نقاط التفتيش تمنع حصول المواطنين على الأدوية والعلاج
خوف وهلع بين البحرينيين من التوجه للسلمانية
الوسط – محرر الشؤون المحلية
ساد الخوف والهلع بين جموع المواطنين البحرينيين الراغبين في ارتياد مجمع السلمانية الطبي وذلك بعد محاصرته من قبل قوات الأمن وتزايد نقاط التفتيش حوله فضلا عن تعرض الكثير من المواطنين للضرب والإهانة على يد قوات الأمن، وزاد الأمر سوءا بالنسبة للمرضى الذين يرتادون المستشفى بشكل يومي أو شبه يومي للحصول على الأدوية والعلاج.
وفي ذلك، وجهت عدد من الأمهات نداء استغاثة لمن يملك القرار بوقف ما وصفوه بالإجراءات القاسية والتي راح ضحيتها المواطنون، إذ ذكرن لـ «الوسط» يوم أمس (السبت 19 مارس/ آذار 2011) بأنهن قصدن مجمع السلمانية الطبي للحصول على دواء الكورتزون الذي يوصف للمصابين بمرض خمول الغدة الكظرية وعمدت قوات الأمن في نقاط التفتيش إلى منعهن من الوصول إلى مجمع السلمانية الطبي والحصول على العلاج.
وقالت إحداهن: «لدي طفلان أحدهما في الثانية من العمر والآخر في السادسة من العمر مصابان بهذا المرض ويحتاجان للدواء بمعدل مرتين في الشهر وأن مجمع السلمانية الطبي هو الوحيد الذي يقوم بإعداد هذا الدواء عن طريق «خلطه» وغير متوافر في الصيدليات أو المستشفيات الخاصة ومتوافر فقط في المملكة العربية السعودية والتي لا يمكننا أيضا السفر لها فما الحل أطفالنا سيموتون».
وذكرت الأخرى أن الأطفال ما دون الثالثة من العمر يحتاجون للدواء على شكل سائل والأكبر يستطيعون تناوله كحبوب، مشيرة إلى أن طفلتها البالغة من العمر عامين لا تملك الدواء حاليا وأن صلاحية الدواء تنتهي خلال فترة معينة وعدم تناولها للدواء من شأنه أن يعرض حياتها للخطر.
وتابعت بأن الطبيب الذي يشرف على علاجهم أبلغهم بتقليل الجرعة أو تفتيت الحبوب وإذابتها وإعطائها للأطفال تفاديا لأية مضاعفات خطرة جراء عدم تلقيهم العلاج كانخفاض ضغط الدم والسكر والإصابة بمضاعفات هذه الأمراض أيضا كالعمى والشلل والموت لا قدر الله.
وأضافت أنه وفي الظروف العادية في حال مرض الطفل المصاب بهذا المرض ينصح الطبيب بزيادة الجرعة، مستدركة بأنها في حالة خوف وهلع من تعرض طفلها لأبسط عارض صحي يستدعي زيادة الجرعة في ظل شح الدواء.
ولفتن إلى أن قوات الأمن منعتهن من الوصول للمستشفى، مستغربات عن ما يذاع في قناة البحرين بأن الوضع طبيعي في مجمع السلمانية الطبي وحركة المرضى وأهاليهم عادية.
واستنكرن من انتشار نقاط التفتيش في الطريق إلى السلمانية فضلا عن تطويقه.وتابعن بأنه في حال رفضت قوات الأمن دخولنا مجمع السلمانية عليها أن توفره لنا خارج المستشفى في أي مكان وسنعمد للذهاب لاستلامه ولاسيما أن الدواء قد نفد تماما عندهن.
وأضفن بأن هناك الكثير من الحالات المشابهة ومرضى بأمراض أخرى أيضاً يحتاجون للأدوية والعلاج بشكل دوري ولا يمكنهم الحصول عليه بسبب قوات الأمن. وفي سياق ذي صلة، ذكرت امرأة حامل ومصابة بالسكلر بأن موعد ولادتها اقترب وأن جميع المستشفيات الخاصة لا تستقبل المصابين بمرض السكلر وذلك لكونها لا تملك الإمكانيات والطاقم الطبي الذي تملكه السلمانية، متسائلة عن الحل في حالتها وأين تذهب لتلد طفلها في هذه الحالة، معربة عن تخوفها من وجود قوات الأمن في مجمع السلمانية الطبي.
