لا شك بأن كل القضايا المتعلقة بتدمير العراق مرتبطة ببعضها البعض. حين قرأت محاضر استجواب الشهيد صدام حسين، وخاصة المحضرين المتعلقين بقضية الأهوار (17 و19)، تساءلت عن علاقة الأمريكان واهتمامهم بقضية تجفيف الأهوار. لكن الأمور اتضحت حين قرأت التقرير الذي كتبه المحامي الأستاذ علاء الأعظمي حول قضية إيما نيكلسون وعلاقتها بالأهوار وكتابتها لتقرير حول الموضوع عام 1993 والفيلم الوثائقي الذي عرض على الرئيس، اتضحت الصورة بأن هذه القضية كانت جزءا من التآمر على العراق، كما هي أسلحة الدمار الشامل، والقاعدة، والدكتاتورية، ومحاولات قتل بوش الأول و.. و.. إلخ.
حين سئل الرئيس في هذه المحاضر (ويبدو أن المحقق بيرو قد اطلع على تقارير نيكلسون ووجدها مناسبة لاتهام الرئيس بالإبادة الجماعية كما أرادت نيكلسون)، عن السبب في تجفيف الأهوار، كان جوابه بأن ذلك كان لسببين، السبب الأول هو محاولة تحسين حياة الناس هناك حيث الأمراض وخاصة البلهارسيا والأمراض المعوية تفتك بهم نتيجة تلوث المياه التي كان يشربون منها ويستحمون فيها، وتشرب منها كذلك الحيوانات. وقد عايشهم الرئيس في فترات غير قليلة حيث اطلع على المآسي التي يعانون منها. وقد ارتأت الحكومة العراقية بعد دراسة متأنية قام بها الخبراء المختصون، أن تسعى لتحسين معيشة الناس وتدخلهم في عصر المدنية. ونظرا للتكاليف الباهظة لبناء المساكن فوق الأهور، فقد ارتأت الحكومة أن تبني وحدات سكنية للمواطنين على ضفاف المياه، ومنحتهم حصصا مالية لمن شاء أن يبني. أما السبب الثاني فهو سبب استراتيجي يخص العراق. كان هناك طريق واحد يربط البصرة بالعمارة ببغداد، وحين دخل الإيرانيون العراق عام 1984، كان هدفهم قطع هذا الطريق وعزل مدينة البصرة، وبالتالي قررت الحكومة تجفيف الأهوار وبناء طريق دائري كطريق إضافي. وأضاف الرئيس بأن المخربين ابتدأوا يستخدمون الأهوار عام 1991، خاصة وأن بعض عرب الأهوار قد أفسدوا من قبل إيران في منطقة الحويزة حيث أصبحت منطقة تهريب أيام حكم الشاه. وموقف الحكومة كان كموقف أية حكومة حيال الذين يخالفون القانون، لكن لم يكن للتجفيف علاقة بالمخربين. (محاضر التحقيق بحاجة إلى دراسة دقيقة لبيان مدى الافتراء الذي تعرض له العراق وخاصة الشهيد صدام حسين).
إذا، أصبحت منطقة الأهوار الشغل الشاغل لنيكلسون التي كانت صديقة لإيران ويساعدونها على التسلل عبر إيران إلى جنوبي العراق، خاصة وأن خروج العراق منتصرا في الحرب مع إيران، فتح الأبواب على مصراعيها لكل المتآمرين من الشرق والغرب، ومنهم نيكلسون نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي وعضو مجلس النواب البريطاني التي أحضرت الشركات البريطانية للاستحواذ على نفط الجنوب. وقد عملت جاهدة على التأكيد بأن الرئيس صدام حسين قد استخدم الأسلحة الكيماوية ضد سكان الأهوار، وكان لها اتصالات عديدة بالمفتشين عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. يقول المحامي الأستاذ علاء الأعظمي : يوم السبت 8/8/2009 (انتبهوا للتوقيت رجاء) وفي ذكرى النصر العظيم الذي حققه العراق على إيران، حضرت ما تسمى بالبارونة نيكلسون إلى محكمة أقامها الاحتلال الأمريكي على العراق ضد المسؤولين العراقيين الذين وقفوا بالمرصاد لكل خطط إيران لاحتلالها العراق وخاصة جنوبه المجاهد. نيكلسون قدمت صورا وأحاديث وافتراءات لكي تجعل من عملية استصلاح الأهوار وجعلها أرض صالحة للزراعة، إبادة جماعية بغية المساهمة مع الاحتلال الأمريكي والصفوي لإصدار عقوبة الأعدام بحق المسؤولين العراقيين، وادعت نيكلسون لوكالة فرانس برس بعد إدلائها بشهادتها في المحكمة التي تجري وسط حراسة مشددة، أنها شاهدت بنفسها الدمار الذي تعرضت له المنطقة بما في ذلك عن طريق استخدام أسلحة كيمائية جرى الحديث عنها خلال 75 زيارة قامت بها إلى العراق وإيران المجاورة في التسعينات، مؤكدة أنها " ستستخدم بالتأكيد عبارة إبادة جماعية في وصف الحملة ضد عرب الأهوار"- شبكة البصرة-.
وهذا يعيدنا إلى تقرير بيرو (17) حيث يناقش الفيلم الذي عرض على الرئيس، احتمال محاكمة الرئيس على هذه الجرائم. وهكذا أصبحت نيكلسون الآن تصول وتجول في العراق المحتل بعد أن عينها رئيس حكومة الاحتلال مستشارة فخرية له في مجال الشؤون الصحية!..
أصبح من الواضح للمتبع للجرائم التي ارتكبت ضد العراق، بأن التآمر كان ممنهجا ومخططا له منذ انتصار العراق العظيم على إيران، لسرقة نفطه وحماية للصهاينة بعد تدمير العراق وإعادته إلى عصور ما قبل الصناعة كما قال جيمس بيكر.
شبكة البصرة
الاثنين 26 شعبان 1430 / 17 آب 2009