أجمع اقتصاديون بأن زيادة إنتاجية النفقات العامة للدولة وتخفيض المصروفات المتكررة التي تستحوذ على 75٪ من الميزانية، إلى جانب سد كافة ثغرات الفساد وهدر الأموال في الميزانية هو السبيل الوحيد لتقليص العجز في ميزانية الدولة للعامين المقبلين 2011-.2012
وقال الخبير الاقتصادي د.ناظم الصالح إن الحل الجذري لمشكلة عجز الميزانية العاملة للمملكة يتمثل في تخفيض المصروفات المتكررة التي تستحوذ على 75٪ من الميزانية العامة فيما تبقى 25٪ من الميزانية للمشاريع التنموية والبنى التحتية. وأضاف الصالح، ''من ضمن المصروفات المتكررة في الميزانية الحكومية تتمثل في الدعم الحكومي الذي يتجاوز المليار دينار سنوياً''، معتبراً أن هذا مبلغاً ضخماً بالإمكان الاستفادة منه عند اللجوء إلى ترشيد الدعم وتوجهه لمستحقيه من المواطنين المحتاجين''. وأكد الصالح على أهمية التركيز على المشاريع التنموية المدرة وتنويع مصادر الدخل في كافة القطاعات وليس فقط الاعتماد على الإيرادات النفطية التي تشكل 75٪ من إيرادات المملكة، وقال ''من المؤسف البقاء تحت رحمة الأسواق العالمية فيما يخص ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط''، مشدداً على أهمية البحث عن موارد جديدة لتنويع الاقتصاد.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي د.جعفر محمد إن الأسلوب الأمثل لترشيد الإنفاق الحكومي للوصول لتقليص العجز في الميزانية الحكومية يتمثل في زيادة إنتاجية النفقات العامة للدولة وتخفيض المصروفات المتكررة. وأضاف محمد، ''من المهم زيادة كفاءة المصروفات الحكومية وعدم هدر الأموال العامة''، موضحاً أن الوضع الاقتصادي في المملكة يحتاج معه إلى سيولة وتوسع في المصروفات شريطة استخدام الأموال بالشكل الأمثل وتعزيز الصرف على البنى التحتية. وأشار د. محمد إلى أن ارتفاع أسعار النفط العالمية ربما تحقق تقليصاً في عجز الميزانية الحكومية، لافتاً في الوقت ذاته إلى ضرورة تخفيض المصروفات المتكررة.
من ناحيته قال الاقتصادي د.حسن العالي إن سد كافة ثغرات الفساد وضياع الأموال وهدرها في الميزانية الحكومية وفقا لتقرير الرقابة الذي صدر مؤخراً، كفيلة بسد العجز في ميزانية الدولة. واتفق العالي مع سابقيه في مسألة المصروفات المتكررة إذ يجب أيضاً اتباع الترشيد الإنفاقي فيها، لافتاً إلى مشروع ''التمويل الاستراتيجي'' الذي تتبناه الدولة ضمن استراتيجية رؤية البحرين 2030 والمقصود منه هو الإنفاق على مشاريع مدرة إلى جانب تطوير البنى التحتية. وبين العالي أن ثلثي ميزانية المملكة تذهب للمصاريف المتكررة التي تدخل ضمنها الرواتب وأجور الموظفين، لكن بها جوانب أيضاً يمكن الاستفادة منها ترشيد الصرف. وكانت وزارة المالية أعلنت مؤخراً أنها تعتزم إنفاق 3,5 مليار دينار خلال العامين المقبلين وأنها تحتاج لارتفاع سعر النفط إلى ما بين 97 و 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات. وقالت الوزارة في بيان إن البحرين تتوقع إيرادات قدرها 4,4 مليار دينار على أساس سعر تقديري لبرميل النفط يبلغ 80 دولاراً في مسودة ميزانية عامي 2011 و.2012 وتم تحديد العجز في ميزانية 2011 عند 7,372 مليون دينار وهو ما يقل كثيراً عن عجز الميزانية المحدد لعام 2010 عند 3,1 مليار دينار والذي يعتقد محللون أنه سيأتي أقل من ذلك بكثير بسبب التقديرات المتحفظة لسعر النفط في الميزانية، ومن المتوقع أن يرتفع العجز إلى 4,440 مليون دولار في .2012 ويتماشى العجز للعام الحالي مع مستواه في 2009 الذي بلغ – بعد إضافة كلفة تجديد قروض من السنة السابقة – 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وكان عجز عام 2009 أول عجز تسجله المملكة منذ 2005 على الأقل. وتعتزم البحرين زيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية مثل الإسكان والرعاية الصحية، لكنها تواجه في الوقت ذاته كلفة متزايدة للدعم بسبب الزيادة السكانية وتدفق العمال الأجانب. وكشف تقرير صادر عن وزارة المالية، تبحثه حالياً اللجنة المالية بمجلس النواب حول مبادئ إعداد وتنفيذ الميزانية للعامين القادمين، تقييد الصرف الحكومي بنسبة سنوية محددة للتحكم في نمو العجز وإعادة توجيه الدعم بهدف صرف الدعم لأغراض محددة وللفئات المحتاجة وذوي الدخل المحدود. وستكون الوزارات والجهات الحكومية مسؤولة عن إجراء المراجعة للخدمات والنشاطات لدراسة إمكانية تخصيصها أو إسنادها إلى القطاع الخاص بما يتوافق مع الرؤية الاقتصادية لتخفيف الأعباء المالية على الميزانية العامة. أما بالنسبة إلى المؤسسات والجهات الحكومية المستقلة التي تتوافر لها مصادر إيرادات خاصة بها أو أن لأعمالها طبيعة تجارية فستخضع المبالغ المخصصة لها للتقييم المستمر لتشجيع التمويل الذاتي لديها وتطبيق مبدأ مفهوم إقرار الكلفة ومن ثم تخفيض مبالغ الدعم المخصصة لها بشكل تدريجي