مسؤولية إيران عن بدء الحرب على العراق وإستمرارها قضية محسومة لا جدال فيها
رداً على تصريحات مسؤولين في الحكومة الإيرانية في الفترة الأخيرة حول وجوب دفع العراق تعويضات لإيران عن الحرب العراقية الإيرانية، أوضح الممثل الرسمي للبعث في العراق الدكتور خضير المرشدي أسباب تلك الحرب التي كان البادئ فيها والمصرّ على إستمرارها هو النظام الإيراني.
واستعرض الدكتور خضير المرشدي في تصريحه الممارسات العسكرية والسياسية والإعلامية العدوانية التي قامت بها حكومة إيران ضد العراق وبدئها بالعدوان العسكري قبل أن يردّ العراق على هذا العدوان.
وأكّد الممثل الرسمي للبعث في العراق بأن على المجتمع الدولي أن يطالب إيران بدفع تعويضات للعراق نتيجة عدواناتها المستمرة منذ نهاية السبعينيات وحتى يومنا هذا.
وفيما يأتي نص التصريح:
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ
فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
صدق الله العظيم
تصاعدت وتيرة تصريحات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً عن ضرورة دفع العراق تعويضات إلى إيران بسبب الحرب العراقية الإيرانية معتبرين أن العراق هو البادئ بالحرب.
إن البعث وقيادته ومجاهديه يستهجنون هذه التصريحات المغرضة التي تروم تشويه الحقائق وتزوير التاريخ، ويحذرون من الانسياق خلف المؤامرة الأميركية الصهيونية الإيرانية التي وجّهت كل أجهزة إعلامها وإعلام المتواطئين والمتعاونين معها لإشاعة كل ما هو كاذب بهدف التشويش على نظام البعث في العراق وإبرازه على أنه المعتدي في هذه الحرب.
إن ظهور مثل هذه التصريحات، وفي هذا الوقت بالذات، هو جزء من المؤامرة الأميركية الصهيونية الإيرانية الكبرى ضد العراق وقيادته الوطنية وشعبه، فالحقائق الثابتة والتي لن تدحضها الأباطيل الدنيئة تقول إن إيران ومنذ قدوم الخميني إلى الحكم بدأت بتصعيد وتيرة الموقف العدائي ضد العراق إعلامياً وسياسياً وعسكرياً وطرحت نظرية (تصدير الثورة)، وأعلنت أن تحرير القدس يمر عبر تحرير كربلاء.. كل ذلك كان يجري وفق مؤامرة تم إعدادها سلفاً من أجل إجهاض المشروع النهضوي الذي تبنته قيادة الحزب والثورة في العراق، ولعل قضية الجاسوس الإيراني (بازوفت) حامل الجنسية البريطانية والولاء الصهيوني المعروفة، إضافة إلى قصف مفاعل تموز العراقي من قبل الكيان الصهيوني عام 1981، وفضيحة (إيران كونترا) عام 1986 التي كشفت شراء إيران الأسلحة وقطع غيارها من أميركا والكيان الصهيوني، تبرهن مدى حجم هذا التآمر الخطير في محاصرة العراق من كل جانب وشن العدوانات المتتالية عليه ابتداء بالعدوان الإيراني عام 1980 وحتى الاحتلالين الأميركي والإيراني عام 2003.
بعد كل ما سبق نستعرض بشكل موجز بعض الاعتداءات الإيرانية على العراق منذ شباط عام 1979 حتى أيلول عام 1980، أي قبل أن يباشر العراق رده المشروع على هذه الاعتداءات:
1- منذ شباط عام 1979 ولغاية أيلول 1980 قامت الطائرات الحربية الإيرانية باختراق الأجواء العراقية (249) مرة، إضافة إلى الاعتداء على (3) طائرات مدنية عراقية وإجبار إحدى الطائرات بالهبوط داخل الأراضي الإيرانية بعد محاصراتها بالطائرات الحربية الإيرانية.
