في مقال الأسبوع الماضي وتحت عنوان "عملية عمر فاروق.. من وراءها حقا؟"، ناقشت عملية التفجير المزعومة للطائرة الأمريكية التي تمت نسبتها إلى تنظيم القاعدة، وحاولت ان اثبت بالعديد من الشواهد والأدلة والوقائع ان العملية لا يمكن الا ان تكون من تخطيط وتنفيذ اجهزة مخابرات امريكية وربما غير امريكية ايضا، وبغرض السعي لتحقيق اهداف وغايات استراتيجية محددة تتعلق باليمن بصفة خاصة، وبأهداف وغايات اخرى.
وبالمناسبة، بعد نشر المقال وعلى امتداد الاسبوع الماضي، نشرت في العالم تحليلات جديدة تتضمن وقائع وشواهد اضافية كلها تؤكد ما ذهبنا اليه، ولكن لا يتسع المجال للحديث عنها مجددا.
على اية حال، وايا كان الموقف من عملية المحاولة المزعومة لتفجير الطائرة، الحادث انها اصبحت ذريعة ومنطلقا لحملة غربية تستهدف اليمن، وتستهدف الاسلام والمسلمين.
وفي مقال اليوم، سنحاول الاجابة عن تساؤلات اربعة بصفة اساسية:
ما هي الأهداف الاستراتيجية من وراء الحملة الغربية على اليمن اليوم؟ ماذا يريدون بالضبط؟
ما هي ابعاد المخطط الامريكي والغربي المطروح لتحقيق هذه الأهداف؟
ما هي النتائج والتأثيرات التي يمكن ان تترتب على ذلك بالنسبة إلى اليمن ومنطقة الخليج العربي عموما؟
ومن ثم، ما هو الموقف اليمني والعربي المطلوب ازاء كل هذا؟
لكن قبل هذا، يجب ان نتوقف باختصار امام ردود الفعل التي صدرت عن الولايات المتحدة والدول الغربية عموما في اعقاب عملية الطائرة.
} } }
التمهيد للمخطط
من المهم ان نتوقف بداية عند المواقف التي تم إعلانها في امريكا وبعض الدول الغربية بعد عملية الطائرة لأنها في حد ذاتها مقدمة ضرورية لفهم ابعاد المخطط الجديد. سنتوقف عندها باختصار شديد، فهي باتت معروفة على نطاق واسع.
من المعروف بداية ان الرئيس الامريكي اوباما خرج بعد العملية مباشرة ليعلن ان امريكا هي في حالة حرب مع تنظيم القاعدة والارهاب الذي يمثله، وانها لن تتراخى في الدفاع عن الامريكيين وسوف تستخدم كل امكانياتها لهزيمة القاعدة.. إلى آخر هذا الكلام.
وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون خرجت من جانبها لتعلن ان اليمن اصبح قاعدة لارهاب القاعدة، وان هذا الارهاب لا يهدد المنطقة وامريكا فقط، وانما هو تهديد للعالم كله.
وخرج مسئولون امريكان آخرون يرددون المعزوفة نفسها عن الخطر الذي اصبحت اليمن تمثله وعن ضرورة محاربته. مثلا، مايكل ليتر، مدير المركز الامريكي القومي لمكافحة الارهاب قال ان الهجوم الفاشل على الطائرة، يظهر "ان القاعدة والذين يدعمون ايديولوجيتها يواصلون اعادة تنقيح وسائلهم لاختبار دفاعاتنا وشن هجوم على وطننا".
السيناتور الامريكي جو ليبرمان، قال "ان اليمن اصبح قاعدة للإرهاب الذي يهدد امريكا كما كان العراق سابقا وافغانستان حاليا، وانه إذا لم نبادر إلى شن ضربات استباقية في اليمن اليوم، فسوف تصبح اليمن هي حرب المستقبل".
