علي فخرو منتدياً في «الدوار»: أنتم تصنعون التاريخ الحقيقي في البحرين
الحوار فرصة تاريخية لا يجوز تضييعها وأدعو إلى ائتلاف وطني يتوحد حول المطالب
الوسط – محرر الشئون المحلية
دعا المفكر البحريني والوزير السابق علي محمد فخرو إلى توحيد المطالب الشعبية في البحرين، مؤكداً أنه كل ما كانت الكتلة التي لديها مطالب موحدة كبيرة ومتنامية كانت إمكانية الحصول على تلك المطالب والحوار من أجلها أكبر بكثير.
وأضاف أن المطالب المطروحة في الساحة السياسية هي مطالب سياسية بحتة وليست فئوية ولا مذهبية ولا طائفية ولا عرقية ولا قبلية ولا عائلية.
وإذ أكد سلمية هذا التحرك الشبابي؛ فإنه استغرب من المحاولات التي تعزو تحرك المشهد السياسي في البحرين إلى أيادٍ خارجية.
ودعا إلى استغلال فرصة الحوار المطروح الآن والاستفادة منه، مشدداً على أن الضمان لتحقيق المطالب هو الشعب ولا شيء غيره.
جاء ذلك في ندوة ألقاها في دوار اللؤلؤة أمس الأول استهلها بقوله: «أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، طلب مني الإخوة منذ يومين أن أزور هذا المهرجان الشعبي الكبير، وكنت أظن أنني سآتي إلى خيمة تحتوي على أربعين أو خمسين شخصاً لنتبادل الآراء ونتعرف، ولكن يسعدني ويشرفني أن أرى هذا العدد الكبير من الإخوة والأخوات».
ووجه في بداية الندوة كلمة للشباب والشابات، قائلاً: «أنتم تصنعون التاريخ الحقيقي في البحرين. لن يستطيع أحد بعد الآن أن يتخطاكم قط في اتخاذ أي قرار يمس حياة ومستقبل هذا المجتمع».
وأضاف «دعني أبدأ بأننا من الضروري أن تكون لنا ثلاثة منطلقات أساسية في هذا المشهد السياسي الكبير الذي تشهده البحرين… المنطلق الأول الذي يجب أن نعضَّ عليه ولا نسمح لأحد أن يأخذه هو منطلق اللاطائفية في هذا البلد. منذ يومين، كنت أتكلم في غرفة تجارة وصناعة البحرين وقلت لهم بالحرف الواحد: بعد الآن لا نريد أن نسمع كلمة الطائفتين الكريمتين، نريد أن نسمع الشعب البحريني لوحده. نعم، قد نتكلم عن هذه المجموعة من الشعب أو تلك المجموعة ولكن صفة الطائفية يجب أن تخرج من قاموس هذا البلد إلى الأبد».
وأردف «السبب في طرح هذا المنطلق الأساسي هو أن المطالب المطروحة في الساحة السياسية هذه اللحظة في بحرينكم العزيزة هي مطالب سياسية بحتة وليست فئوية ولا مذهبية ولا طائفية ولا عرقية ولا قبلية ولا عائلية».
وأشار إلى أن المنطلق الثاني يتمثل «في أن هناك محاولات مستمرة لأن توسم هذا المشهد السياسي بأنه مشهد تحركه أيادٍ خارجية»، مستدركاً أن «هذا احتقار لشعب البحرين نفسه. شعب البحرين لا يحتاج لأحد أن يحركه».
وأضاف فخرو «أنا سئلت على عدة تلفزيونات، وكانوا يحاولون المستحيل أن يوسموا هذا الحراك المحلي الشعبي بتلك الوصمة. لكن جوابي كان: أن كل المطالب المطروحة في الوقت الحاضر طرحت عبر سنين طويلة، هي ليست وليدة الأمس أو الأسبوع الماضي أو الشهر الماضي حتى نصفها أو حتى نعتقد أن الدولة الفلانية أو الدولة العلانية هي من تحرك من أجلها. هذا من جانب، من جانب آخر شعب البحرين ليس خرافاً حتى يأتي من يسوقها ويحركها في الحياة السياسية. شعب البحرين عنده إرادته وتاريخه عبر أكثر من مئة سنة، هو تاريخ نضالات مستمرة من أجل الحقوق ومن أجل دفع عجلة التقدم في المسار الديمقراطي ومسار تحقيق الإرادة الشعبية، وبالتالي فقبل أن توجد الأنظمة هنا وهناك وقبل أن يوجد النفوذ الأميركي كانت قوى الشعب في البحرين تطالب بهذا المطلب أو بذاك المطلب، ولكن جميع المطالب كانت تصب في إصلاحات أساسية حقيقية».
