دعوة الى انتفاضة ثالثة ومصالحة على قاعدة المقاومة وطرد دايتون ووقف التنسيق الامني

ضم الحرم الابراهيمي في الخليل، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم الى قائمة التراث اليهودي ليس بالطبع قراراً تراثياً، كما يوحي العذر، وهو بالطبع ليس قراراً ثقافيا، رغم ان منظمة اليونيسكو المشغولة بتسويق مشروع علاء الدين الصهيوني لم تتخذ منه موقفاً، انه قرار سياسي عدواني استعماري يقوم على القاعدة الاستراتيجية الصهيونية المعروفة: واصل العدوان بالعدوان فينسى الناس العدوان الاول بالثاني، وواصل الاستيطان بالاستيطان فيصبح القديم شرعياً وينحصر الجدال بالجديد، وواصل المجازر بالمجازر فتغيب المجازر الاولى امام صورة المجزرة الاخيرة، واسطو على المقدسات كل المقدسات فينسى الناس سطو الاول امام السطو الدائم والمتجدد.
والتحرش الصهيوني الجديد بهذين المقامين المقدسين عند عموم الفلسطينيين والعرب والمسلمين هو محاولة لصرف الانظار عن المشروع الصهيوني الاكبر في تهويد القدس وصهينة المقدسات، كما محاولة لصرف الانتباه عن فضيحة الموساد المدوية في اغتيال الشهيد المبحوح وهي فضيحة اجتمع فيها الاجرام بالارهاب، والتزوير بالتضليل، وانتهاك حياة البشر بانتهاك سيادات الدول، وكلا الامرين السطو التراثي الصهيوني، والفضيحة الارهابية المدوية، مؤهلان لان يطبقا الخناق على عنق الكيان الصهيوني لو توفرت الارادة الفلسطينية والعربية والاسلامية الحازمة، كما لو استعاد المجتمع الدولي بعض الصدقية لمؤسساته لا سيما السياسية (المجلس الامن) والقضائية (كالمحاكم الدولية) والثقافية (كاليونيسكو).
واذا كان الجانب الديني من هذا القرار بالغ الخطورة ومحرك للمشاعر والحوافز في آن، فان الجوانب الاخرى، لا سيما السياسية والاستيطانية، لا تقل عنه خطورة، خصوصاً ان العدو كثيراً ما يتوسل الادعاءات التوراتية لتبرير سياسته الارهابية والتوسعية، ويستخدم الدين، وهو اكثر الرسالات سمواً لخدمة اكثر اغراضه وضاعة وخبثاً.
فالقرار يخدم ما قاله نتنياهو في مؤتمر هرتسليا للامن والمناعة حول "مكامن القوى التي تعتبر هامة جداً، بل ومتعلقة قبل كل شيء بما نحمله من معرفه ومشاعر قومية والذي ننقله لابنائنا، وفي جهازنا التعليمي، معلنا ان خطته تشمل ايضاً إقامة دربين للمشاة الى جانب "درب اسرائيل" القائم، اولهما "درب تاريخية" تصل بين عشرات المواقع الاثرية ودرب "السيرة الاسرائيلية" الذي سيصل بين عشرات المحطات المتعلقة بتاريخ "الييشوف اليهودي"، كما تشمل الخطة تحويل مبانٍ قائمة الى مواقع اثرية، واقامة مواقع توثيق مسيرة الاستيطان، ومتاحف صغيرة، ونصب تذكارية كما تهويد 150 موقعاً اثرياً لربطها بمسار تاريخي توراتي مشترك من شمال البلاد الى جنوبها بهدف تعريف الاجيال الناشئة بالتراث الصهيوني".
وهذا القرار هو جزء من خطة قديمة- متجددة للاستيلاء بشكل كامل على الحرم الابراهيمي وصولا الى الخليل كلها، وعلى قبة راحيل وصولاً الى بيت لحم كلها، وقد كشف الباحث المرموق الاستاذ نواف الزرو على ان هناك شبه اجماع سياسي
حول اعتبار الخليل "مدينة الاباء والاجداد" ويحق لليهود السكن فيها، وان 73% من الاسرائيليين يعتبرونها مدينة الاباء والاجداد كما تقول صحيفة ايديعوت احرانوت.
ونتنياهو رئيس حكومة العدو اليوم اعلن عشية التوقيع على اتفاق الخليل الذي جاء بعد مجزرة الحرم الابراهيمي الشهيرة في شباط 1994، يجب ان اوضح اننا لا نترك الخليل وانما نعيد الانتشار فيها، والجيش الاسرائيلي سيواصل السيطرة عليها وان الهدف يجب ان يكون ضمان استمرار الاستيطان اليهودي في الخليل من خلال السيطرة على الاماكن المقدسة.