وقالت إن الكثير من السيدات عمدن إلى محاولة الوصول إلى القابلات وتفضيل خيار الولادة في المنزل خوفا من ما قد يتعرضن له من اعتداءات في مجمع السلمانية الطبي على يد قوات الأمن.
وجوه تنير في ظلام الخوف… مسعفون متطوعون يعالجون الآلام بالآمال
الوسط – محرر الشئون المحلية
لم يتمكن الشاب (ياسر) من السيطرة على دموعه وهو يخرج من منزل بإحدى قرى البديع وهو يحمل حقيبته الصغيرة التي وضع فيها ما تيسر من مستلزمات تطبيب… فعلى الرغم من أن حالة الصبي الذي قام بتقديم الإسعافات الأولية له ليست خطرة، لكنه، وبعد أن فقد السيطرة على دموعه، انفجر باكياً من هول ما رأى وشاهد وشارك في علاج مصابين من أطفال وشباب وكبار سن ونساء ورجال، لا ذنب لهم إلا أنهم جزء نابض من جسد البحرين الغالي.
فالشاب (ياسر) وغيره مجموعة طيبة كريمة من الجنسين، ومن الرجال والنساء، هم في الحقيقة أبطال شرفاء رغم قلة الحيلة وضيق ذات اليد! فهؤلاء الشباب الذين تدربوا في السابق من السنوات في دورات الإسعافات الأولية، وجوه تنير في ظلام الخوف والرعب والترقب والوجع اللامتناهي، وواجبهم الوطني اليوم يدفعهم لأن يقدموا العون الإنساني لكل من يحتاجه من المصابين في مختلف مناطق البلاد إثر الهجمات الوحشية المسلحة على أيدي جماعات الموت والرعب والدمار. ويعبر (ياسر) بأسى عما وصل اليه الوضع في بلادنا، لكن الأشد بالنسبة له هو أن المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة أصبحت تحت احتلال من نوع لم يشهده أي مجتمع ديمقراطي متحضر تنظم علاقاته القوانين! ويشير الى أنه بعد أن اشتدت القبضة على المؤسسات العلاجية، تم التنسيق مع عدد من الإخوة والأخوات ممن لديهم خبرة كافية في مجال الإسعافات الأولية لأن نساهم بكل ما أوتينا من قوة في مساعدة أهلنا، بل ومساعدة كل محتاج من المواطنين والمقيمين الذين قد يتعرضون للهجمات الدموية الهمجية من الميليشيات المسلحة التي لم تتورع حتى عن منع سيارات الإسعاف والتعرض للمؤسسات الطبية، وقد تم بالفعل تلقي استجابة كبيرة من مواطنين من مختلف الفئات ومن الطائفتين الكريمتين.
مستلزمات طبية وإعانات
وفيما يتعلق بالمواد والمستلزمات الطبية، يشير الى أن الأوضاع كانت تشير الى أن هناك أوقاتاً عصيبة بعد مجزرة يوم الخميس الدامي 17 فبراير/ شباط 2011، ولهذا كان بعض المسعفين يحتفظون بالضروريات من المستلزمات ولكن بكميات محدودة، لكن من المهم الإشارة الى أن الكثير من المواطنين وكذلك من المؤسسات التي لديهم صناديق اسعافات أولية لم يترددوا أبداً في تقديم ما لديهم من مستلزمات وأدوات طبية، خصوصاً وأنه في بعض الأيام الماضية لم تكن الصيدليات الخاصة تعمل، والصيدليات التي تعمل لا يمكن الوصول الى مناطقها بسبب التفتيش التعسفي.
