من المعروف ان الاحتلال يعطل اي حركة سياسية واقتصادية واجتماعية، وهو يقف في طريق حرية المواطن وحقه في الاختيار، فمن غير المعقول ان تقوم اية قائمة لانتخابات حرة في ظل سلطة الاحتلال، وجنوده تدوس على كل قيم الحق والحرية والعدل، وهي تقوم بحماية مصالح الاحتلال، ولا تعبأ بمصالح المواطنين، لانها جاءت لخدمة مصالحها، ولنهب خيرات الشعوب.
مامن شك ان الانتخابات التي تجري في الدول المحتلة هي لضمان خدمة الاحتلال، وليس فيها اي حد لما يسمى بالديمقراطية، لان السطر الاول في الديمقراطية هو في حرية الاختيار، فكيف اذا كانت هذه الانتخابات تقوم على تنظيم مصالح المحتلين؟، وان الذين يمارسونها من الناخبين هم في عداد الذين يسعون لايذاء بلدهم، بزعم الاحتلال ان خياراتهم قائمة على الحرية، وان المرشحين هم خدم الاحتلال وعبيده، ومن المنتفعين من فتات موائده، وماهم الا افرازات احتلال لا يسعى الا لامتصاص ثروة الوطن، والعمل على تسيير الناس في ضوء مصالحه الخاصة، دون الاخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين.
في الانتخابات التي جرت على ارض العراق المحتل هناك تزييف لارادة المواطنين من قبل المحتل واعوانه، فليس معقولا ان يسمح المحتل بقانون انتخاب يفرز تمثيلا صحيحا لجماهير الشعب، والذين يشرفون على تنفيذ هذه الانتخابات هم من عملاء الاحتلال، وقد مارست الهيئة المشرفة على الانتخابات انتهاكات صارخة، في تفصيل اجراءات الانتخاب، وحرمان من لا تراه مؤيدا لسلطات الاحتلال، او من لا يخدم توجها متنفذا فيما يسمى بالسلطة التنفيذية.
هناك تزييف واضح وصريح في نسبة المقترعين، فالوكالات الدولية اقرت ان النسبة لا تتجاوز اﻠ(16%)، في الوقت الذي عكست فيه الهيئة المشرفة على الانتخابات الرقم فاصبح بقدرة قادر (61%)، على الرغم ان شوارع بغداد في يوم الاقتراع كانت اشبه بيوم منع التجول، حيث ان المواطنين احجموا عن الذهاب لصناديق الاقتراع لاسباب امنية من جهة، ولعدم قناعتهم بالمرشحين من مختلف القوائم الطائفية، لان هذه الوجوه قد تم اختبارها على مدى سنوات الاحتلال التي تجاوزت الست سنوات، فاكدت بشكل قاطع انها لا تجيد الا فن الفساد والفشل في ادارة البلاد، وانه لا يهمها من امر الوطن والمواطنين، الا بالقدر الذي تسرق فيه من ثروة البلاد ونهب خيراته، وحرمانه من ابسط الخدمات الضرورية.
ديمقراطية أمريكا التي بشرت بها بعد غزو العراق واحتلاله، كانت بالفعل نوع خاص من الديمقراطية بالماركة الأمريكية، فهي ديمقراطية المدفع والدبابة، ديمقراطية القتل والتدمير والتشريد، ونهب الخيرات وتبديد ثرواتها، ديمقراطية الفشل والفساد، وديمقراطية خاصة بعملاء الاحتلال وخونة الوطن.
لم يخطر في بال اي انسان على سطح الكرة الارضية ان العميل يتباهى بعمالته، وان الخائن يعلن خيانته على وجه الملأ الا في النموذج العراقي، الذي جاء مع دبابات الاحتلال، وكأنه يريد ان يقول ان لا مجال في العصر الأمريكي الا للعملاء والخونة، وان ما عداهما هم من المتخلفين الذين يأبون ان يمارسوا العهر الخياني، ويمارسوا الجريمة بكل انواعها في حق الوطن والمواطنين.
النموذج الخياني العراقي يظن واهما انه سيستمر في حكم العراق من خلال حراب الاحتلال، ولكن غاب في ظنه وفي مخيلته المريضة ان شعب العراق قد مارس المقاومة منذ الساعات الاولى للاحتلال، وان المقاومة العراقية الباسلة هي التي اجبرت الأمريكان على التفكير بالرحيل، خوفا من الهزيمة المحققة، ومن يستطيع تركيع الاحتلال لا يستطيع عملاء الاحتلال الصمود في مواجهته، فحال رحيل جنود الاحتلال ومرتزقته سيكون مشهد هانوي ماثلا في الاذهان، لان بغداد لن تقبل ان تكون اقل من هانوي فعلا واقتدارا في هزيمة الاحتلال وعملائه، وان غدا لناظره قريب، ونحن على موعد مع لحظة الهروب الأمريكي، الذي كثيرا ما يتخلى عن عملائه، لانهم قد ادوا الخدمة المطلوبة منهم وانتهى دورهم.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.