يود التجمع القومي الديمقراطي أن يعرب عن بالغ قلقه من تطور الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد هذه الأيام، حيث هيمنة وسطوة الخيار الأمني على مجرى الأحداث، وبات هناك تمادياً وتصعيداً غير مسبوقاً تمثل في فرض حصاراً وطوقاً أمنياً على العديد من المناطق والقرى في البحرين التي أصبح المواطنون فيها يعانون الأمرين وباتت الكثير من المشاكل الصحية والبيئية تهدد حياتهم ومستقبل أبناءهم جراء الإفراط في استخدام القذائف المسيلة للدموع وغياب أي أثر للنظافة فيها.
أن الوقائع تشير إلى أننا مقبلون على بوادر أزمة سياسية وأمنية جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ الرابع عشر من فبراير الماضي، خاصة بعد إصرار الدولة على إجراء ما يسمى "بالانتخابات التكميلية" الأمر الذي يلقي معه مزيداً من الشكوك حول طبيعة نتائج هذه الانتخابات ومستواها التمثيلي الحقيقي، بالإضافة إلى عجزها وفشلها في جلب الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
أن التجمع القومي إذ يُهيب بالحكم وبكافة القوى السياسية والاجتماعية بتغليب لغة العقل والحكمة، والعمل بأسرع وقت لاستعادة روح وإرادة المشروع الإصلاحي الديمقراطي من جديد في البلاد، من خلال التجاوب مع المطالب العادلة والمشروعة للمواطنين عبر الحوار مع كافة قوى المعارضة الرئيسية في الدولة، وانتهاج الطريق السلمي الديمقراطي في المطالبة بهذه الحقوق فإن التجمع القومي يؤكد ما يلي:
• لقد أكد التجمع القومي موقفه منذ البداية فيما يتعلق بالانتخابات التكميلية، وأن عدم مشاركته فيها لا يعني مصادرة حق الآخرين في المشاركة ترشحاً وانتخاباً، لأن ذلك يدخل في نطاق حرية القوى والأفراد وقناعتها السياسية والمبدئية، دون الدخول في جدلية أو إشكالية المشاركة والمقاطعة بكل ما تحمله من تجاذبات واتهامات متبادلة بالتخوين وعدم الوطنية لهذا الطرف أو ذاك.
• أن التجمع القومي كان يتطلع إلى استجابة الحكم إلى كل النداءات والأصوات التي طالبت بتأجيل هذه الانتخابات لفترة زمنية معقولة تشرع معها في تهيئة الأجواء سياسياً واجتماعياً وأمنياً من أجل ضمان نجاح هذه الانتخابات، لذلك نحن نعتقد بعدم صحة قرار الحكومة التي أصرت عليه دون مسوغ في مثل هذه الأجواء المضطربة سياسياً وأمنياً، ونرى أن كل الادعاءات حول نجاح هذه العملية والأرقام المعلنة حول نسب المشاركة وحجم المرشحين، جميعها لن تكون قادرة على إخفاء أو حجب المأزق الذي أدخلتنا فيه السلطة حول مدى مشروعية ومصداقية هذه العملية وحول قوة مستواها التمثيلي، نظراً لتعمدها أخراج أطراف سياسية رئيسة عن المشاركة في الحياة السياسية البرلمانية مما يفقد هذا البرلمان التمثيل الحقيقي للشعب، على الرغم من احترامنا لكافة الشخصيات التي شاركت في الترشيح.
• أن التجمع القومي إذ يؤكد حق التظاهرات والمسيرات السلمية فأنه يرفض بشكل قاطع كل الفعاليات والأنشطة الاستفزازية والضارة التي شهدتها بعض الدوائر الانتخابية أو "المجمعات التجارية" أوالتي تعمد الى التعطيل المتكرر لحركة البلاد، كما يرفض بكل وضوح الشعارات التي لا تنسجم مع مطالب الإصلاح، ولطالما حذر ويحذر اليوم مجدداً من مغبة الانحراف ببوصلة المطالب العادلة والمشروعة عبر اللجوء إلى استخدام العنف أو تصعيد المواجهات التي لا طائل منها.
• وفي ذات الوقت يدين بشكل قاطع استخدام القوة المفرطة من قبل أجهزة أمن الدولة وقوات مكافحة الشعب في مواجهتها للمواطنين المتظاهرين بصورة سلمية، وخاصة النساء المعتقلات في تلك التظاهرات، كما يرفض استمرار صدور الأحكام التعسفية بحق المعلمين والنشطاء السياسيين واستمرار فصل الآلاف من الموظفين، وهي معطيات تمثل بمجملها مصدر رئيسي للتوتر الاجتماعي والسياسي.
• أن التجمع القومي يرى أن تصاعد المواجهات بهذه الصورة من قبل كل الأطراف سوف يقود البلاد حتماً إلى منزلقات خطيرة لا تحمد عقباها، لذلك نحن نطالب الحكم بالعودة إلى طريق الحوار الحقيقي على قاعدة مبادرة سمو ولي العهد بالنقاط السبع المعروفة للوصول إلى توافق وطني وتجنب البلاد الكثير من الويلات وبما يخرجنا جميعاً من الأزمة الراهنة وكل إفرازاتها السلبية. كما نطالب القوى السياسية بالكف عن سياسة التصعيد ووقف البيانات والتصريحات المليئة بالاتهامات والسباب لبعضها البعض الأخر، وضرورة المراجعة والتراجع عن كل الأساليب والسلوكيات التي تزيد التوتر والشحن الطائفي المذهبي، لأن التمادي والإصرار على مثل هذه المواقف سوف تدخل البلاد في معركة الجميع فيها خاسراً وهذه مسئولية الجميع أمام الله والوطن.
26 سبتمبر 2011م التجمع القومي الديمقراطي
مملكة البحرين