وقال: «أما المنطلق الثالث فهناك أيضاً محاولة طوال الوقت من قبل هذا الجانب أو تلك الجهة، بأن هل هذا الحراك هو حراك سلمي أم لا؟»، مجيباً علي محمد فخرو على هذا السؤال، بقوله: «سلمي سلمي سلمي».
وأردف «منذ اليوم الأول سألتني محطة الجزيرة، عن هذا الحراك. قلت ما هي المشكلة؟ الميثاق الوطني ينص على حرية التعبير السلمي في داخل البحرين، ودستور 1973 كان واضحاً بحق الشعب في أن يعبّر عن نفسه بصورة سلمية. الشيء الخاطئ هو من يريدون أن يواجهوا الحراك السياسي في البحرين السلمي ويعتقدون أنه ممكن أن ينقلب إلى حراك فيه عنف وفيه شدة، وأنا أذكر أن أحداً من الخطباء في البحرين هز يده وقال إن هذا الحراك ليس سلميّاً»، مؤكداً «واللهِ واللهِ إنه كان ولا يزال سلميّاً، لم يلقِ إنسان بحجرة واحدة، لم يحرق إنسان إطاراً واحداً، لم يتعرض أحد لما سمي به، لم تمس سيارة واحدة. ونحن نعلم أن البعض حاول أن يترك سيارة حتى يبعث هذا وذاك فلم يمسها أحد، وبالتالي فالقضية السلمية تجعل هذا الحراك السياسي حراكاً حضاريّاً ليس فيه إلا مطالب سياسية وحقوقية من حق شعب البحرين أن يطرحها وأن يحاول أن يحققها في حاضره وفي مستقبله إن شاء الله».
وبين المفكر البحريني علي فخرو أن «تلك هي المنطلقات الثلاثة، وأنتم تعلمون أن الإخوة في الائتلاف الوطني أيضاً طرحوها كمنطلقات بعد أن ناقشناها معهم ووضعناها بهذا الشكل، وهي في جميع الأحوال متبناة من قبل جميع القوى السياسية».
ونبه فخرو إلى نقطة وصفها بالأساسية؛ وهي، «كل ما كانت الكتلة التي لديها مطالب موحدة كبيرة ومتنامية كانت إمكانية الحصول على تلك المطالب والحوار من أجلها من أجل الوصول لتحقيقها أكبر بكثير»، لافتاً إلى أن «هناك محاولات تمزيق الكتلة الشعبية، هذا يطالب بسقف عال جداً، وذاك يطالب بسقف واطٍ جداً، وذاك يطالب بأشياء ليس أوانها، وذاك يطالب بأشياء من الممكن التفكير بها في المستقبل. التوجه إليكم وإلى إخواني في جميع الحركات السياسية، من الضروري أن يوجد نوع من الائتلاف، بقدر الإمكان، وأعلم أنه من المستحيل وجود ائتلاف متكامل يضم الجميع، لكن من الضروري أن نسعى إلى أن تكون أكبر قدر ممكن من الحركات السياسية، أكبر قدر ممكن من التجمعات المدنية، من مؤسسات المجتمع المدني، من المؤسسات النسائية، من مؤسسات الحقوق إلخ. جميعهم يجب أن يلتفوا بقدر الإمكان، وإلى أبعد ما يستطيعون حول مطالب مشتركة يذهبون بها إلى الحوار من أجل تحقيقها».
وأضاف «أقول ذلك لأنني أريد أن أذكّركم بأنه عيب علينا أنه في أعوام الخمسينات من القرن الماضي، أي قبل أكثر من 60 سنة، استطاع شعب البحرين بغالبية ساحقة أن يجتمع حول مطالب محددة ويطالب من أجلها، وبعد 60 سنة يتفرق حول المطالب، أعتقد أن هذا لا يليق بهذا الشعب الطيب القادر على أن يفكر لنفسه، القادر على أن يلتئم على رغم كل المحاولات التي يحاول البعض أن يقوم بها من أجل تفريقهم حول المطالب».
