الذي فعلته محطة سي ان ان الأمريكية مع الصحفية اوكتافيا نصر، لا يمكن وصفه الا انه ارهاب فكري ومهني وسياسي، ولا يمكن اعتباره الا انه انحطاط مهني واخلاقي وسياسي.
ليس هناك معنى آخر غير هذا لإقدام المحطة على فصلها لمجرد انها كتبت جملة واحدة تعبر فيها عن حزنها على رحيل السيد محمد حسن فضل الله، وتعبر عن احترامها له.
لنلاحظ بداية ان الصحفية عبرت عن رأيها هذا في موقع شخصي على الانترنت في بضع كلمات، ولم تعبر عن رأيها هذا مثلا على شاشة السي ان ان.
بعبارة اخرى، فان ما ذكرته عن السيد فضل الله هو مجرد تعبير عن رأي شخصي بحت لا علاقة له بموقعها المهني ولا بعملها.
ومعنى ان تفصلها المحطة بسبب تعبيرها عن رأي شخصي على هذا النحو، انها تمارس ارهابا على الافكار والآراء الشخصية لا علاقة له بالمهنة واخلاقياتها.
ولنلاحظ ان ما قالته الصحفية يتعلق برجل يحظى باحترام وتقدير الكل في المنطقة على الاصعدة الرسمية وغير الرسمية. ولهذا حرص قادة دول وحكومات في المنطقة على المشاركة في عزائه. بل ان سفراء غربيين في بيروت لم يترددوا في الاشادة بالسيد فضل الله.
وهذه المكانة التي حظي بها الراحل الكبير تأتت لأنه كان داعية تسامح ووحدة، وكان يعبر عن مواقف انفتاحية ومعتدلة.
غير ان معيار الحكم بالنسبة للمحطة ليس كل هذا، وانما فقط ما يراه الصهاينة وما تراه اسرائيل.
ولنلاحظ انه في الوقت الذي لم تتردد فيه المحطة عن فصل الصحفية بسبب ما كتبته، فان محطة السي ان ان نفسها، وكثير من المحطات التليفزيونية الامريكية، لا تتردد في افساح المجال امام الكثيرين الذين يهينون الاسلام والعرب والمسلمين ويرددون الاكاذيب والافتراءات في برامجها. ولم نسمع في أي مرة ان احدا وجه الى هؤلاء أي لوم اوعتاب.
وكما ذكر احد الكتاب انه فيما يتعلق باوكتافيا نصر نفسها، لو انها كانت قد كتبت تشيد مثلا بارهابي مجرم حرب مثل شارون وامثاله، لما كان احد في المحطة قد لامها مجرد لوم، ولما كانوا طبعا قد اتخذوا ضدها أي اجراء.
اذن، المغزى الاساسي لما فعلته محطة السي ان ان، هو نفس المغزى الذي حمله ما جرى لعميدة صحفيي البيت الابيض هيلين توماس عندما اجبروها على التقاعد لمجرد انها انتقدت اسرائيل والاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
والمغزى ببساطة هو ان الاعلام الامريكي لا هو اعلام حر، ولا هو اعلام مستقل، ولا هو اعلام محترم حتى بالمعايير المهنية.
بعبارة اخرى، هو اعلام حر فقط حين تعني الحرية اهانة الاسلام او العرب والمسلمين والدول والشعوب الاخرى التي لا ترضى عنها اسرائيل. هو حر حين تعني الحرية فقط الدفاع عن الارهاب الاسرائيلي بكل صوره.
بعبارة ثانية، وكما قلت سابقا، حين يتعلق الامر باسرائيل والموقف منها، فان الاعلام الامريكي في مجمله يصبح عبدا بكل معنى الكلمة.
هذا انحطاط مهني واخلاقي وسياسي.
لماذا وصل الاعلام الامريكي الى هذه الدرجة من الانحطاط؟
القصة معروفة. الاعلام الامريكي خاضع لسطوة اللوبي اليهودي ولاسرائيل وللإرهاب اليهودي الاسرائيلي الذي يمارس ضده.
هذا امر معروف منذ زمن بعيد.
غير ان جانبا آخر لا بد ان نتطرق اليه، ويتعلق بمسئولية الرئيس اوباما في الوقت الحاضر عن هذا الانحطاط الاعلامي الامريكي.
وهذا موضوع سنتطرق اليه في عمود قادم بإذن الله.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.