2- منذ حزيران عام 1979 ولغاية أيلول 1980 قامت إيران بالاعتداء على أهداف مدنية داخل العراق (244) مرة.
3- قامت إيران بالاعتداء على القنصلية العراقية في منطقة المحمرة أربع مرات بتاريخ 11/10 و26/10 و1/11 و7/11 عام 1979، وقامت بطرد موظفيها واحتلالها خلافاً لكل الأصول والأعراف الدبلوماسية.
4- قامت إيران منذ كانون الثاني عام 1980 ولغاية أيلول 1980 بقصف المنشآت البترولية والاقتصادية العراقية (7) مرات.
5- قامت إيران في 1 نيسان عام 1980 بتفجيرات الجامعة المستنصرية والتي استشهد فيها العديد من الطلبة إضافة إلى جرح الأستاذ طارق عزيز نائب رئيس الوزراء، وجرح الأستاذ بدر الدين مدثر عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
6- في 5 نيسان عام 1980 استكملت إيران جريمة تفجير الجامعة المستنصرية بإلقاء القنابل اليدوية من داخل مدرسة إيرانية في بغداد على مسيرة تشييع الطلبة الذين استشهدوا في جريمة تفجيرات الجامعة المستنصرية.
7- في 31 تموز 1980 فتحت إيران نيران مدفعيتها الثقيلة على منطقة جوار كلاو ومخفر عبد الرحمن الداخل وعلى منشآت النفط خانة ومخفر الخافقي.
8- في 4 آب 1980 قامت إيران بفتح نيران مدفعيتها الثقيلة على مخافر رمضان والوند وعتبة بن غزوان الحدودية، إضافة إلى مخفر الحسين القديم وحي الشرطة في منطقة المنذرية ومنطقة جوار كلاو ومخفر بدر وعلى القطعات الحدودية العراقية في باوية.
9- في 6 آب 1980 قامت إيران بقصف مخفر حذيفة الحدودي بالمدفعية الثقيلة والهاونات.
10- في 11 آب 1980 قامت إيران بفتح نيران مدفعيتها الثقيلة على مخفري الخافقي وزين القوس وصاحب ذلك توغل الطائرات الحربية الايرانية داخل الأراضي العراقية.
11- منذ 4 أيلول ولغاية 22 أيلول عام 1980 واصلت إيران العدوان بقصف المدن العراقية الحدودية بالمدفعية الثقيلة والهاونات ليطال القصف مدن خانقين ومندلي وزرباطية ومصفى الوند واحتلت القوات الايرانية مناطق زين القوس وسيف سعد، وهي أراض اعترفت الحكومة الايرانية بعائديتها العراقية في "اتفاقية الجزائر" عام 1975، ومنها جرى قصف مناطق مدن العراق بالمدفعية الثقيلة. وتطوّر العدوان ليشمل حقول النفط في محافظة البصرة ومركز محافظة البصرة، كما أغلقت إيران شط العرب واستخدمت سلاح الطيران في شن الغارات الجوية وضرب قطعات الجيش العراقي داخل الحدود العراقية، وأبرزها قضية الطيار الإيراني (لشكري) الذي تم أسره بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي العراقية طائرته داخل العراق أثناء قيامه بغارة جوية على القطعات العسكرية العراقية في 4/9/1980 واطلق سراحه بعد إنتهاء الحرب، كما القت القوات العراقية القبض على عدد كبير من ضباط المخابرات الإيرانية الذين تسللوا إلى العراق في ذلك الوقت بقصد التخريب.
كل ما ذكرناه آنفاً من حقائق مثبتة وموثقة بـ (293) مذكرة خطية وجهتها وزارة الخارجية العراقية إلى السفارة الإيرانية في بغداد آنذاك، ومسجّلة بـ(260) مذكرة رسمية وجّهت إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إضافة إلى قيام العراق بإرسال ثلاثة وفود رسمية إلى إيران مطالبا إياها بوقف اعتداءاتها وتدخلاتها غير المشروعة في شؤونه الداخلية، إلا أن إيران استمرت بعدوانها وتوهمت أن العراق ضعيف بعدم ردّه على إعتداءاتها، وبمواصلته السعي لنزع فتيل الصراع حتى 22 أيلول عام 1980.
