بالأمس القريب زارني أحد اعضاء مجلس النواب العراقي السابقين وهو من أنشط الذين جندوا انفسهم للتنظير والتأطير في إدارة أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بهدف ان تستطيع القائمة العراقية من تشكيلها او المشاركة الفاعلة فيها وأمام جمع من العراقيين المهتمين بالوضع العراقي في مسكني وبمرارة اليأس والمعاناة وحدة الكلام قال: "اكتب يا دكتور عن أكذوبة المشروع الوطني الذي ندعيه، ليس هناك مشروع ولا وطنية! هناك تشبث بالسلطة والمناصب! أربعة من قادة القائمة العراقية زوروا إرادة الناخبين وحولوا القائمة من قمة الانتصار الى قاع التوسل والهوان والعراقية اليوم حالها حال مريض ينازع ينتظر حقنة الموت".
أحد النواب الجدد الفائزين في القائمة العراقية يوصف بالمشاكسة خاطب الدكتور اياد علاوي امام كتلته خلال اجتماعه بها وهو يتحدث في إطار التهديد بالمقاطعة قائلا : ( لديك 91 نائبا في القائمة، 88 منهم سيسعى الى ان يكون وزيراً في حكومة المالكي بكل وسيلة ).
المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي تطالب القائمة العراقية باقراره بصلاحيات تنفيذية والذي سيكون مثل مجلس الشيوخ الامريكي، وفقا لتصورات الدكتور علاوي من حيث الصلاحيات والنفوذ يصفه الرئيس البرزاني الذي وقع مذكرة تأسيسه أنه بالصيغة المقترحة اشبه ما يكون بولاية الفقيه. هذا المجلس لن يؤسس ولن يكون اذا تأسس الا جهازا مفرغا بلا صلاحيات في حين ان المالكي كان ماضيا الى تشكيل الحكومة واعلانها حتى لو قاطعها علاوي، هكذا يعتقد احد المتحدثين باسمها. في حين تعلن الكتلة الكردية انها لن تصوت للحكومة الا اذا تم تصديق مذكرة الكرد المقدمة بجلسة بروتوكولية كتعهد موثق لنفاذ شروطها.
ما يحدث داخل جلسات وموائد التوافقات الشخصية على المناصب والمقاعد بين ساسة العراق الجدد وأطراف العملية السياسية الخرقاء أخطر وأعظم، لقد تجاوز هؤلاء (الأزلام) حدودهم حين اسرفوا بارادة الناخبين وضحكوا بوعودهم على ذقون من صوتوا لهم وذهبوا الى ابعد من ذلك حين اصبح بعضهم يضحك ويوقع ويرفع بعضهم الآخر من أجل توزيع الامتيازات والمنافع الشخصية تحت شعار التوافق والشراكة والمصالحة وهم أبعد من أن يكونوا حقيقة شركاء أو أمناء أو متصالحين في دوافعهم ودواخلهم.
المشروع الوطني او السياسي الذي تحدث عنه علاوي والمطلك ويتفنن بصيغ إطرائه النجيفي من على منصة مجلس النواب، أكذوبة واسطوانة مشروخة يعرفها هؤلاء الساسة المنصبون ويدركها شعبنا بوضوح وقناعة مهما تشدق وتشبث بها هؤلاء الساسة زيفا وبهتانا.
اهزوجة التغيير التي تغنوا ووعدوا الناخبين بها ما تحقق منها هو التزييف والتجيير لصالح المزيد من الفساد والعنف والتدمير. والذين اجتثهم الجلبي بالأمس وجلسوا على موائده اليوم اجتثوا انفسهم اليوم بسلوكهم شعبيا ومبدئيا مهما برروا وصرحوا.
عندما تشكلت القائمة العراقية اعلن قادة مكوناتها ان ائتلافهم جاء بمشروع وطني للعمل من دون عودة المالكي وحزبه للسلطة واحداث التغيير من داخل العملية السياسية التي يشاركون بها ، وها انتم بعد ان منحكم الناخبون استحقاقهم أتيتم بالمالكي وحزبه متنازلين وخانعين ومتوسلين وفي حين كان بعضكم يدعي انه لا يملك ما يدفعه لبطاقة سفر جوا ومنكم من طلب اللجوء الإنساني خوفا من التسول، نشاهدكم تمتطون أحدث المركبات الرباعية المصفحة مع ارتال حماياتكم حتى قبل ان تنصّبوا ، تبا لكم كيف تدعون!
المشروع الوطني يا ساسة العراق الجدد لستم أهلا له ، لانه مشروع المعاناة والمقاومة والصمود ، يصنعه الثقات والصامدون الأتقياء ثمنه التضحية والروح والمعاناة تفرزه التضحيات وحب الوطن والولاء للارض والثبات وانتم بلا منازع اثبتم انكم طلاب جاه ومال وزعامات وصنيعة احتلال وعقود ومقاولات، تعددت ولاءاتكم وانهارت ثوابتكم وحنثتم بأيمانكم، لستم وطنيين وليس لديكم مشروع ينجينا او ينجيكم، سيروا الى حيث انتم ماضون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون.
شعبنا المنكوب زدتم معاناته وفقدتم موالاته واصبحتم له هما فوق هم احتلالاته وعذاباته ، لكنه اليوم على كامل القناعة وأشد التصميم ان معاناته لن تطول وان تحريره وانتصاره مكفول وان مقاومته التي تدعون افولها تصول وتجول، فعلها ماكث في الارض وفعلكم زبد كالغثاء يزول.
* كاتب عراقي