لغة الخطاب السياسي وفي اللقاءات المباشرة مع الناس لا يفترض أن تكون متشائمة أو يشم منها رائحة تنطوي على هذا التوجه، فأنا من دعاة التحلي بالصبر والتفاؤل، ولولا ذلك لما واصل أكثرنا مساره وعطاءه في زحمة الحياة المحمومة.
مناسبة الحديث، أنني كنت يوم الأحد الماضي في تغطية بجمعية المنبر التقدمي، وكانت الدكتورة منيرة فخرو والصحفية عصمت الموسوي المتحدثتان حول رؤية نسائية لانتخابات 2010، شممت منها رائحة غير متفائلة في نظر كلتيهما إلى مسار ومصير العملية الانتخابية المقبلة في كسر جدار حكر الرجال للعملية التشريعية بالبلاد بناء على تجربتي 2002 و.2006
قالتا: "إن الفرص المتاحة للنساء في ترشيح أنفسهن والفوز بمقاعد نيابية تبدو ضعيفة"، وأعربت عصمت الموسوي عن رأيها بأنه لطالما بقت الإجراءات والعقلية كما هي عليها من دون تغيير، فإن الأجواء حتى هذه اللحظة لا تبشر بما تنشده النساء من تغيير وخرق جدار "حكر العمل النيابي على الرجال".
وتابعت أن العملية الانتخابية المقبلة تحتاج إلى (شهادة الآيزو) تعبيرا عن جودتها (دقتها وصحتها) من ناحية، وهو في الوقت ذاته تعبير عن مدى الشك في سيرها وإجراءاتها لصالح طرف من دون آخر، وقد أعربت عنه عصمت بطريقة ذكية.
نقول: إن هذا الوضع لا يعبر عن حقيقة الوجه الديمقراطي للبلاد، والمنحى الذي اختطته الدولة مع تولي جلالة الملك مقاليد الحكم في عام 1999، بل حتى الحديث عن تمكين (امرأة أو امرأتين) بالمجلس لا يعبر عن صيغة سليمة لقيم المجتمع والموقع الذي احتلته المرأة أو ما نريده حقا للمرأة أن تتبوأه، بحسب ما هو مثبت في الدستور البحريني.
وكان التساؤل: طيب طالما وجد الجدل والخلاف ما هو العمل إذاً؟
ويأتي الجواب منسابا من الدكتورة منيرة فخرو بأن معرفة أبجديات العمل السياسي والتمعن في شئون المجتمعات يكشف بوضوح عن ضرورة التعاون والتنسيق بين الأطراف السياسية للاتفاق على رؤية موحدة (مشتركة) تكون بمثابة البوتقة الجامعة لهذه الأطياف وتحد من الخلافات وتعمل على توسيع مساحة توافقاتها.
اسمحوا لي أن أقول: صحيح أن حديث (منيرة وعصمت) يحمل نفسا من التشاؤم، وقد عاتبهما الحضور على ذلك، وأنا من ضمنهم، لكني تيقنت أن كلامهما كان واقعيا، والواقعية أساسية في الخطاب السياسي، ورغم ذلك كنت أحبذ لو كانتا قد أوصلتا فكرتيهما بصورة توحي بالتفاؤل، هنا سيكون الايقاع أفضل وأعمق.