شيعت قرية بني جمره ابنها الشاب المرحـوم جعفـر محمد علي الكيـس البالغ من العمر السابعة والعشرين ربيعاً، بعد معاناة من مرض السكلر، وهو ليس بأول الضحايا وليس بآخرهم، فهذا الشاب الراحل وجميع ضحايا هذا المرض الذي عجز عن مجاراته الأطباء علاجياً يفتك بضحاياه الواحد تلو الآخر، فبين فينة وأخرى نقرأ ونسمع عن وفاة أحد شباب البحرين اليافعين نشاطاً وعلماً بل عبقريةً كما هو في فقيدنا '' الذي يتميز بعبقرية فذة في مجال علوم الحاسب الآلي ''، وهو الضحية السادسة عشرة منذُ بداية عام ,2009 وجاءت وفاته نتيجة لمضاعفات نوبة سكلر بعد إرجاعه المنزل من قبل أطباء مجمع السلمانية الذين لجأ إليهم في الساعة الثانية عشرة والنصف رغم حالته التي تستدعي مكوثه في المستشفى، وذلك بعد يوم واحد فقط من وفاة الضحية الخامسة عشرة.
ولكن هل يستفيد أطباء مركز السلمانية والمراكز الصحية من هذه الدروس المأساة للراحلين من المرضى؟ وهل يقرأون جيداً ما بين سطور الموت لهؤلاء؟ وأين هو التفاعل الحقيقي مع هذا المرض ومرضاه؟ وهل من ترجمة لما تضعه وزارة الصحة من خطط ودراسات حول هذا المرض؟ علماً بأن هذا المرض ليس بمرضٍ جديد وأنه قادر على الفتك بأشخاصه.
وقد أشارت التقارير الصحفية المنشورة في جرائدنا المحلية بأن (نسب الوفاة بهذا المرض قد ارتفعت إلى نحو ثلاث حالات شهرياً منذُ بداية عام 2009) وهو رقم يستحق الاهتمام والدراسة والعناية، كما أنه يتطلب تحركاً حقيقياً على مستوى قياداتنا الصحية والسياسية لوضع رادع حقيقي وملموس لهذا الفتك بأبناء البلاد وشبابه اليافع.
وقد اشـــتكى مؤخــــراً مجموعة من مرضى السكلر من النقص المستمر في الأدوية، ومنها دواء (الفينارجن)، والنقص الشديد في جهاز المغذي الوريدي (Infusion Set)، واستاء البعض الآخر من الدواء الذي يعطى إليهم عن طريق العضل الذي يزيد من ألمهم، واستيائهم من مكوثهم أكثر من 48 ساعة في قسم الحوادث والطوارئ وهم نائمون على أسرة صلبة يصارعون الألم بانتظار العلاج، واستيائهم من عدم الاهتمام النوعي من قبل بعض الطواقم الطبية والتمريضية، وبإعطاء المرضى أدوية أخرى غير الأدوية العلاجية لهذا المرض كحقن محلول السيلان. في الوقت الذي تؤكد فيه جمعية البحرين لمرضى السكلر إن (وزير الصحة كان من السباقين لتحسين الخدمات المقدمة بالرعاية الأولية لمرضى السكلر، وأن الوزير وعد بالكثير من التطورات في جودة الخدمة والعلاج). فإذا كان ذلك القول صحيحاً. فلماذا يتصاعد مؤشر وفيات مرضى السكلر في البحرين؟ وهل أن دور وزارة الصحة علاج هذا المرض أم إبقاء المرضى يدمنون على معاقرة الدواء والحقن والمهدئات فقط؟ وهل أي طبيب في أي مركز من المراكز الصحية في البحرين يُعالج أي مريض بمرض السكلر؟ وهل هناك رعاية خاصة للمرضى من طلاب المدارس والجامعات؟.
إن الوعود المتكررة لوزارة الصحة حول العناية بهذا المرض سيعمل على زيادة ضحايا السكلر سواء بسبب الإهمال والإغفال، أو بسبب التأخر في العلاج، أو بسبب افتقار المراكز الصحية للعلاج النوعي الرادع لهذا المرض، وما هذه التصريحات إلا من أجل إسكات غضب أهالي الضحايا، ولتجميل صورة وزارة الصحة في الإعلام، علماً بأن أبناء بعض هؤلاء المسؤولين وغيرهم لا يتعالجون في المستشفيات أو المراكز الصحية في البحرين إذا ألم بأحدهم أو بأهلهم أي مرض. فالوضع المتردي هذا يتطلب التغيير، والتغيير يتطلب الصدق في القول والفعل. خاصة وأن مرضى السكلر لا يمكن التنبؤ بوضعهم الصحي وهم معرضون للانتكاسة في أية لحظة، ويتطلبون عناية خاصة ورعاية دائمة، مما يتطلب وقفة جادة من قبل وزارة الصحة تجاه زيادة الوفيات الناجمة عن هذا المرض.
ونشارك فيما ورد في صحافتنا المحلية من حلول باقتراح بعض الحلول، ومنها :
.1 إنشاء مركز متخصص لمرض السكلر لاستقبال مرضاه على مدار الساعة، كما هو لمركز الكلي والقلب والأطفال التخصصية. والتي قيل إنه (كان من المفترض أن يبدأ العمل بها في فبراير 2009).
.2 تزويد هذا المركز بطاقم طبي وتمريضي متفرغ للمرضى، وبعدد من الأَسرة الكافية، مع سيارة إسعاف خاصة بالمركز.
.3 اعتماد ميزانية مالية كبيرة تستطيع الوفاء لمتطلبات مرضى السكلر.
.4 عدم إبقاء مرضى السكلر على أسرة الطوارئ بل نقلهم إلى المركز المتخصص بهم.
.5 اعتماد جهاز هاتف ساخن للتبليغ عن أي حالة سكلرية حادة حدثت لها مضاعفات.
.6 تزويد مرضى السكلر ببطاقة مرضية، مدعومة برقم المركز والخط الساخن، مع طريقة التصرف المؤقت في حالة تعريض المريض لمضاعفات صحية.
.7 توفير الأدوية العلاجية لهذا المرض والرادعة له، وعدم تقديم أية أدوية بديلة عن الأدوية الأساسية مهما كان ثمنها ونوعها.
.8 تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الوفيات ومساءلة المسؤولين عن ذلك.
متمنين الشفاء العاجل لمرضانا، ومن وزارة الصحة بذل الجهود الطبية والتمريضية لمعالجة وإنقاذ المرضى، ومزيداً من تحسين الخدمات الصحية في مركز السلمانية والمراكز الصحية الأخرى، حتى لا يضطر المواطن الفقير المسكين اللجوء إلى إنفاق ماله والذي يحتاج إليه في مأكله وملبسه على علاجه، وتؤكد مبادئ ميثاق العمل الوطني وبنود دستور مملكة البحرين أن الدولة هي الراعية والمسؤولة عن صحة الوطن في مملكة البحرين