وكما هو معروف، خرج رئيس الوزراء البريطاني براون ليردد بدوره الكلام نفسه، وليعلن ان اليمن "أصبح قاعدة كبرى للإرهاب الذي تمثله القاعدة"، وان مؤامرة الطائرة هي مؤشر "للمعارك التي علينا ان نخوضها ليس من أجل الحماية من الارهاب فقط، وانما ايضا لكشف قلوب وعقول جيل".
وتطوع براون، كما نعلم، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي في لندن في أواخر الشهر الحالي لبحث كيفية محاربة الارهاب في اليمن.
هذا عن ردود الفعل فيما يتعلق بالقاعدة واليمن.
في الوقت نفسه، بمجرد اعلان عملية الطائرة، بدأت على الفور في اجهزة الاعلام الامريكية والاوروبية حملة ضارية جديدة على الاسلام والمسلمين، وعاد الحديث عن الارهاب الاسلامي وضرورة مواجهته وشن حرب غربية عليه. وفي الفترة الماضية، خرجت الصحف ومحطات التليفزيون الغربية لتتحدث عن "العقل الارهابي" الاسلامي، وعن الارهابيين المسلمين الانتحاريين، إلى آخر هذه المعزوفة.
الكاتب رامي خوري، ومن واقع رصد ومتابعة اجهزة الاعلام الغربية وما بثته من مواد عن الاسلام والمسلمين وعن اليمن بعد حادث الطائرة، كتب في صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية يصف هذه التغطية بأنها "مزيج رهيب من عدم المهنية، والتشويه الايديولوجي، والانتقائية". وأشار إلى عودة اجهزة الاعلام هذه لتصوير الارهاب في العالم باعتباره لصيقا بالإسلام والمسلمين، وناجما عن كراهية العرب والمسلمين لأمريكا والحضارة الغربية.. وهكذا.
وفي اطار نفس الحملة الجديدة على الاسلام والمسلمين، وجدنا ساسة واعلاميين في امريكا يطالبون صراحة بضرورة التمييز ضد العرب والمسلمين في المطارات. النائب الجمهوري بيتر كنج، قدم توصيات لإدارة اوباما يطالب فيها بـ "استخدام التمييز ضد المسلمين.. فلن تأتي عجوز اسكندنافية لضرب الولايات المتحدة" كما قال. ومقدم البرامج الامريكي مايك كالاجر طالب بتخصيص صفوف منفصلة في المطارات لمن يحملون اسماء اسلامية، وقال: "ينبغي ان يكون هناك صف منفصل لتفتيش أي شخص يحمل اسم عبدالـ… او احمد او محمد".
هذه مجرد امثلة للحرب الضارية على الاسلام والمسلمين اليوم بعد عملية الطائرة.
بالطبع، ليس هذا من قبيل المصادفة، فهذا الحديث عما يسمونه "الارهاب الاسلامي" وضرورة محاربته يقدم، كما كان الحال ابان عهد بوش، الاطار الايديولوجي لتبرير الاهداف والمخططات الاستعمارية.
إذن، كما رأينا، دارت ردود الفعل بعد عملية الطائرة حول الحديث عن عودة "الحرب على الارهاب"، وعن اليمن باعتباره اصبح ملاذا ارهابيا وضرورة التحرك ازاء هذا، وحول الحديث مجددا عن الارهاب الذي يمثله الاسلام والمسلمون.
كل هذا يدور في اطار التمهيد وتهيئة الاجواء العامة، سياسيا واعلاميا، كما قلنا لما يخططون له في اليمن.
وفي الاطار نفسه ايضا، كان لافتا في الفترة الماضية، تطورات جديدة ليس لها من هدف سوى التهويل الشديد من خطر تنظيم القاعدة، ومن الخطر الذي اصبحت تمثله اليمن كما يقولون في الغرب.
أعلنت امريكا وبريطانيا وفرنسا مثلا اغلاق سفاراتها في اليمن في تأكيد على الخطر الكبير الذي يتهددهم.
