فى مثل هذا اليوم (السبت) من الأسبوع الماضى، اقتحم أشرف وأنبل أبناء مصر (نعم هم الأشرف والأنبل بين ائتلافات الثورة) مقر سفارة العدو الصهيونى بالقاهرة ورفعوا العلم المصرى فوقه بعد أن أسقطوا علم دولة العدو ؛ وهو عمل – وفق القانون الدولى ومفاهيم الثورات وحق الشعوب فى القصاص لدم الشهداء وبعد تخاذل الحكام الذين هم هنا حكومة عصام شرف ومن يديرها – يعد حقاً مشروعاً ومنطقياً على مدار أسبوع كامل جرت تحت الجسور، مياه كثيرة، بعضها آسن، والبعض الآخر سام، والبعض الثالث نقى، صاف، لا تشوبه مصلحة، أو منفعة أو رخص!!.
دعونا نسجل، هذا الرصد، والتحليل، لما جرى :
أولاً : لم يذهب الشباب، بل قل الشعب المصرى، إلى سفارة العدو الصهيونى، ليقتحمها، إلا بعد أن يئس من أن تسترد له حكومته برئاسة المتردد دائماً د. عصام شرف، حقه وقصاصه فى الـ 6 جنود وضباط الذين قضوا شهداء على الحدود مع فلسطين المحتلة على أيدى طائرات العدو الصهيونى، وأيضاً القصاص لآلاف الأسرى والضحايا المقتولين عبر 60 عاماً من الصراع مع هذا العدو، يئس الشعب من (حكومة الثورة!!) فأراد أن يأخذ قصاصه بيده، فكان الاقتحام، فلماذا نناقش (النتيجة) بعيداً عن (السبب)؟.
ثانياً : من المؤسف له أن يتم خلط الأحداث وتصويرها وكأنها حادث منشية جديد (نقصد طبعاً محاولة الإخوان لاغتيال عبد الناصر فى المنشية بالإسكندرية عام 1954)، يفعل بعده قانون الطوارىء وتتم الردة الكاملة عن الثورة، وهنا نسجل أن (حادث السفارة) منفصل كلية عن حادثى اقتحام مديرية أمن الجيزة، ومبنى وزارة الداخلية فى لاظوغلى، فمن قام بهذا الحدث (اقتحام السفارة)، شباب مختلف عمن قام بالحادث الثانى (مديرية الأمن ومبنى الداخلية)، والإصرار على الخلط بهذا الشكل، رغم الاختلاف التام بينهم يؤكد أن الهدف هو تشويه الفعل النبيل والمشروع لشباب مصر، ثم أن يدخل على الخط البعض ممن ينسبون أنفسهم للثوار فيعلنون تبرءهم من أبطال موقعة السفارة، ومنهم فريق من حركة 6 أبريل وأيمن نور وبعض القوى السلفية والليبرالية.. إلخ، فإنهم بذلك ينفون عن أنفسهم صفة (الثورية)، وصفة الارتباط الجاد بثورة يناير، لأن من قام باقتحام السفارة هم شباب الثورة، والتبرؤ منهم يعنى ممالأة أمريكا (الغاضبة) وإسرائيل (الحزينة)، وحكومة شرف المترددة والعاجزة، فأى ثائر هذا الذى يقبل على نفسه أن يكون فى مربع إسرائيل وأمريكا وفلول النظام السابق؟!.
ثالثاً : إن ألف باء السياسة، كان ينبغى أن تدفع المسئولين فى مصر، وبعضاً من ساستها المنتسبين زيفاً للثورة، أن يستفيدوا من حدث الاقتحام لسفارة العدو، فى مواجهة الهجمة الغربية والإسرائيلية الشرسة، بالقول بأن لديهم شعب حر يريد حقوق أبناءه الشهداء، ويريد حقوق دولته التى فقدت استقلالها الحقيقى مع توقيع اتفاقات كامب ديفيد، وأن يناور (أى أهل الحكم) ويفاوض، حتى يأخذ أفضل النتائج السياسية مع قوى استعمارية لا تفهم سوى لغة القوة، أما أن يتم إلقاء القبض على 150 من أنبل وأشرف (هم الأشرف مرة ثانية بين ائتلافات الثورة) ومعاقبتهم مجاناً لصالح العدو باسم الأعراف والقوانين الدولية، التى لا تحترمها أصلاً إسرائيل، فهذا هو الغباء السياسى، بل قل هو العار بعينه!!.
* إننا نعيد، ونؤكد فى الذكرى الأسبوعية للاقتحام المشروع لسفارة عدو قتل أولادنا على الحدود، بأن ما جرى (نتيجة) لسبب، وأن إصرار حكومة عصام شرف ومن يديرها على هذه المعاقبة القاسية لثوار موقعة السفارة، لهو إعادة انتاج لنظام حسنى مبارك، وإذا كان من المفهوم أن تمارس الحكومة الانتقالية ومن يديرها، هذا السلوك مع الثوار فإن من العار، ومن المخجل أن يتهم البعض ثوار (السفارة) بأنهم مدفوعون فى إطار مؤامرة خارجية، نفس اللغة التى كان يستخدمها مبارك لاتهام الشرفاء من أبناء مصر، ومن غير المفهوم أن تمارس قوى وتيارات تنسب نفسها للثورة، فليس بثائر من يدين الثوار الذين اقتحموا السفارة، وليس بثائر من يضع نفسه فى ذات المربع مع حلف الناتو، وواشنطن، وتل أبيب!! فإنتبهوا يا أولى الألباب!!.
نشر في : شبكة البصرة