جهود الولايات المتحدة الامريكية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية في رام الله والحكومة الاسرائيلية بدأت تعطي ثمارها في ما يبدو، بعد توارد انباء مكثفة عن نجاح بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بالتوصل الى صفقة في هذا الخصوص مع ادارة الرئيس باراك اوباما.
فبعد عودته مباشرة من جولته في واشنطن التي استغرقت اسبوعا دعا نتنياهو وزراء الحكومة الامنية المصغرة الى اجتماع عاجل لبحث هذه الصفقة، وللعمل على اقناعهم بقبولها لما تحتويه من ضمانات امنية وعسكرية وسياسية مغرية.
التسريبات التي نشرت بعضها الصحافة العبرية تتحدث عن محفزات امنية وسياسية غير مسبوقة، مثل قيام الولايات المتحدة بتزويد اسرائيل بعشر طائرات اخرى من طراز 'اف 35' الاحدث في الترسانة العسكرية الامريكية دون اي مقابل، ونشر شبكة صواريخ مضادة للطائرات، والتعهد بعرقلة اي رقابة دولية على المفاعلات النووية الاسرائيلية، والتصدي لاي محاولة لنزع شرعية اسرائيل في المحافل الدولية، بما في ذلك مناقشة تقرير غولدستون والعدوان على سفينة مرمرة.
مقابل كل هذه الاغراءات ستوافق حكومة نتنياهو على تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة اشهر في الضفة الغربية، على ان يستمر في القدس المحتلة والمستوطنات المحيطة بها.
الحوافز الامريكية لحكومة نتنياهو اخطر بكثير من مسألة تجميد جزئي للاستيطان، مما يعني، وبكل بساطة، ان ادارة الرئيس اوباما خضعت بالكامل لشروط الحكومة الاسرائيلية الابتزازية.
الخطر الاستيطاني لا يقتصر فقط على الضفة الغربية، بل على القدس المحتلة ايضاً، واستثناء الاخيرة من اي تفاهم امريكي اسرائيلي، يعني ان اي مفاوضات مستقبلية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل غير ذات قيمة على الاطلاق.
ولعل النقطة التي يجب التوقف عندها هي غياب اي ضمانات بنجاح المفاوضات بعد ثلاثة اشهر من تجميد الاستيطان الجزئي، فماذا لو لم يتم التوصل الى اتفاق مرض خلال فترة التجميد هذه، هل ستبادر حكومة نتنياهو الى ابتزاز الادارة الامريكية مجدداً، وطلب المزيد من الضمانات الامنية والسياسية والعسكرية مقابل تمديد جديد لبضعة اشهر اخرى؟
لا نعرف رد السلطة الفلسطينية على مثل هذه الحوافز والتفاهمات الامريكية الاسرائيلية، وكل ما تسرب حتى الآن عن المسؤولين فيها هو القول بأن السلطة لم تتسلم حتى الآن اي مقترحات امريكية جديدة، ولهذا ستكتفي بالصمت انتظاراً لوصول هذه المقترحات رسمياً.
المقترحات الامريكية ستصل حتماً ان لم يكن اليوم ففي الغد على اكثر تقدير، ولن يكون بمقدور السلطة غير الانصياع للاملاءات الامريكية مثلما هو الحال في كل الظروف المماثلة، وربما يتم اللجوء للحيل والالتفافات السابقة، اي دعوة لجنة متابعة مبادرة السلام العربية للاجتماع في القاهرة لتوفير غطاء لعودة السلطة وكبار مفاوضيها الى المفاوضات المباشرة مجدداً.
فمن الواضح ان هناك قراراً في اوساط قيادة السلطة بعدم قول 'لا' للادارة الامريكية وتنفيذ كل طلباتها دون مناقشة، لان اي خيار آخر معناه انهيار هذه السلطة، وفقدان مسؤوليها، معظم ان لم يكن، جميع امتيازاتهم المالية والوظيفية الضخمة، وهذا امر غير ممكن على الاطلاق بالنسبة الى هؤلاء جميعاً.
2010-11-14