اذا كنا نتحدث عن الاسباب الكامنة وراء الحرب على الاسلام في امريكا والغرب عموما، وتصاعدها في الفترة الماضية، فلا يمكن ان نغفل سببا جوهريا، هو في الحقيقة اهم الاسباب واخطرها. نعني بذلك غياب الدور الفاعل من جانب الدول الاسلامية نفسها في مواجهة هذه الحرب.
نعلم جميعا انه على امتداد السنوات الماضية، ورغم تواصل هذه الحرب على الاسلام والمسلمين، فإن مواقف الدول العربية والاسلامية لم تتجاوز ابدا الادانة والشجب. وبالاضافة الى هذا، فلم نلمس على الاطلاق أي تحرك اعلامي او سياسي مخطط ومدروس في الغرب تقوم به الدول الاسلامية في مواجهة هذه الحرب والقوى التي تشنها.
بعبارة اخرى،لولا تردد العرب والمسلمين على هذا النحو في الدفاع عن الاسلام، وفي التصدي الحازم للاساءات والاهانات للاسلام والمسلمين في الغرب لما استمرت هذه الحرب بهذا الشكل.
المهم اليوم، وعلى ضوء ما يجري في امريكا من فصول للحرب على الاسلام، فإن عددا من الحقائق اصبحت واضحة:
اولا: ان هذه الحرب على الاسلام سوف تطول.
يوما بعد يوم يتضح ان هذه الحرب في امريكا وفي الغرب عموما على الاسلام، ليست بسبب احداث 11 سبتمبر، او بسبب الخوف المزعوم من جماعات اسلامية متطرفة تهدد الغرب.
يوما بعد يوم يتضح ان الكراهية العنصرية والعداء للاسلام متأصلة في الغرب اكبر مما نتصور بكثير.
هذه العنصرية غذتها مخاوف هستيرية يروج لها الصهاينة والجماعات المتطرفة في الغرب من وجود خطر بأسلمة اوروبا وما شابه ذلك.
وهذه الحرب على الاسلام هي جزء من الاستراتيجية الصهيونية، والاستراتيجية الاستعمارية الغربية، التي تستهدف العالم العربي والاسلامي.
على ضوء هذه الاعتبارات، فإن هذه الحرب سوف تطول كما قلنا.
ثانيا: ان هذه الحرب تتطور باستمرار، وتأخذ مرحلة بعد اخرى اشكالا وصورا اكثر عنفا وتطرفا.
في السنوات القليلة الماضية، تطورت هذه الحرب من هجمات اعلامية وسياسية على الاسلام والمسلمين في امريكا والدول الاوروبية، الى تشريع قوانين تستهدف المسلمين، وها نحن نشهد حرق القرآن الكريم.
والامر الذي لا شك فيه ان هذه الحرب يمكن ان تتطور في مرحلة تالية الى اعتداءات سافرة على المسلمين في الغرب، وما هو اسوأ من هذا بكثير، كالقيام بعمليات طرد جماعي لهم.. وهكذا.
ثالثا: وكما نرى، فإن المسلمين في امريكا والدول الاوروبية هم اول واكبر ضحايا هذه الحرب. استمرارها يعني انهم سوف يظلون دوما معرضين لأخطار هائلة.
في المحصلة النهائية، النتيجة التي يجب الوصول اليها على ضوء هذه الحقائق، تصبح واضحة.. انه لم يعد مقبولا ان تستمر الدول العربية والاسلامية في تخاذلها في مواجهة هذه الحرب، واحجامها عن فعل شيء في مواجهتها، ولردع هذه القوى التي تشنها.
وكما قلنا مرارا، وتكرارا من قبل، فإن الدول العربية والاسلامية تملك ان تفعل الكثير جدا، وبمقدورها ان تردع هذه الدول الغربية، وان تجبرها على وقف هذه الحرب. لكن الاكثر برمته مرهون بأن تقرر الدول العربية والاسلامية ذلك، وان تشرع على الفور في التخطيط العملي لمواجهة هذه الحرب.