابة على سؤالنا، لكن هل استلمنا جوابا؟ واعتقد أننا لن نستلم، ولا حتى على المدى البعيد.
وتواصل ش.ف قولها، راجعنا مديرة إدارة الموارد البشرية فاطمة عبدالواحد وحاولنا جهدنا لقاءها، إلا أنها فضلت أن تبعث بمديرة مكتبها جوليانا لمقابلتنا التي قالت لنا بالحرف الواحد، إن القائمة الأولى التي تم تعيينها هم من الذين لم نكشف شيئا ضدهم، والباقي مازال البحث جاريا عن خلفياتهم.
المشكلة لم تنته
فهمنا ما تود أن توصله إلينا، والحديث لـ ش، وتقول، لكننا أردنا أن يصلنا شيء مكتوب لتوضيح الصورة، إن كان هناك لنا أمل في التعيين؟ أم نبدأ بالبحث عن وطن آخر؟ ورحلة مشوارنا تستمر دون أن تتوقف، ووصلنا إلى الوكيل المساعد للموارد البشرية حسن جابر وانتظرنا ساعات حتى أنهى اجتماعه، وعندها التقينا فاطمة عبدالواحد صدفة، وقالت إن السبب في عدم تدوين أسمائنا بقائمة المعينين هو لعجز في الميزانية، وأن الأيام القليلة المقبلة سننهي هذه المشكلة ويتم تعيينكم، لكننا لم نعين ولم نستلم أية إجابة قد تريحنا أو مسكنة لأوجاع الانتظار على الأقل.
تقليص المعينين
ت. ب لم يكن نصيبها من البحث حول أسباب توقفها أقل من زميلاتها وزملائها الآخرين، تقول ت.ب: في أكتوبر العام الماضي قدمنا الامتحان المطلوب بعد سنة الامتياز ونتائجنا جميعا ظهرت في نوفمبر. تقدمنا للمقابلة في يناير هذا العام وتم توزيعنا على الأقسام والتخصصات، وكان قبولي في قسم “…….”، وتوجهنا حسب المعمول به لاستكمال أوراق التعيين من الفحص الطبي والبصمات، على أن تجتمع لجنة الـ “cac” برئاسة وكيل وزير الصحة “سابقا” عبدالحي العوضي، ويتم التوقيع على أسماء جميع الأطباء المعينين وإرسالها إلى ديوان الخدمة المدنية، لكن الذي أخر هذا الاجتماع هي الأوضاع التي مرت بها البحرين، فأجل التوقيع على الاستمارة من فبراير موعد الاجتماع حتى مايو ـ لكن المؤسف حقا أن الأطباء البالغ عددهم 51 طبيبا تم تقليصهم إلى العدد 36 فقط. اما البقية، فقد عزلت قائمتهم دون ذكر الأسباب.
رسائل مسجلة
وتضيف ت.ب، هنا أحسسنا بالظلم وكحال كل مظلوم بدأنا بالتحرك في أروقة الصحة بين مكاتب المسؤولين تارة وبالرسائل وقاعات الانتظار تارة أخرى، لكننا اصطدمنا بالواقع الذي يعلمنا أن كل هذا البحث لا يجدي ولا يخرج لنا بنتيجة، ومع ذلك لم نستطع أن نبقى مكتوفي الأيدي، فواصلنا طرق الأبواب. وتستطرد ت.ب قائلة: بعد توجهنا الى كل الجهات التي يمكن مساعدتنا دون نتيجة، توجهنا عن طريق الرسائل المسجلة لمخاطبة وزيرة الصحة بالإنابة، حيث أرسلت 16 رسالة مسجلة، من كل طبيب رسالة منفصلة، وبدورها وزيرة الصحة حولتها على وكيل الوزارة حينذاك عبدالحي العوضي، وانتظرنا ولم يستدعنا أحد، فتوجهنا إليه وقابلنا وبدأ باستجوابنا، ثم وعدنا أن يكلم الوزيرة بشأننا بعد أن أقسم أنه لا يعرف شيئا عن موضوع هذه القائمة وأسباب استبعادنا. فتصوروا وكيل وزارة لا يدري بشيء وهو من يوقع على التعيينات، لكن لنصدق ما قاله.. وانتظرنا دون أية نتيجة.
المشكلة أن مستشفى السلمانية هو المكان الوحيد الذي يعطينا درجة التخصصية ومن دونه لا يمكن العمل في مجال الطب نهائيا.
الاستعانة بأطباء أجانب
ع.ن… لا تختلف في شكواها عن الأطباء الآخرين، مؤكدة أن ما علينا أديناه وقدمنا سنة الامتياز وعهدنا أمام الله خدمة هذا الوطن، لكن حقنا لم نستلمه، ولأجل الحصول على التعيين لابد من طرق الأبواب، ولم نقصر ومشوارنا استمر حتى يومنا هذا، حيث توجهنا يوم الاحد 11 سبتمبرـ إذا لم اكن قد أخطأت التاريخ ـ توجهنا 9 من الأطباء المستبعدين إلى مكتب وكيلة الوزارة عائشة جابر والتقتنا وكيلة مكتبها التي أعلنت أمام الجميع أن بعض من في القائمة قد تمت الموافقة على تعيينه وأرسلت أوراقه الى ديوان الخدمة المدنية وأعلنت اسماءهم علانية أمام الجميع، وبالبحث والسؤال اتضح أنْ لا صحة لما ذكر.
وتضيف ع.ن أن هناك عددا من الأطباء الأجانب قد تم الاستعانة بهم وعينوا في وزارة الصحة؛ لتغطية النقص الموجود، ونحن مازلنا ننتظر.
الغريب تضيف ع.ن أن كل بحث يجري لابد من إيجاد نتائجه، سلبية كانت أم ايجابية، المهم حصولك على جواب تسمعه، إلا قضيتنا التي تتقاذفها المكاتب وكأنها تسير في دهاليز مظلمة.
رد وزارة الصحة
ومن أجل استكمال كل تحقيق على أكمل وجه، كان لابد من إعطاء كل جهة حقها في الرد على أية تهم تتهمنا، بل الجهة الأخرى، من هنا توجهنا إلى وزارة الصحة، وطلبنا لقاء أو ردا تفند به كل ما ذكر ـ وانتظرنا منذ بداية سبتمبر وحتى العاشر من أكتوبر لنستلم هذا الرد المختصر لننشره كما هو:
بالإشارة إلى ما تم طرحه مسبقاً من أسئلة بخصوص موضوع توظيف أطباء الامتياز، فإننا نفيدكم علماً بأن جميع الأطباء المتدربين في كل من برنامج الطب البشري (SRTP)، وطب العائلة (FPRP)، وطب الأسنان (MGDS) قد تم استكمال إجراءات توظيفهم. وهناك مجموعة وهي الأكبر عدداً تم إلحاقهم بوظائفهم، وأما البقية الأخرى، فهي تحت إجراءات التعيين، ولم يتم استبعاد أي طبيب ضمن البرامج الثلاثة
المذكورة أعلاه.