الامتنان في عيون الناس
أما (ابتسام) فهي تشعر بالكثير من الفخر رغم شدة الألم والمأساة التي تعيشها البلد، وتعبر عن ذلك بقولها: «حين تصل إلى بيت أحد الجيران أو المعارف أو تساهم في انقاذ مصاب تقرأ الامتنان في عيون الناس فترتاح نفسك… نحن حسبما لدينا من امكانية نعالج الآلام بالآمال… لقد بكيت بحرقة عندما عاينت صبياً في الثانية عشرة من العمر وقد هاجمته مجموعة من البلطجية الذين يحملون الأخشاب والحديد في قرية الزنج… وكم كان وضعه سيئاً من شدة الخوف وهو غائر العينين ويرجف كالطير المذبوح… لم يكن مصاباً بأي جرح أو أذى، لكن هل هناك أشد وأوجع من ارعاب صبي ذهب ليشتري من البقالة القريبة؟». ويتمكن العديد من الشباب المسعفين المتطوعين من الوصول الى بعض المناطق حينما تكون الظروف مواتية، ويبذلون ما أمكنهم من جهد، وهم يشيرون الى أن هناك عدداً من الأطباء من الجنسين وكذلك العاملين في قطاع التمريض والمهن الطبية المساندة يشاركون بلا تردد في تقديم المساعدة، فتلك هي شيمة أهل البحرين الذين (يفزعون) للخير والصلاح والسلام، لا (فزعة) الهمجية والموت والصرخات الجاهلية البغيضة.
المرضى استيقظوا على أصوات تكسير وصراخ
ليلة سوداء داخل «السلمانية الطبي»
استفاق مرضى مجمع السلمانية الطبي مساء أمس الأول (الجمعة 18 مارس/ آذار 2011) على أصوات تكسير وصراخ عمّ مختلف الأجنحة بسبب اقتحام قوات أمنية مسلحة ترتدي الأقنعة للمجمع الذي كان يعج بالمصابين والمرضى.
وقال أحد المرضى الذي يرقد بأحد الأجنحة لـ «الوسط» لقد عشنا ليلة سوداء لم تكن تحدث في تاريخ البحرين، استيقظت في حدود الساعة الثامنة مساءً على أصوات الصراخ الذي دوى المكان من المرضى الموجودين في الأجنحة.
وأضاف «بعد لحظات اقتحم عدد من القوات الأمنية المسلحة وهي ترتدي الأقنعة الغرفة التي أرقد فيها، إذ وجهوا أسلحتهم نحوي وهم يسألونني عن سبب تواجدي في المستشفى ونوع الإصابة والحزب الذي انتمي إليه وغيرها من الأسئلة (…)».
وذكر أن أحد أفراد القوات الأمنية أخبره أن هذا الاقتحام يأتي لتطهير المستشفى من عدد من المتورطين في قضايا أمنية الذين اصيبوا في أحداث تفريق المحتجين في دوار اللؤلؤة، وانهم يبحثون عنهم لأنهم يحملون أسلحة، وكل الاحترازات التي نقوم بها هي لتوفير السلامة للمرضى المتواجدين في المستشفى.
وأشار المريض إلى أن «هناك فرقتين تنفذان هذا الاقتحام الأولى مكونة من قوات مدججة بالسلاح، والثانية قوات أخرى برفقة عدد من الأطباء والممرضات وهم أيضاً مقنعون يباشرون بتدقيق ملفات المرضى ونوعية الإصابة وينهالون بالأسئلة على المريض عن كيفية الإصابة والجهة التي ينتمي إليها (…)».
وأفاد بأن الوضع استمر حتى ساعات متأخرة من الليل شملت جميع الطوابق والأجنحة، وبيّن أن لحظة خروجه من الغرفة شاهد مرضى مربطين وملقيين على الأرض وهم يصرخون من الألم، فضلاً عن أن جميع الأبواب مكسرة، ولم تسلم من التكسير أبواب حمامات الموظفين والمرضى وغرفة العلاج الطبيعي وغرف مناوبة الأطباء وجميع الغرف المقفلة الموجودة في الطابق الثاني بقسم الكسور.واستغرب هذا التصرف من قبل القوات وقال «نحن مرضى لا نقوى على فعل شيء ولا نية لدينا للاعتداء على أحد، ويكفي ما بنا من إصابة وألم».
ولفت إلى أن جميع المرضى قرروا الخروج من المستشفى، وذلك بالتوقيع على استمارة تفيد بتحمل المسئولية الشخصية لمغادرتهم المستشفى على الرغم من حاجتهم للبقاء والعناية الصحية، وقال: «سأكمل علاجي في مستشفى آخر على نفقتي الخاصة، وذلك لما أصابنا من ترويع وفقدان الأمن داخل المستشفى». وأكد أن هناك اعتقالات في صفوف المرضى، وخصوصاً المصابين بطلقات شوزن، إذ يقتادونهم إلى جهة مجهولة، بالإضافة إلى أخذ جميع ملفاته الصحية