ولاجل تنفيذ هذه الخطة شهدت الخليل تناوباً بين الجيش الصهيوني والمستوطنين على البطش فيها فقد اقترف المستوطنون نحو الف عملية مداهمة و 107 هجمات على اهالي البلدة القديمة خلال ستة اشهر فقط، ولقد اقيمت نحو 27 مستعمرة يهودية على اراضي محافظة الخليل، و23 بؤرة استيطانية مرشحة للتحول الى مستعمرات، بالاضافة الى 52% من مساحة المحافظة التي يلتهمها جدار القضم والضم العنصري، فيما يتم مصادرة المياه في المحافظة حيث تبلغ حصة ابن الخليل 30 ليتر مياه مقابل 300 ليتر للمستوطن الصهيوني.
في مواجهة ذلك كله يقدم اهل الخليل الشهيد تلو الشهيد، فقد بلغ عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين خلال انتفاضة الاقصى كلها حوالي 5000.
ازاء هذا كله، ودفاعاً عن المقدسات، وعن الارض، وعن كرامة الانسان الفلسطيني وحقوقه فاننا نؤكد على ما يلي:
1- مصالحة فلسطينية – فلسطينية عاجلة على قاعدة مقاومة المحتل ومواجهة ما يجري في القدس والخليل وغزة وعموم فلسطين، اذ ان العدو يسعى الى تجزئة معركته معنا الى تفصيل هنا وتفصيل هناك، فيما المطلوب مواجهة شاملة في معركة شاملة.
2- وقف كل اشكال التفاوض والتنسيق الفلسطيني لا سيما الامني مع العدو، وطرد الجنرال دايتون وفريقه من الضفة الغربية، وافساح المجال لابناء الضفة الغربية ان يتحركوا في مواجهة الاحتلال وان يطلقوا انتفاضة ثالثة باتت مكبوتة بسبب القيود الامنية.
3- دعوة مجلس وزراء جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومجلس الامن الى عقد جلسات فورية لدراسة ما يجري في الخليل وبيت لحم، كما في تداعيات فضيحة الموساد في دبي واتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الصدد.
4- دعوة منظمة اليونيسكو التي تروج لمشروع علاء الدين الرامي الى اثارة التعاطف مع الصهاينة الى تحمل مسؤولياتها الكاملة ازاء ما يجري من سطو على التراث الثقافي والروحي الفلسطيني على يد الصهاينة.
5- دعوة القوى والاحزاب والمنظمات الشعبية العربية والاسلامية والدولية الى اوسع تحرك شعبي للدفاع عن المقدسات، كما عن المدن والارض الفلسطينية التي يجري ابتلاعها يوماً بعد يوم، ودعوة الاتحادات والمؤتمرات والمراكز العربية المعنية الى التواصل فيما بينها لاعلان مواقف تضامنية مع القدس على غرار البيان الهام الذي اصدرته الامانة العامة لمؤتمر الاحزاب العربية.
6- دعوة القمة العربية الى اعتبار ما يجري في فلسطين البند الاول والرئيسي في جدول اجتماعها القادم في آذار/مارس 2010، واتخاذ القرارات اللازمة لا سيّما لجهة اسقاط كل المعاهدات ووقف كل اشكال التطبيع مع العدو واعتماد نهج المقاومة والممانعة وتفعيل المقاطعة التي اقر كيسنجر وزير الخارجية الامريكي السابق انها كادت تخنق الكيان الصهيوني قبل حرب 1973.
7- دعوة المرجعيات الدينية لا سيّما الاسلامية منها، الى التحرك واعتبار غدٍ الجمعة يوم تضامن مع اهالي الخليل وبيت لحم، وتخصيص خطب الجمعة لهذا الامر.
8- دعوة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة الى تسليط الاضواء على ما يجري في الخليل وبيت لحم.
9- توجيه التحية الى اهلنا في الخليل وبيت لحم على وقفاتهم الاحتجاجية الشجاعة خلال الايام الماضية واعتباره نواة انتفاضة شعبية جديدة.
ان الحملة الاهلية لنصرة فلسطين والعراق اذ تشكر تلبيتكم دعوتها لهذا الاجتماع الطارئ، تعاهدكم انها ستواصل جهودها من اجل خدمة قضايا امتنا العادلة وفي مقدمها قضية فلسطين، القضية المركزية لامتنا وقضية العراق التي هي بوابتنا المركزية الى القضية المركزية
*****
* كلمة القيت في اللقاء التداولي الذي دعت اليه الحملة الاهلية لنصرة فلسطين والعراق تضامنا مع الحرم الابراهيمي ومسجد بلال في دار الندوة بتاريخ 25/2/2010