ألسنا شعبا واحدا؟
مكي حسن
سفينة البحرين تشق غمار بحر لجاج، والموج عال، البحر عميق.. وعميق جدا، ومن ينزلق فيه، فعلى روحه السلام، فلا أمل له بالنجاة والحياة بل سيكون طعما سهلا مستساغا لأسماك القرش المتعطشة للحمه وعظامه.
والركاب في سفينة الوطن (سفينة البحرين) هما "الحكم والشعب"، وهما ليسا في أمن وأمان في خضم ما جرى ويجري على سطح الأحداث اليومية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
ويتوهم من يظن نفسه أنه بمنأى عن الخطر والمخاطر، نعم انه واهم.. واهم لكونه لا يعي أبعاد الأزمة الحالية من جهة.. واسمحوا لي ان أقول بل لا يفقه في السياسة (جاهل) من جهة أخرى، فهو كالأعمى و(الاصمخ) والأبكم (فلا رؤية ولاسمع ولا نطق)، بينما الأمور واضحة، وساطعة كالشمس، ولانحتاج الى تسونامي سياسي آخر يعصف بنا.
ولا أدري لماذا نغمض أعيننا عن رؤية الحقائق المرة والمؤلمة التي تنضح من واقعنا.. ألسنا شعبا واحدا.. السنا مواطنين بحرينيين؟ إذن لماذا هذا التفرق، وهذا التمزق؟ ولماذا تزرع الفتنة، وتبعث الطائفية في صفوفنا من جديد؟
أيها الإخوة، أيها الأحبة، لا المال ولا الشهرة ولا المنصب ولا العائلة ولا الطائفة تنفع حين يهب الإعصار، وتعصف الرياح بسفينة الوطن.. صحيح أن الكل يتطلع الى الوصول الى بر الأمان، ولكن لا يمكن الوصول الى برأمان ننشده إلا بتكاتف وتعاون وتآلف جميع من في السفينة.
شبهت وضع بلادي (مملكة البحرين) بالسفينة التي تعج غمار بحر عميق، وبالطبع فيها ركاب تحت قيادة قبطان، وقد هبت أعاصير في هذا البحر.. نسمع صراخ الركاب في ارتفاع، والخوف يعتريهم، والماء بدأ يتسرب الى جسم السفينة، وهنا محطة الإنذار.. فهل يعمل القبطان على تهدئتهم بالكلام الطيب وبخطاب تهدئة وطمأنة.. أم يعمل على فك سفن النجاة الصغيرة المرافقة، ويعمل على إبراز سترات النجاة، وتوزيعها عليهم بالتنسيق مع طاقم السفينة الفني والطبي.
أرى مشهد البحرين في هذا الظرف العصيب أشبه بغرق سفينة "تايتانك" في أول رحلة لها من بريطانيا الى أمريكا في عشرينيات القرن الماضي.
صحيح ان التشبيه ليس دقيقا، فتيتانك سفينة كبيرة وحديثة بتقنية جيدة، والبحرين دولة صغيرة، قليلة مواردها، أقول نعم، ولكن هناك جوانب المخاطر المحدقة، والركاب بمختلف مشاربهم، ولم يستثن من ذلك الأحبة والعرسان.
وكذلك الحال في البحرين في الوقت الحالي، فالمخاطر محدقة بها وخاصة ان هناك نفر ممن يعمل على تأجيج الطائفية من الجانبين قد وجد مدخلا لاستغلاله، وتصعيده مرة بالتصريحات، وأخرى بالعراك، وثالثة بالهجوم على مدرسة وغيرها من الحوادث اليومية التي حصلت على سبيل المثال في مدينتي عيسى وحمد ومدرسة سار، بل هناك قصص لا تنشرها الصحف لكونها مشحونة بالطائفية شحناً وكرها ويستحي أي مواطن شريف الترويج لها.
وسؤالي الى اين تتجه سفينة البحرين في خضم هذه الأمواج العالية، سواء مواصلة الاعتصامات، اوتعددها وتصاعدها، أم في الخطابات الحماسية والمهدئة، أم في الخطابات العقلانية، أم القبول بدعوة الحوار أو التراخي بالسعي إليه.
بصراحة المواطن محتار، والكثير يسأل: ما العمل؟. والى أين نسير؟ وبصراحة الحل يكمن في ايدينا جميعا.