وتحدثت المصادر الرسمية الغربية مثلا عن ان لديها معلومات مخابراتية تؤكد تخطيط القاعدة لشن هجمات في البحر على السفن التجارية في الخليج وبحر العرب.
واكتشفوا فجأة في الغرب ان تنظيم القاعدة كانت له علاقة بالهجمات بالإرهابية التي وقعت في مدريد بأسبانيا عام .2004
إذن، كل هذا يندرج في اطار تحرك مقصود لتكريس الاعتقاد في الغرب والعالم بالخطر العظيم المزعوم الذي تمثله القاعدة واصبح يمثله اليمن، وكل هذا كما ذكرت في اطار التمهيد لما يريدونه في اليمن.
} } }
الأهداف الاستراتيجية
إذن، في ضوء ما سبق، ما هي الاهداف الاستراتيجية التي تريد امريكا وحلفاؤها وخصوصا بريطانيا تحقيقها من وراء كل هذه الحملة على اليمن؟
كل المحللين يجمعون، وكل المؤشرات العملية كما سنوضح بعد قليل ، تشير الى ان الهدف الاستراتيجي الجوهري هو الوجود العسكري المباشر في اليمن وفي بحر العرب وخليج عدن.
هذا الهدف ليس مقصودا بحد ذاته فقط، او لغرض مكافحة الارهاب كما يزعمون، ولكن لتحقيق اهداف استراتيجية محددة.
هذه الاهداف تتلخص باختصار في مصالح استراتيجية واقتصادية، وفي تعزيز الموقف الامريكي في الصراع العالمي وخصوصا مع الصين، وفي أهداف أخرى سنشير اليها.
فيما يتعلق بهدف وضع امريكا يدها من خلال وجودها العسكري في اليمن والمنطقة على هذه المنطقة الاستراتيجية، فقد ناقشها بتوسع الباحث والكاتب ويليان انجدال في دراسة مهمة له عنوانها "الاجندة الخفية في اليمن".
في دراسته يذكر التالي: "لقد أصبحت الأهمية الاستراتيجية للمنطقة بين اليمن والصومال تتصدر الاهتمامات الامريكية. هنا يقع باب المندب الذي تعتبره امريكا واحدا من سبعة ممرات استراتيجية في العالم. باب المندب هو الرابط الاستراتيجي بين القرن الافريقي والشرق الاوسط، وبين البحر المتوسط والمحيط الهندي، وبين البحر الاحمر وخليج عدن وبحر العرب. والنفط والصادرات الاخرى من الخليج يجب ان تمر عبر باب المندب قبل دخول قناة السويس. وفي 2006، قدرت وزارة الطاقة الامريكية ان نحو 3،3 ملايين برميل نفط تمر يوميا عبر هذا الطريق إلى اوروبا والولايات المتحدة. وتخطيط الولايات المتحدة للسيطرة عسكريا على مياه المنطقة حول باب المندب من شأنه ان يمكنها من التحكم في مسارات تصدير النفط، ويمكنها مستقبلا من حرمان الصين من امدادات النفط، كما انه سيجعل امريكا في وضع يتيح لها تهديد امدادات النفط من بورسودان إلى الصين". وبالاضافة إلى هذا، يشير الباحث في دراسته إلى ان التقديرات تشير إلى ان اليمن نفسه يمتلك احتياطيات نفطية كبيرة تتطلع اليها امريكا.
محللون آخرون كثيرون تحدثوا بتفصيل عن هذه الاهداف الاستراتيجية الامريكية التي تدفعها إلى الوجود العسكري في اليمن وبحر العرب وخليج عدن والسيطرة على هذه المنطقة. لفتوا الانظار إلى ان 30% من صادرات النفط العالمية و10% من التجارة العالمية تمران عبر هذا الطريق. وسيطرة امريكا عليه يمكنها من السيطرة على كامل حركة الملاحة في المنطقة.