وذكر فخرو «إذا انطلقنا من هذه المسلّمات الأربع الأساسية، كل شيء قائم، وأنا أقول لكم بكل صراحة: أنا من الذين يؤمنون إيماناً قاطعاً بأنه من الضروري توحد الكتل الأساسية المتجمعة حول بعضها بعضاً، ومن البداية، كنت أناقش مع إخواني في الجمعيات السياسية، في جمعيات المجتمع المدني، حاولوا أيها الإخوة أن تتفقوا على مطالب جيدة مع بعضكم بعضاً، حتى لا توجد أشكال وألوان من المطالب، وأنا أعتقد إلى حد ما نجحنا ويجب أن نسير في ذلك، أقول ذلك لأنه من الضروري أن ننتبه إلى أن هناك الآن فرصة تاريخية يجب ألا نضيعها من أجل تحقيق مطالب طال أمد الانتظار من أجلها، تذكروا أنه عبر السنوات الثماني الماضية كانت هناك مطالب للحوار وكان هناك رفض للحوار، الآن وقد جاءنا الحوار جنبنا من الضروري جداً أن نستفيد منه، هذا لا يعني أننا متأكدون من أن المطالب ستتحقق، ولا يعني أنه لن توجد مصائب، ولكن على شعب البحرين، على قواه السياسية القائدة، أن تتحرك من أجل تحقيق ذلك».
وأفاد «أنا أعلم أن البعض قد لا يوافق على ذلك، حسناً هذا النقاش هو نقاش سياسي، أنتم تعلمون أنه إذا كنا نعتبر أن الساحة السياسية في البحرين هي ساحة ديمقراطية، الديمقراطية لا تعيش إلا بوجهات نظر مختلفة، ليس هناك مشكلة أن توجد وجهات نظر مختلفة، المشكلة عندما تعتقد هذه الجهة أو تلك أنها هي المحقة وأن الآخرين ليس لهم حق في الوجود. هنا تأتي المشكلة في الحياة السياسية».
ولفت إلى أن «الشعب العربي تعب عبر قرون، وهو يختلف مع بعضه بعضاً لينتهي إلى أنه هو الخاسر، وأن الذين يرفضون حقوقهم هم الذين يربحون، هذه المرة يجب أن نصرّ إصراراً تاماً على أن نكون جديين في مناقشة حقوقنا والوصول إليها وصولاً تاماً».
وأشار إلى ضرورة تحديد «ما الذي نريد، في الأساس؛ ما الذي يريده شعب البحرين؟ شعب البحرين يريد أن ينتقل انتقالاً حقيقيّاً إلى الحياة الديمقراطية، هذا هو الشعار الأساسي، أن توجد حياة ديمقراطية، لأنه عندما توجد حياة ديمقراطية فإن إرادتكم، إرادة شعب البحرين، ستكون هي التي تحكم المشهد السياسي. حياة ديمقراطية بمعنى أنه يوجد دستور عقدي تضعه هيئة سياسية منتخبة قادرة على أن تعرف متطلبات شعب البحرين وتحقق هاهنا».
الميثاق والدستور يؤكدان المملكة الدستورية
وقال علي محمد فخرو: «إن الميثاق الوطني الذي وافق 98.4 في المئة من شعب البحرين عليه يلحّ على وجود مملكة دستورية ديمقراطية، المشكلة ليست في الكلمات، المشكلة في تفعيل هذه الكلمات، في جعلها موجودة في الواقع، وهذا هو العمل الذي يجب أن نقوم به في الوقت الحاضر».
وأشار إلى أن «من الضروري أن نتأكد أن الهيئة التشريعية هي الهيئة المنتخبة من قبل شعب البحرين بصورة ديمقراطية شفافة صحيحة ليس فيها أي نوع من الالتفاف من أجل أن تعبّر عن الناس، لا مانع مطلقاً من أن يوجد مجلس استشاري، هذه ليست مشكلة أن يوجد مجلس استشاري يبدي وجهات نظره، لا بأس مثل مجلس اللوردات في بريطانيا يبدي وجهة نظره ويرسلها إلى المجلس المنتخب، ولكن القرار النهائي هو للمجلس المنتخب لأن الميثاق الوطني والدستور يقولان إن الدستور والميثاق ينبعان من إرادة شعب البحرين ذاته، هو الذي يقرر مصيره وهو الذي يتوجه إلى مشاكله ليحلها ويتوجه إلى ما يرضاه».
وقال فخرو، في إشارة إلى الاختلاف على المملكة الدستورية: «أنا من الذين يؤمنون بأن هناك قضايا إذا اختلفنا عليها لنضعها للاستفتاء، فإذا كانت الغالبية الساحقة من شعب البحرين تريد شيئاً فبها، وإذا كانت الغالبية الساحقة من شعب البحرين لا تريد شيئاً فيجب أن نرفضها، لأننا نحن في الأرض العربية مع الأسف لا نستعمل وسيلة الاستفتاء كما يجب أن تستعمل، هناك قضايا دخول حرب، وهناك قضايا ذات جوانب اقتصادية، وهناك قضايا تتعلق بتوزيع الثروة إلى آخره من القضايا التي تهمنا جميعاً، في كثير من الأوقات يُبتعد عن الاستفتاء وتتخذ القرارات بعيداً عن الناس، وأنا أعتقد ليس في ذلك حق على الإطلاق»