أقامت جمعية الوسط العربي الاسلامي ندوة تحدث فيها كل من الدكتور جاسم المهزع الامين العام لجمعية الوسط عن ثورة 23 يوليو في مصر والتطبيع، فيما تحدث جمال السلمان عضو الأمانة العامة للتجمع القومي عن منجزات ثورة 17 تموز في العراق مساء أمس الأول وذلك بمقر الجمعية بعراد، وأدارها الكاتب حمد العثمان وحضرها عدد من المهتمين والمدعوين.
بدأ الدكتور المهزع حديثه عن ثورة 23 يوليو سنة 1952، قائلا: "إنها تمت بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر وعدد من الضباط الأحرار على أساس تحرير مصر من التبعية للمستعمر، وعلى أساس أن المقاومة هي مبدأ أساسي لتحرير الأرض العربية ونهضة الأمة الشاملة".
واضاف ان عبدالناصر لم يقر بوجود الكيان الصهيوني أو ما يسمى (الشعب الإسرائيلي) رغم الظروف الإقليمية والضغوط الدولية لكونه إسرائيل كيان غاصب للأرض الفلسطينية والحقوق العربية، ولكون هذه الدولة أسستها عصابات قتلت الفلسطينيين وشردتهم، سرقت الأرض وأحرقت الزرع، وظلت اللاءات الثلاث" لا صلح .. لا اعتراف .. لا تفاوض" علم يرفرف في العاصمة السودانية (الخرطوم) عام 1968 كمعيار لتوجهات السياسة القومية للأنظمة العربية حينها، محذرا من مغبات دعوات التطبيع مع إسرائيل.
مؤتمر باندونغ
وأشار الى مؤتمر باندونع عام 1955م حينما أعلن الرئيس جمال عبدالناصر باسمه وباسم قادة الدول العربية المشاركة انسحابه من المؤتمر إذا تمت دعوة الدول العربية الى الاعتراف بإسرائيل مما حذا بالمؤتمر سحب هذه الدعوة.
وأضاف المتحدث أن موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي عام 1967، ذكر انه كان ينتظر 3 أيام تليفونا من عبد الناصر يعلن فيه الاستسلام في معركة القش وبور فؤاد إلا ان ذلك لم يحصل"، والذي حصل بعد هزيمة 1967 أن أغرقت "المدمرة ايلات"، ودخل الجيش المصري حرب الاستنزاف، وحقق فيها تقدما هز نظرية التفوق الإسرائيلي، وقد تجلى ذلك في حرب 1973 وعبور القناة وسقوط خط بارليف وغيرها من الموانع والسواتر الدفاعية.
عدم الاستسلام
واضاف أن القيادة المصرية اختطت لنفسها خطا بعيدا عن الاستسلام بعد هزيمة 1967 حيث رفضت عرض ايجال ألون (وزير خارجية إسرائيل) للانسحاب مقابل اعتراف الدول العربية المحتلة أراضيها (مصر وسوريا والأردن)، باتفاقية للسلام تشمل عودة الأرض واللاجئين وكامل سيناء، وجاء الرفض المصري لهذه المبادرة لأن الانسحاب يجب أن يشمل باقي الأراضي العربية في سوريا والأردن والضفة والقدس وعودة اللاجئين.
وذكر الامين العام لجمعية الوسط العربي الإسلامي، وفي هذه الأجواء أكد جمال عبدالناصر على تحرير الأرض شبرا شبرا، واعتبر ناصر ان الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود، وهي معركة طويلة الامد بين الحضارة العربية مقابل التوسع الإسرائيلي،ان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة إلا أن الرئيس السادات قلب المعادلة بزيارته لإسرائيل، وبالتالي سار في خط الاستسلام، تبعها اتفاقية السلام في وادي عربة بين ملك الأردن السابق واسرائيل
تموز العراق
ومن جهة اخرى، تناول جمال السلمان الحديث عن 17 تموز عام 1968، كثورة ارتبطت بحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، وقال : "ان ثورة 23 تموز 1952، هي الثورة الأم التي كانت حافزا لثورات أخرى سواء في العراق او سوريا وغيرهما حيث كانت المطالب تتركز حول العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف الاقتصادية والقضاء على العوز والفقر، بل أن هذه الثورة أشعت على العالم كما تجلى ذلك في مؤتمر باندونغ 1955 حيث أسست حركة عدم الانحياز.
وأورد مقولة لمؤسس حزب البعث (الأستاذ ميشيل عفلق)، نصها "ان مصر تمثل عصب وثقل الامة العربية، وحينما يرتفع اسمها، فهذا معناه إعلاء لكلمة وشأن الامة العربية"، وتابع، وهكذا جاءت مقولات القادة المؤسسين للفكر القومي التي حثت على مشروع النهضة العربية، وهو مشروع الكرامة العربية في تصدي الامة للمتربصين بها، وفي خطواتها نحو التوحد والتحرر.
وقال: ان تجربة تأميم نفط العراق عام 1973 ونجاحها بإشراف أيد وطنية، بالإضافة الى توجهات العراق الى امتلاك ناصية العلم وبناء قاعدة صناعية ضخمة، وتوفير كفاءات علمية وبشرية في العراق، جعله محل أنظار العالم في كيفية الوقوف أمام هذه المشاريع العملاقة، كما شملت الخطة القضاء على الأمية في العراق وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
البرنامج النووي
وقال جمال السلمان: "ان الدكتور ضياء جعفر مسئول مراقب بالبرنامج النووي العراقي ذكر في كتابه مؤخرا، أن الحكم في العراق إبان الثمانينيات كان همه كيف يسير في عملية التصنيع من جهة، وفي الوقت ذاته كيف تكون الكوادر العلمية والبشرية بعيدة عن الاختراق من قبل الأجهزة الأجنبية، وكشف أن هذا المسئول كان في رحلة الى الولايات المتحدة ذات مرة عبر الخطوط الأردنية، وفوجئ حينما صعد الى الطائرة بأن رقم مقعده قد تغير عن الوفد العراقي، وتبين أن شخصا أمريكيا من المخابرات الأمريكية، يعرض عليه ترك العراق، والبقاء في أمريكا مقابل ان يبوح بتفاصيل البرنامج النووي العراقي"، بعدها جرى اغتيال العالم المصري (الدكتور يحيى المشد) في باريس، وزرع قنابل في غرف الوفود العراقية في باريس وجنيف وروما وميلانو، تلاه ضرب المفاعل في 1981 أثناء الحرب مع إيران، كل ذلك بهدف عدم إعطاء الفرصة للدولة العراقية بامتلاك التكنولوجيا المتقدمة.
وتابع حينما جاء الرئيس السادات وغاص في مستنقع التسوية، بدأ العراق في التصدي لهذه السياسة الاستسلامية، وقاد حركة احتجاج ومقاومة لهذا النهج، وأكد أهمية دعم حركة المقاومة الفلسطينية، وما المقاومة الوطنية البطلة في العراق اليوم الا من أجل تحرير العراق من براثن المحتل الأجنبي، وفكر المقومة مبني على نهج أسسه صدام حسين قبل سنوات من سقوط النظام، فهنيئا للمقاومة العراقية وهي تقدم الشهيد وراء الآخر، لتدخل العراق في عرس التحرير.