اما فيما يتعلق باستهداف الصين بصفة خاصة من وراء هذا المخطط، فقد عالجه بتوسع بادرا مومار وهو دبلومسي هندي كبير سابق في دراسة نشرها منذ ايام.
هو ايضا يلفت النظر في دراسته إلى ان "الولايات المتحدة بخططها في اليمن والوجود العسكري الذي تخطط له، فانها تريد احكام سيطرتها العسكرية على امتداد كل منطقة غرب المحيط الهندي". ويلفت النظر الى ان الصينيين سبق أن اعلنوا عزمهم اقامة قاعدة بحرية في المنطقة. ولكن بهذا المخطط الامريكي الجديد، فان الامريكيين يغلقون الباب تماما امام الصين، فبعد ذلك لا توجد دولة واحدة يمكن ان تقيم فيها الصين مثل هذه القاعدة. وهو يخلص في دراسته إلى ان نجاح امريكا في مخططها هذا في اليمن "سوف يضعها في موقع قوة كبير جدا في لعبة الصراع الكبرى مع الصين".
بالاضافة إلى ما سبق، فقد اشار محللون غربيون إلى جانب آخر خطير، قالوا ان المخطط الامريكي في اليمن يراد منه في جانب اساسي اعطاء اسرائيل موطئ قدم في اليمن، ومن ثم في باقي دول الخليج العربية في ظل الوجود العسكري الامريكي. يقول هؤلاء المحللون: ان هذا حلم اسرائيلي قديم. ويذكرنا هؤلاء المحللون بما سبق ان اعلنه الرئيس اليمني منذ اشهر عن اكتشاف شبكة تجسس وتخريب اسرائيلية في اليمن يجرى التحقيق معها، لكننا لم نسمع عما جرى بهذا الخصوص بعد ذلك.
ولا يمكن ان ننهي الحديث عن الاهداف الاستراتيجية من وراء هذه الحملة على اليمن من دون الاشارة إلى هذا الموضوع الغريب.
بتاريخ 9 يناير الحالي، نشرت صحيفة الـ "تايمز" البريطانية الشهيرة، تحقيقا غريب الشأن من عدن.
التحقيق يتضمن ما يقول انها احاديث اجرتها الصحيفة مع مقاتلين يمنيين سابقين سبق ان حاربوا القوات البريطانية اثناء استعمار جنوب اليمن. يزعم التحقيق ان هؤلاء المقاتلين اعلنوا ندمهم الشديد جدا على ما فعلوه، أي على محاربة الاحتلال البريطاني واعربوا عن حنينهم إلى فترة الاحتلال ويتمنون لو يعود. ينقل التحقيق عن احد المقاتلين قوله: "انني آسف على ما حدث. لقد كنا في ظل الانجليز ننعم بالسلام. انني اتمنى عودة الانجليز". كما ينقل عن مقاتل آخر قوله فيما تزعم الصحيفة: "لقد كان خطأ رهيبا (يقصد مقاتلة الاحتلال الانجليزي).. لم يكن الناس على وعي كاف. لقد كان ما حدث مجرد رد فعل اهوج على مد الناصرية والقومية العربية. إذا عاد البريطانيون اليوم مجددا، فسوف نوقع معهم بروتوكولا نقول فيه اننا آسفون".
وأخطر من هذا ان التحقيق ينقل عن يمنيين قولهم انهم يكرهون الوحدة اليمنية ويكرهون اليوم الذي تمت فيه هذه الوحدة، وانهم مستعدون لحمل السلاح من اجل الانفصال.
الآن، كيف يمكن ان نقرأ هذا الذي نشرته الـ "تايمز" البريطانية في هذا التوقيت بالذات الذي يشنون فيه كل هذه الحملة على اليمن؟
الحقيقة انني بمجرد قراءة هذا الذي نشرته الصحيفة، تذكرت فورا ما سبق ان كتبه الاستاذ انور عبدالرحمن منذ فترة، في مقاله عن موقف الصحيفة من ازمة دبي المالية، عن علاقات تاريخية بين الـ "تايمز" واجهزة المخابرات البريطانية والخطط الاستعمارية البريطانية.
