منصور الجمري
خطابان يشغلان الشارع البحريني، أحدهما ينطلق من «ثقافة الانتقام»، والآخر ينطلق من «ثقافة الحوار». المنادون بالانتقام بعد إعلان حالة الطوارئ في البلاد بتاريخ 15 مارس/ آذار 2011 (واقتحام دوار اللؤلؤة في 16 مارس) ارتفع صوتهم أكثر من ذي قبل، والمنادون بالحوار والحل السلمي هم ذاتهم لم يتغيروا، قبل الطوارئ، وبعد الطوارئ.
خطاب الانتقام يسعى لتوسيع وتثبيت ومواصلة كل القرارات والأعمال التي تهدف الى إنزال أكبر قدر من الضرر ضد مجموعات من المعارضة وفئة من المجتمع كانت ومازالت لديها شكاوى ومطالب… ومن يرفع خطاب «الانتقام» يخلط ذلك بمفاهيم تتعلق بالثأر والاستئثار والإضرار والإقصاء. وأصحاب هذا الخطاب واهمون، لأن ماحصل في البحرين إنما كان أحد نتائج هذه الثقافة غير الصالحة، والإمام علي (ع) يقول «لاسؤدد مع انتقام». فالانتقام، وكما يوضح الإمام علي لايدوم، وإنما يعود على من يقوم به سلباً قبل أن يعود على الآخرين بالضرر.
ثقافة الحوار تختلف اختلافاً جوهريّاً، فبينما الانتقام ينتج الخراب والدمار والمعاناة للإنسانية، فإن الحوار والتفاهم والتراضي يبني الحضارات وينشر العدالة، ويسعد من خلاله الحاكم والمحكوم. ونحن نمر بأزمة خطيرة في بلادنا، نرى أن الحديث عن «الحوار» أصبح شيئاً معيباً لدى من يتلذذ بطرح مفاهيم الانتقام. بل إن البعض يعتبر الحديث عن «الحوار» مجرد تصريحات رسمية تبث في جنيف أو هنا وهناك، ولكن هذا الحديث يتبخر عندما يصطدم برغبات جامحة لجهات تدعو إلى الاستمرار في نهج أوصلنا إلى المصائب الجمة التي نمر بها حاليّاً.
الانتقال من ثقافة الانتقام إلى ثقافة الحوار يتطلب خياراً قلبيّاً وحضاريّاً، يوجه الإنسان إلى التخلي عن الأنانية والرغبة في الانتقام والإقصاء وإنزال الضرر بغيره من البشر… كما يتطلب الانتقال إلى ثقافة الحوار التوجه نحو التعاون والتفاهم والتراضي والمصالحة والعيش على أرضية أخلاقية مشتركة تفسح المجال لبناء مستقبل أفضل، وأكثر عدلاً، يقوم على الشراكة والوئام المجتمعي
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3124 – الأحد 27 مارس 2011م الموافق 22 ربيع الثاني 1432هـ