بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هذه قصيدة تبقين يا مصر فوق الصغائر للشاعر المصري فاروق جويدة نشرتها جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 20 نوفمبر 2009م وقد كان عنوان القصيدة "أنا من سنين أحب الجزائر" حيث قام الشاعر بتغيير عنوان قصيدته الجديدة قد يكون ذلك بضغط من إدارة جريدة الأهرام!! وقدم للقصيدة بكلمة نثرية قال فيها "هذه صرخة الشهداء خرجت من سيناء وطافت بالجزائر تعلن العصيان على كل ما حدث بين شعبين شقيقين جمعتهما الدماء ولا ينبغى أن تفرق بينهما الصغائر".
تبقين يا مصر فوق الصغائر
ويدعو شهيدا بقلب الجزائر
تعال إلي ففي القلب شكوي
وبين الجوانح حزن يكابر
لماذا تهون دماء الرجال
ويخبو مع القهر عزم الضمائر
*** شهيد علي صدر سيناء يبكي
ليعلو عليها ضجيج الصغائر
إذا الفجر أصبح طيفا بعيدا
تباع الدماء بسوق الحناجر
علي أرض سيناء يعلو نداء
يكبر للصبح فوق المنابر
وفي ظلمة الليل يغفو ضياء
يجيء ويغدو.. كألعاب ساحر
لماذا نسيتم دماء الرجال
علي وجه سينا.. وعين الجزائر؟!
*** دماء توارت كنبض القلوب
يطوف حزينا.. مع الراحلين
ويصرخ في الناس: هذا حرام
دمانا تضيع مع العابثين
فهذي الملاعب عزف جميل
وليست حروبا علي المعتدين
نحب من الخيل بعض الصهيل
ونعشق فيها الجمال الضنين
ونطرب حين يغني الصغار
علي ضوء فجر شجي الحنين
فبعض الملاعب عشق الكبار
وفيها نداعب حلم البنين
لماذا نراها سيوفا وحربا
تعالوا نراها كناي حزين
فلا النصر يعني اقتتال الرفاق
ولا في الخسارة عار مشين
*** علي أرض سيناء يبدو شهيد
وفوق الجزائر تبكي الهمم
هنا كان بالأمس صوت الرجال
يهز الشعوب.. ويحيي الأمم
شهيدان طافا بأرض العروبة
غني العراق بأغلي نغم
شهيد يؤذن بين الحجيج
وآخر يصرخ فوق الهرم
لقد جمعتنا دماء القلوب
فكيف افترقنا بهزل القدم؟!
ومازال يصرخ بين الجموع
قم اقرأ كتابك وحي القلم
علي صدر سيناء وجه عنيد
شهيد يعانق طيف العلم
وفوق الجزائر نبض حزين
يداري الدموع ويخفي الألم
تعالوا لنجمع ما قد تبقي
فشر الخطايا سفيه حكم
ولم يبق غير عويل الذئاب
يطارد في الليل ركب الغنم!
رضيتم مع الفقر بؤس الحياة
وذل الهوان ويأس الندم
ففي كل وجه شظايا هموم
وفي كل عين يئن السأم
إذا كان فيكم شموخ قديم
فكيف ارتضيتم حياة الرمم؟!
تنامون حتي يموت الصباح
وتبكون حتي يثور العدم
*** علي أرض سيناء دم ونار
وفوق الجزائر يسري الغضب
هنا جمعتنا دماء الرجال
فهل فرقتنا غناوي اللعب
وبئس الزمان إذا ما استكان
تساوي الرخيص بحر الذهب
هنا كان مجد.. وأطلال ذكري
وشعب عريق يسمي العرب
وياويلهم.. بعد ماض عريق
يبيعون زيفا بسوق الكذب
ومنذ استكانوا لقهر الطغاة
هنا من تواري.. هنا من هرب
شعوب رأت في العويل انتصارا
فخاضت حروبا.. بسيف الخطب
*** شهيد علي صدر سيناء يبكي
يعانق بالدمع كل الرفاق
أتوا يحملون زمانا قديما
لحلم غفا مرة.. واستفاق
فوحد أرضا.. وأغني شعوبا
وأخرجها من جحور الشقاق
فهذا أتي من عيون الخليل
وهذا أتي من نخيل العراق
وهذا يعانق أطلال غزة
يعلو نداء.. يطول العناق
فكيف تشرد حلم بريء
لنحيا مرارة هذا السباق؟
وياويل أرض أذلت شموخا
لترفع بالزيف وجه النفاق
*** علي آخر الدرب يبدو شهيد
وصاح: أفيقوا كفاكم فسادا
لقد شردتكم هموم الحياة
وحين طغي القهر فيكم.. تمادي
وحين رضيتم سكون القبور
شبعتم ضياعا.. وزادوا عنادا
وكم فارق الناس صبح عنيد
وفي آخر الليل أغفي.. وعادا
وطال بنا النوم عمرا طويلا
وما زادنا النوم.. إلا سهادا
*** شهيد مع الفجر صلي.. ونادي
وآخر يصرخ فوق الجزائر
هنا كان بالأمس شعب يثور
وأرض تضج.. ومجد يفاخر
هنا كان بالأمس صوت الشهيد
يزلزل أرضا.. ويحمي المصائر
ينام الصغير علي نار حقد
فمن أرضع الطفل هذي الكبائر؟!
ومن علم الشعب أن الحروب
كرات تطير.. وشعب يقامر؟!
ومن علم الأرض أن الدماء
تراب يجف.. وحزن يسافر
ومن علم الناس أن البطولة
شعب يباع.. وحكم يتاجر؟!
وأن العروش.. عروش الطغاة
بلاد تئن.. وقهر يجاهر
وكنا نباهي بدم الشهيد
فصرنا نباهي بقصف الحناجر!
إذا ما التقينا علي أي أرض
فليس لنا غير صدق المشاعر
سيبقي أخي رغم هذا الصراخ
يلملم في الليل وجهي المهاجر
عدوي عدوي.. فلا تخدعوني
بوجه تخفي بمليون ساتر
فخلف الحدود عدو لئيم
إذا ما غفونا تطل الخناجر
فلا تتركوا فتنة العابثين
تشوه عمرا نقي الضمائر
ولا تغرسوا في قلوب الصغار
خرابا وخوفا لتعمي البصائر
أنا من سنين أحب الجزائر
ترابا وأرضا.. وشعبا يغامر
أحب الدماء التي حررته
أحب الشموخ.. ونبل السرائر
ومصر العريقة فوق العتاب
وأكبر من كل هذي الصغائر
أخي سوف تبقي ضميري وسيفي
فصبر جميل.. فلليل آخر
إذا كان في الكون شيء جميل
فأجمل ما فيه.. نيل.. وشاعر
علي صدر سيناء يبكي شهيد
جريدة الأهرام 20/11/2009