العدوان على غزة الذي مضى عليه عامان مازالت آثاره ماثلة للعيان، حيث ان القطاع يعيش تحت حصار بري وبحري من قبل الكيان الصهيوني، و اصبح وجود المواطنين اشبه بوجودهم في سجن كبير، ومع حجم الدمار الذي لحق به بسبب العدوان الصهيوني، الى جانب ما يقرب من الف وخمسمائة شهيد، واستخدام كل انواع الاسلحة المحرمة دوليا، الا ان العالم الغربي على وجه الخصوص، لم يتحرك بما يجبر دولة العدوان على وقف حالة الحصار المفروضة، وامداد القطاع باحتياجاته الغذائية والدوائية، وكل ما يلزم لاعادة اعمار ما دمرته آلة الحرب الصهيونية.
منظمات حقوق الانسان في الغرب، سرعان ما تبادر للوقوف في وجه حالة هنا وحالة هناك، تحت ذريعة انتهاك حقوق الانسان، وبشكل خاص اذا كانت لا تصب في مصلحة الاهداف الامبريالية والصهيونية، فينطبق عليها قول الشاعر :
قتل امرء قضية لا تغتفر وقتل شعب قضية فيها نظر
السنا في عالم البربرية والهمجية رغم ادعاءات التمدن، التي يدعي عالمنا انه وصل اليها، ام اننا في عصر لاحياة فيها الا للاوروبي والاميركي والصهيوني، اما شعوب الارض، وفي المقدمة منها العرب سواء اكانوا في فلسطين او العراق او لبنان او الصومال، فلا يستحقون الحياة، وليسوا من طينة البشر.
اهل فلسطين عموما، وابناء غزة على وجه التحديد، يعانون من عدوان يومي لا مثيل له، يريد تحطيم نفسية الانسان، والقضاء على كل امل له في الحياة، باعتقاد واهم، ان منطق القوة سيكون كافيا لتغييب منطق الحق، وما تعلمت الصهيونية من التاريخ واحداثه، ان كل الموجات العدوانية على شعوب الارض، وان كل انواع الهيمنة والاستعمار، قد انتهت الى زوال، وان البقاء وحده للمواطنين المتجذرين في ارضهم، وفلسطين تحديدا قد مر عليها الكثير من موجات العدوان الهمجية، وكلها انتهت الى الفشل، وزالت عن الوجود، وبقيت فلسطين باهلها بوجهها العروبي، ولم تغادر مكانها، ولا لغتها، ولا لكنة حديثها.
القطاع الذي يعاني العدوان اليومي، يشكل تحديا للسياسات العدوانية بصموده الاسطوري، وارادة شعب فلسطين الابية، التي لن تركع، ولن تنسى ان فلسطين كل فلسطين من البحر الى النهر عربية الوجه واللسان، وان اي قوة في الدنيا لن تستطيع ان تجعل ابناء غزة، ان يحيدوا عن ايمانهم بحقهم، وان يزعزعوا اي ذرة من ارادتهم، لا بل هم في كل يوم يزدادون اصرارا على الثبات على الحق، لانهم يؤمنون ما ضاع حق وراءه مطالب، وهاهم يمارسون هذا الحق بالصمود والمقاومة، وهم لا يرون بديلا عن المقاومة.
المقاومة هي عنوان الصمود في قطاع غزة، وهي بوابة النصر، ومستقبل الحياة الحرة الكريمة، وواجب دعمها والوقوف الى جانبها بات فرض عين على كل مسلم، وفي المقدمة ابناء امتهم العربية، فالخطر الصهيوني لا يهدد فلسطين فحسب، بل الامة باسرها من المحيط الى الخليج، وايا كانت الخلافات ووجهات النظر، فلا يجوز امام مساندة المقاومة ان يكون هناك مكانا لهذا الخلاف.
ابناء غزة جزء من الامة، وما يقع عليهم عدوان صارخ يقع على الامة بأسرها، وعلى الامة ان تبحث عن كل وسائل الدعم وتوفيره لهم، وليبدأوا بكسر الحصار بكل الوسائل والطرق السياسية والعسكرية، فالعدوان الصهيوني لا يعرف الا منطق القوة، وهو كيان هش قابل للهزيمة، في حالة توحدت كلمة الامة ونهجت نهج المقاومة، بديلا عن التلهي بالحلول الاستسلامية، وطرق التفاوض العبثية، التي حولت القضية المركزية للامة مع الكيان الصهيوني، من قضية وجود الى قضية حدود.
غزة الصمود والتحدي، وغزة المقاومة، عنوان الامة، وعلى الامة ان لا تتخلى عن عنوانها، والمقاومة هي التي تعيد للامة وجهها التاريخي، في البناء والتقدم والرفعة، والامة قد نهضت من خلال فوهات بنادق التحرير، تحرير الارض والانسان، فليكن شعار الامة، ان لا بديل عن المقاومة، وان لا حياة لانسان هذه الامة، الا بما بدأت بها نهضته ورسالته، رسالة الجهاد، رسالة المقاومة.
في ذكرى العدوان على غزة، ومع العدوان اليومي على فلسطين، لابديل للامة، الا الايمان بان فلسطين طريق الوحدة، والوحدة طريق فلسطين، فالوحدة والتحرير وجهان لحالة واحدة، فالتحرير يصب في خندق تحقيق الوحدة، والوحدة ذاتها تصب في مجرى التحرير، تحرير الارض والانسان، وتستطيع الامة ان تحقق ما تصبو اليه، وحدة في وجه التجزأة، و تحرير في وجه التبعية، و تقدم في وجه التخلف، فلتطرق المقاومة بوابات بيوتنا جميعا، ولنمد يد العون لها كواجب يتحتم علينا القيام به، فاذا كانت الصهيونية ترفع شعار شلت يميني ان نسيتك ياورشليم، فليكن شعارنا في قيامنا وقعودنا شلت يميني ان نسيتك يا فلسطين، كل فلسطين.