وبعد ما استعرضناه من حقائق تدين إيران وعدواناتها الإجرامية الظالمة ضد العراق، وتثبت مسؤوليتها عن بداية الحرب على العراق، لابد لنا من أن نكشف حقائق الوثيقة التي تستند إليها إيران في دعواها بتحميل العراق مسؤولية الحرب واتهامه بشن العدوان على إيران.
إن الوثيقة الأساسية التي تستند إليها إيران هي رسالة الأمين العام للأمم المتحدة خافير بيريز ديكويلار إلى رئيس مجلس الأمن المؤرخة في 9/12/1991، والتي جاء فيها (إن الهجوم على إيران يوم 22/9/1980 لا يمكن تبريره في إطار ميثاق الأمم المتحدة أو أية قواعد أو مبادئ معترف بها في القانون الدولي أو أية مبادئ أخلاقية دولية، وهو ينطوي على مسؤولية الصراع).. هذه الوثيقة كانت الثمن الذي قبضته إيران في صفقة عقدتها مع الولايات المتحدة الأميركية بوساطة الأمم المتحدة.. صفقة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وأية مبادئ أخلاقية دولية وتجلب العار لكل من شارك فيها وساهم في تزوير الحقائق والتاريخ، وكان جوهر هذه الصفقة هو الإفراج عن الرهائن المدنيين الأميركان الذين اختطفتهم ميليشيات تابعة لإيران في لبنان خلال الفترة 1985-1988، مقابل توجيه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة إلى مجلس الأمن يحمّل فيها العراق مسؤولية شن الحرب على إيران.. ويمكن الاطلاع على تفاصيل هذه الصفقة المثبتة بالوقائع والأسماء في مذكرات وكيل الأمين العام للأمم المتحدة جيادومينيكو بيكو في كتابه الموسوم (رجل بلا سلاح) الصادر عام 1999.
وهنا نؤكد إن هذه الوثيقة غير الشرعية هي بحد ذاتها إدانة لإيران، ذلك لأن صمت إيران وعدم مطالبتها الأمم المتحدة بتحديد الطرف المسؤول عن الحرب منذ إنتهاء الحرب في 8/8/1988 ولغاية 2/8/1990، يُثبت عدم عدالة مطالب إيران لعلمها بأن العراق يمتلك من الوثائق ما يدينها ويحمّلها مسؤولية الحرب، إلا أن إيران استغلت العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 لتبدأ بتحريك مثل هذه الورقة الخبيثة لتزوير الحقائق وإلقاء المسؤولية على عاتق العراق، كما تستغل وضع العراق المحتل اليوم لتصعيد دعواها بمطالبة العراق بالتعويضات لعلمها بأن الحكومة العميلة في العراق تابعة ذليلة لها وستوافق وتصادق على أي مطلب من مطالبها.
وإن كانت المسؤولية عن بدء الحرب قضية خلافية بين العراق وإيران،، كما يدّعي البعض، مع إن الحقائق التاريخية المثبتة تؤكد أن إيران هي الطرف البادئ بالعدوان العسكري على العراق، فإن مسؤولية إيران عن استمرار الحرب هي قضية محسومة بموجب القانون الدولي ولا يمكن لأحد أن يجادل فيها. فبعد الرد العسكري العراقي بعدة أيام أصدر مجلس الأمن القرار (479) في 28 أيلول 1980 دعا فيه إيران والعراق إلى الوقف الفوري لاستخدام القوة وحل خلافاتهما بالوسائل السلمية طبقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي، ووافق العراق على القرار بعد يوم من صدوره ولم توافق عليه إيران كما لم توافق على كل القرارات اللاحقة التي صدرت عن مجلس الأمن وهي القرارات (514) في 12/7/1982، و(522) في 4/10/1982، و(552) في 1/6/1984، و(582) في 24/2/1986، و(588) في 8/10/1986، و(598) في 20/7/1987.. وهذه القرارات ملزمة للطرفين، وافق عليها العراق جميعاً إلا أن إيران رفضتها جميعاً لغاية 8/8/1988، لذا فإن إيران مسؤولة قانوناً عن استمرار الحرب طيلة هذه المدة.