بعبارة اخرى، فان أي محلل مدقق يقرأ هذا الذي كتبته الصحيفة في التوقيت الحالي لا يمكن ان يفسره الا في اطار ان هناك دوائر معينة في بريطانيا تحن إلى عودة الاحتلال البريطاني لعدن، وتسعى إلى فصل جنوب اليمن. لا أظن ان هناك تفسيرا آخر غير هذا.
عموما، يتضح من هذا العرض المختصر للأهداف والغايات الاستراتيجية التي يريدون تحقيقها، ان الامر برمته ببساطة شديدة ليست له أي علاقة لا بمحاربة الارهاب ولا بخطر مزعوم للقاعدة.
} } }
المخطط الاستعماري
إذا كانت هذه هي الاهداف الاستراتيجية العامة، فما هو المخطط لتحقيقها؟ بعبارة اخرى، ما هي ابعاد مخططهم لفرض وجودهم العسكري في اليمن وفي بحاره ومياهه؟
هنا، نلفت النظر إلى انه لا يوجد أي مخطط تفصيلي معروف ومعلن.
ولكن من واقع متابعاتنا، يمكننا ان نشير إلى الجوانب التالية:
1 – بداية، مؤتمر لندن هذا الذي دعا اليه رئيس الوزراء البريطاني هو من اكبر ابعاد هذا المخطط.
هذا مؤتمر ليس مقصودا به مساعدة اليمن ولا أي شيء من هذا القبيل. لقد كان الشيخ الزنداني على حق تام عندما قال: ان الهدف الجوهري من وراء المؤتمر هو اعلان اليمن "دولة فاشلة" بكل ما يترتب على ذلك.
بعبارة ادق، الهدف من هذا المؤتمر هو ترسيخ الاعتقاد العام أن اليمن اصبح مأوى للإرهاب والارهابيين واصبح بالتالي خطرا يهدد العالم. ومن جانب آخر، تأكيد ان اليمن عاجز عن التعامل مع هذا الخطر بمفرده.
وبناء على ذلك، فان الهدف الاساسي من المؤتمر هو في حقيقة الامر ايجاد المبررات والذرائع لاعلان الوصاية الدولية على اليمن، ومن ثم الوجود العسكري في اراضيه ومياهه على النحو الذي يخططون له.
2 – بالطبع، ليس واردا في المخطط الامريكي ارسال قوات برية بأعداد كبيرة إلى اليمن. هذا ليس لأنهم لا يريدون ذلك، ولكن لأنهم لا يستطيعون ذلك ولا يستطيعون تحمل ثمنه الباهظ. ولكن لديهم البدائل الاخرى.
3 – ثمة معلومات تؤكد تخطيط امريكا لإقامة قاعدة عسكرية في جزيرة سوقطرة قرب الساحل اليمني، وان مفاوضات جرت فعلا مع السلطات اليمنية بهذا الخصوص.
4 – حسب تقارير كثيرة منشورة، فان المخطط يتضمن ارسال قوات خاصة امريكية وبريطانية إلى اليمن تحت حجة مساعدة القوات اليمنية في محاربة القاعدة. وهناك تقارير عن انه في الايام الماضية، تم بالفعل ارسال اعداد غير معروفة بالضبط من القوات البريطانية الخاصة إلى اليمن، وبحسب مصدر مخابراتي قال ان هؤلاء مهمتهم هي "المساعدة على تدمير معسكرات الارهابيين".
5 – تشير المعلومات المنشورة ايضا إلى ان اتفاقا تم التوصل اليه بالفعل بين امريكا والسلطات اليمنية بموجبه من حق القوات الامريكية اطلاق صواريخ كروز، وشن غارات بالطائرات من دون طيار ضد اهداف في اليمن، لكن لن يتم اعلان هذه العمليات.
هذه باختصار شديد اهم ملامح مخططهم الاستعماري.
