لم تعد القضية الفلسطينية قضية محلية، تهم الشعب العربي الفلسطيني، ولا الامة العربية باعتبار ان فلسطين جزء من الامة العربية، ولا حتى الدول الاسلامية على اعتبار ان غالبية مواطنيها يدينون بالاسلام، بل اصبحت قضية انسانية عالمية، باعتبار ان الانسانية تتعرض للقمع والاضطهاد وللتشريد على مدار الساعة، وبأبشع الجرائم التي عرفها الانسان.
نالت قضية فلسطين من الاهتمام الانساني اكبر مما تخيلته الصهيونية، يوم فكّرت باغتصابها كوطن قومي لليهود، متحدية العرف الانساني والقانون الدولي، في اعطاء من لا يملك حقا، وحرمان صاحب الحق، والعمل على تهجير صاحب الارض والوطن في شتى بقاع الارض، وجلب من لا صلة له، ليكتسب حق المواطنة، واقامة كيان عدواني غاصب، يجد دعما وسندا من قوى العدوان العالمي، امبرياليا وبربريا وهمجيا ولا انسانيا، على الرغم من تهافت الادعاءات الصهيونية، في اثبات الحق المزعوم لليهود في ارض فلسطين.
مع التطور الاخلاقي الانساني، والتركيز على الحرية وحق الانسان في الحياة، باتت الاصوات العالمية تتزايد، وترفع صوتها عاليا ضد الممارسات الصهيونية العدوانية، ومع ازدياد الصلف الصهيوني، وبشاعة الممارسات ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، في عموم فلسطين بشكل عام، وفي حصار التجويع في قطاع غزة على وجه الخصوص، بعد العدوان الهمجي البربري على القطاع، واستخدام كافة انواع التكنولوجيا العسكرية والاسلحة المحرمة دوليا، تنبهت المنظمات الانسانية ودعاة الحرية في العالم، وتنادت لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
قطاع غزة يعيش حالة من التجويع بفعل الحصار الذي تفرضه " اسرائيل" على ابناء غزة، وتحكم الحصار في عدم السماح لوصول المواد الغذائية لاطفال غزة، ولا تسمح ايضا باعادة اعمار ما دمرته الآلة العسكرية الصهيونية، وتمارس العدوان يوميا على المواطنين المحرومين من حقهم في الحياة، واهل غزة صامدون، يتشبثون بحقهم في وطنهم، وبايمانهم ان صمودهم جزء من المواجهة مع العدو الصهيوني، الذي يضمر لهم كل انواع الشر، ويمارس ابشع انواع الجريمة للخلاص منهم.
اسطول الحرية الذي يجمع ثمان مائة انسان من احرار العالم، المتجه من جميع اقطار العالم، والممثل للضمير الانساني، مصمم على كسر الحصار الاجرامي امام الصلف الصهيوني، الذي يعد العدة لمواجهة اسطول الحرية بالاساليب الهمجية واللااخلاقية واللاانسانية، رغم ما يدعيه هذا الكيان الغاصب من ممارسة الديمقراطية، التي نسي العالم ان ديمقراطيته المزعومة لا يمكن ان تكون، في ظل الطائفية والعنصرية التي يمارسها في حق ابناء فلسطين.
اسطول الحرية يعري الكيان الصهيوني، ويكشف بشاعة ممارساته، ويظهر حقيقة المأساة التي يعيشها المواطن الفلسطيني، ويؤكد ان العالم رغم ما فيه من بشاعة عدوان وتدمير، واغتصاب للحقوق واعتداء على الحريات، وحروب ودمار يشنها الغرب الامبريالي والصهيونية العالمية، الا انه مازال بخير، ينبض بالحياة القادرة على الوقوف في وجه الصلف والجبروت، النابع من الطبيعة العدوانية الامبريالية والصهيونية.
اسطول الحرية وجه مشرق، وتعبير حقيقي للطبيعة الخيّرة للانسان، في مواجهة الشر البشع الذي يعشعش في النفوس المريضة، وان كانت القوة الصهيونية قادرة على احتجازه، ومنعه من الوصول الى شواطئ غزة، لا بل وحتى اعتقال كافة الاعضاء ال ثمان مائة، فان النتائج المترتبة على ذلك، ستكون في صالح فلسطين والقضية الفلسطينية، ولطمة للصهاينة الذين يتبجحون بانهم واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط.
مع اشراقة يوم الثلاثين من ايار، ستكون واحدة من معارك الخير ضد الشر، ورغم ان هذا الشر قادر على ان يكسب في جولات الصراع، الا ان للحق صولته التي تزيل الشر، وتقضي على منابعه، وتعيد الحق الى نصابه، وهو ما يؤكد ان فلسطين لابد وان تعود عربية الوجه واليد واللسان من البحر الى النهر.
الكيان الصهيوني كيان هش غير قابل للحياة، لانه لا يملك مقومات الحياة على حساب اصحاب الحق التاريخيين، وقد تعرضت فلسطين لمحاولات اغتصاب عدّة على مر التاريخ، ولكن كل موجات الاغتصاب ذهبت ادراج الرياح، لانه ما ضاع حق وراءه مطالب، فالفلسطيني والعربي والاسلامي واحرار العالم كلهم، يجمعون على استعادة فلسطين من ايدي الغاصبين، والصهاينة يدركون جيدا رغم مكابرتهم، ان الاستعمار مصيره الى زوال.