تتقاذف السلطة وموالوها والمعارضة وموالوها الاتهامات المتبادلة بشأن الإقصاء، فكل طرف يتهم الآخر بالإقصاء والانفراد والنظر من برجه العالي، دون الاعتبار لوجود الآخر، أو بما يحلو للبعض تسميته بـ «المكون الآخر للمجتمع».
السلطة وموالوها يتهمون المعارضة بأنها مصرّة على مطالبها ولا ترى أي حل دون تحقيق ذلك، وأنها تسير في طريق التأزيم من أجل الوصول لغاياتها، ولا ترغب في الجلوس على طاولة واحدة يمكن من خلالها التوصل إلى حل وسط يرتضيه مختلف مكونات المجتمع.
المعارضة ترى أن السلطة هي من تستفرد برأيها، ولا تريد أن تسمع غيرها منذ عقود من الزمن، فمثلاً عيّنت السلطة في «حوار التوافق الوطني» الرئيس، واختارت المدعوّين، ووضعت المحاور والبنود والوقت وآليات العمل وما تريد وما لا تريد، وذهبت المعارضة للقول أيضاً بأن «الحكومة توافقت مع ذاتها على إبقاء صلاحيات مجلس الشورى في التشريع والرقابة، كما توافق الحوار الحكومي على إبقاء فلسفة توزيع الدوائر الانتخابية الحالي القائم على التمييز الطائفي وإضعاف المعارضة».
في ظل صراع الاتهامات المتبادلة، بشأن الاستفراد بالقرارات والرؤى، بات من الضروري من أجل الخروج من هذه الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلد، ولمنع تفاقم المشكلة السياسية وحتى لا تصل الأزمة لنقطة لا يمكن فيها إدراك ما يمكن أن يحدث بعدها، وفي ظل الاستشعار من خلال الخطابات الإعلامية ورغبة الطرفين في حل مشكلة الاستعلاء والاستفراد بالمواقف، فإنه لابد من حل يضمن للطرفين عدم استفراد الآخر، وعدم تهميش مكون من مكونات المجتمع.
المعارضة تطرح انه من الضروري أن يكون هناك مجلس تأسيسي منتخب من أبناء الشعب يكون فيه صوت كل مواطن يساوي الآخر وضمن مفهوم «الدائرة الكبرى الواحدة» دائرة الوطن للجميع، ينتخب فيه من يمثله من مكونات الشعب لوضع الحلول الجذرية للأزمة السياسية، دون إقصاء أو تهميش. من يرغب في عدم تهميش أي طرف، ومن يرغب في أن يكون الحل للأزمة نتاج توافق مجتمعي حقيقي يعكس تطلعات الشعب البحريني، عليه بقبول «المجلس التأسيسي» لأنه حل سيجمع المجتمع وسيتعامل مع كل مواطن بعيداً عن التقسيمات الطائفية، وسيضع اعتبار لكل فرد على هذه الأرض، بعيداً عن أي تدخلات ومن أي نوع. فالمجلس التأسيسي لن يدعْ للسلطة الاستفراد في الاختيار، ولن يقبل إصرار المعارضة على مطالبها، وسيتمسك بخيار الشعب كل الشعب.
سيكون الشعب وحده مصدر السلطة في المجلس التأسيسي، سيحدد الشعب عبر صناديق الاقتراع خياراته، وتطلعاته المستقبلية، وسيكون للمجلس التأسيسي وحده الحق في الحديث باسم الشعب لأنه نتاجه وجاء عبر إرادته.
المجلس التأسيسي – كما تراه المعارضة – ربما يكون حلاً، ولكنه يحتاج الى أفكار لمنع تأزيم الموقف وتصعيده وفرض أجندة خاصة ورؤية قد توصف بالانفراد من دون النظر الى الشعب بأكمله بمختلف تكويناته وأطيافهم وتقسيماته. نحتاج الى مثل هذه الأفكار لكي نتجه نحو الدولة المدنية وفق طبيعتنا وما يناسبنا على هذه الأرض بعدل وإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3322 – الأربعاء 12 أكتوبر 2011م الموافق 14 ذي القعدة 1432هـ