مر هذه الأيام الذكرى التاسعة عشر للوحدة اليمنية المباركة وسط تصاعد التهديدات الخارجية والتوترات الداخلية التي يواجهها القطر اليمني الشقيق، وهو ما يثير لدينا العديد من التساؤلات حول أسباب وتوقيت أفتعال هذه الأزمة السياسية والأمنية، خاصة في الشطر الجنوبي الذي يشهد عصيان ومواجهات دامية متزامنة مع دعوات مشبوهة للانفصال وضرب الوحدة اليمنية، هذه الوحدة التي خلصت اليمن بشطريه الجنوبي والشمالي من حقبة تاريخية سوداء ومريرة قادت البلاد إلى حرب أهلية ضروس أشعلت نيرانها تلك الزمر الفاسدة من بقايا دعاة الانفصال والتجزئة.
أن وحدة اليمن الشقيق بقدر ما هي ضرورة ومكسب هام لكل اليمنيين، فأنها في نفس الوقت تمثل مكسباً للأمة العربية وجماهيرها المتطلعة للوحدة رداً على حالة التفكك والانقسام التي تسود الوطن العربي.
كما أن صيانة الوحدة اليمنية وتعزيزها تشكل بحد ذاتها رد على المخططات التآمرية تجاه أقطارنا العربية، وتتصاعد فيها حدة الدعوات التقسيمية لضرب وحدتها الوطنية وتمزيق نسيجها الاجتماعي، تحت شعارات مثل "الفيدرالية" والحقوق المذهبية والعرقية، إضافة إلى ما تشهده المنطقة عموماً من تحركات لبعض القوى الإقليمية مثل النظام الإيراني للعبث بأمن ووحدة الأقطار العربية كما يحدث في العراق واليمن والجزر الثلاث والمغرب العربي، وذلك بهدف الوصول إلى عقد "اتفاقيات" مع القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة يتم بموجبها إعادة صياغة وترتيب أوضاع المنطقة وإخضاعها لقواعد اللعبة ولمنطق المصالح بين هذه الأطراف على حساب أمننا الوطني والقومي الذي بات مخترقاً ومهدداً.
لذلك نحن كأمة وأقطار عربية معنيون أكثر من غيرنا بوحدة اليمن واستقراره، ومطالبون بواجب دعم وحدة هذا البلد العربي وتقديم كل ما يمكنه من الصمود وإفشال كل المؤامرات والتمرد ودعوات الانفصال التي تريد ارجاع اليمن إلى عهد الانقسام وإدخاله مرة أخرى في صراعات مناطقية ومذهبية، لن تقف عواقبها وانعكاساتها المدمرة عند حدود اليمن بل ستطال حتماً كل أرجاء الوطن العربي.
وفي إطار فهمنا لأبعاد هذه الأزمة التي تواجه القطر اليمني الشقيق، وادراكنا لحجم المخاطر التي تحملها على مستقبل ومصير هذا البلد، فإننا ندين بشدة كل دعوات الانفصال الصادرة عن بعض المتآمرين والمتواطئين مع هذه الجريمة والمتوافقة مع أهداف وقوى داخلية وخارجية متضررة من وحدة اليمن.
كما ندعو النظام السياسي في اليمن، إلى ضرورة التعامل مع الأحداث التي يتعرض لها اليمن الشقيق بروح من المسئولية الوطنية والقومية، لقطع الطريق على كل أعداء اليمن، فهذا النظام مطالب باجراء إصلاحات سياسي ديمقراطية واقتصادية حقيقية تقوم على أسس وطنية وحدوية وديمقراطية، تحفظ لليمن وحدته وتصون استقراره، وتخلصه من كل ضروب وانواع الفساد السياسي والمالي التي تمثل أحد أهم مسببات الأزمات الدائمة والمستمرة التي يعيشها اليمن.
أن ذلك يمثل في تقديرنا السبل الكفيلة لمعالجة كل أزمات اليمن السياسية والاجتماعية، والقادرة في نفس الوقت على حماية وحدته والقضاء على كل دعوات الانفصال التي يراد لها أن تقود اليمن نحو الهاوية السحيقة.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.