} } }
نتائج كارثية
أي نتائج اذن يمكن ان تترتب على هذا المخطط الذي يرسمونه لليمن والاهداف التي يريدون تحقيقها؟
هذه قضية تحتاج الى تحليل مفصل آخر قد نعود اليه، ولكن نشير هنا وبايجاز شديد إلى النتائج الكارثية التالية:
كل المحللين الذين تناولوا هذه القضية يجمعون، وعن حق بالطبع، على ان من شأن هذا الذي تخطط له امريكا وحلفاؤها في اليمن ان يؤجج التطرف والعنف في اليمن وفي المنطقة كلها بل في العالم الاسلامي. فلسوف يعتبر التدخل العسكري بالشكل الذي يخططون له بمثابة اعتداء على بلد اسلامي آخر. وبالطبع دولنا هي التي سوف تدفع ثمن ذلك في النهاية.
ولسوف يكون من شأن ما يخططون له ان يعمق الأزمة الداخلية في اليمن والصراعات التي تشهدها. وسوف يفتح جبهات صراع جديدة خصوصا اخذا في الاعتبار الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني.
ولنا ان نتوقع مثلا أي تأثير يمكن ان ينتج عن مؤتمر لندن المشبوه هذا حين يكرس الاعتقاد أن النظام اليمني عاجز. ابسط شيء سوف يكون من شأن هذا ان يشعل الصراع الداخلي اكثر مما هو مشتعل اصلا.
جانب آخر، تقول التقارير انه في خلال عام 2009، أي في ظل ادارة اوباما، فان 708 مدنيين افغان قتلوا في الغارات التي تشنها الطائرات من دون طيار تحت حجة محاربة القاعدة والارهابيين. الاغلبية الساحقة جدا من هؤلاء هم بالطبع مدنيون ابرياء.
ولنا ان نتساءل: كم اعداد اليمنيين الابرياء الذي سوف يسقطون قتلى بصواريخ كروز او بالطائرات من دون طيار اذا تم السماح لأمريكا بذلك؟
وهذا الذي ذكرت مجرد لمحة سريعة عن الكارثة التي ستحل باليمن والمنطقة من جراء هذا المخطط الاستعماري.
} } }
الموقف العربي
إذن، في ضوء كل ما ذكرت، كيف يجب ان يكون الموقف اليمني والعربي عموما؟
أيضا، هذا موضوع لابد ان نناقشه تفصيلا ومطولا.
لكن نكتفي في هذا السياق، وكي تكتمل الصورة بالاشارة إلى امور ثلاثة جوهرية:
أولا: الموقف العربي الاساسي في مواجهة هؤلاء الاستعماريين وخططهم، يجب ان يتمثل في: ارفعوا ايديكم عن اليمن.
نعني رفض أي تدخل عسكري في اليمن او وجود عسكري في اراضيها او مياهها تحت ذريعة محاربة الارهاب كما يزعمون. فهي كما اوضحنا مجرد ذريعة واهية تخفي اهدافا ومخططا استعماريا.
ثانيا: وهذه مسألة اساسية ايضا وتتعلق بمؤتمر لندن المشبوه.
أظن، بعد ما ذكرناه عن الاهداف المشبوهة من وراء الدعوة إلى عقد المؤتمر، ان الموقف الطبيعي الذي يجب ان تعلنه اليمن وكل الدول العربية هو رفض المشاركة في هذا المؤتمر.
هذا موقف اساسي كي لا تكون الدول العربية شريكا في اعطاء غطاء لهذا المخطط الاستعماري.
ثالثا: ان الدول العربية يجب ان تتحرك فورا ومن دون تأخير من اجل مساعدة اليمن على وضع حد للصراعات الداخلية المشتعلة.
ولسنا ندري، ما الذي يمنع، في ضوء كل هذه الاخطار من عقد قمة عربية لهذا الغرض، ولقطع الطريق على هؤلاء الاستعماريين ومخططاتهم؟