أمّا مزاعم إيران بأن العراق هو المعتدي وأنها كانت تدافع عن نفسها طيلة الثمان سنوات، فهي متهافتة وتتناقض مع الوقائع على الأرض كما ذكرنا أنفا،وتتناقض مع القانون الدولي، فالمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حق الدول في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت عليها قوة مسلحة لحين اتخاذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي. ومجلس الأمن اتخذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي بقراره (479) في 28/9/1980، ووافق العراق على هذا القرار بينما رفضته إيران ورفضت وقف إطلاق النار، وذلك يحولها إلى دولة معتدية ويرتب عليها التزامات، منها حق العراق بمطالبة إيران بالتعويضات عن الأضرار التي سببها استمرار عدوانها عليه من تاريخ قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في 28/9/1980 ولغاية 8/8/1988، هذا في حال تنازل العراق عن حقه بمطالبة إيران تعويضه عن عدواناتها منذ شباط 1979 ولغاية يومنا هذا.
إن صمت النظام الدولي الحالي وتواطئه إزاء المؤامرة الأميركية الصهيونية الإيرانية ضد العراق وقيادته وشعبه يجب أن لا يستمر، ونؤكد بأن البعث يطالب الاحتلال الأميركي بدفع التعويضات للشعب العراقي عن الأضرار التي ألحقها به منذ عام 1991، وفي غزوه واحتلاله غير المشروع عام 2003، كما إن شعب العراق ومقاومته الباسلة لن يتنازل عن الحق هذا تجاه إيران ويتمسك به مهما طال الزمن، وان هذا الشعب العظيم الذي اسقط المشروع الأمريكي – الصهيوني في العراق والمنطقة وبفعل مقاومته التاريخية الذي هي امتداد لجيش العراق العظيم ودولته الوطنية بكل ثقلها ومؤسساتها يطالب إيران بدفع التعويضات للعراق جراء عدواناتها عليه منذ شباط 1979 واشتراكها الفعلي مع أميركا في غزو العراق واحتلاله، وهو أمر موثّق بإعتراف المسؤولين الإيرانيين (ومنهم أبطحي) وبممارسات الحكومة الإيرانية منذ إحتلال العراق، وعلى المجتمع الدولي أن يعترف بهذه الحقيقة ويقر بها ويلزم أميركا وإيران وكل من اشترك معهما بالعدوان على العراق وشعبه بدفع التعويضات نتيجة ما ألحقوه من أضرار ودمار وتخريب.
كما أن البعث وقيادته ومعهما شعب العراق يحذّرون كل سماسرة السياسة الذين يروجون لهذه الأكاذيب بتحميل العراق مسؤولية الحرب مع إيران، أن لا يشتركوا في جريمة تزوير التاريخ والتشويش على الحقائق، وندعوهم بأن يلتزموا الصمت على الاقل إن كانوا يخشون إدانة إيران، بدلاً من الجهر بالزور والافتراءات التي تخدم الأطماع الإيرانية التوسعية في المنطقة، كما ندعوهم لمراقبة العدوانات الإيرانية المتكررة اليوم بالقصف المدفعي المتواصل على القرى العراقية في شمال العراق واحتلال حقول وآبار النفط في الفكة ومجنون في جنوب العراق، ليعلموا إن كانوا لا يعلمون من هو المعتدي دائماً.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
صدق الله العظيم