مفهوم المواطنة الكاملة وعلاقاتها بالحريات في ضوء المواثيق الدولية
للأستاذ محمود القصاب
تنطلق هذه الورقة من رؤية تقول بأن كل القوى والتيارات السياسية المشاركة في العملية السياسية تؤمن بأن مستقبل الديمقراطية في بلدنا يتوقف بشكل أساسي على مسار التجربة التي نخوضها في الوقت الحاضر، وما يمكن أن تقودنا إليه هذه التجربة من محصلة في مجال المشاركة السياسية الفعلية وحقوق الإنسان والأمن والتنمية، كما يتوقف على طبيعة ونوعية القوى المجتمعية القائمة في كل من السلطة والمجتمع وعلاقتها الداخلية وارتباطاتها الخارجية؟؟
من هنا فأن الحديث عن مستقبل الديمقراطية والمشروع الإصلاحي في البلاد والحديث عن رؤية مستقبلية لتعزيز المساعي الديمقراطية لابد أن يتم وفق منظومة قانونية وأعراف تقليدية وظروف عامة وعلاقة الدولة بالمجتمع والتفاعل بينهما.
لذلك فإن قضية الانتقال إلى الديمقراطية وما يجب أن يليه من تحول سلمي ليست مجرد مسألة فنية أو إدارية وإنما هي قضية إرادة سياسية تؤسس على التوافق السياسي والمصالحات التاريخية بين القوى التي تنشد التغيير من ناحية وبينها وبين السلطة الحاكمة من ناحية أخرى؟؟؟
وهذا يعود إلى حقيقة كون الديمقراطية منهجاً وعملية سياسية وليست عقيدة مثل غيرها من العقائد، فالديمقراطية اليوم هي في – المقام الأول – نظام حكم ومنهج سلمي لإدارة أوجه الاختلاف في الرأي والتعارض في المصالح.
أردنا بهذه المقدمة أن نوضح أن عملية التحول الديمقراطي ووجود نظام حكم ديمقراطي يحتاج إلى مرتكزات فكرية ومقومات تنظيمية يتم بناؤها في المجتمع تدريجياً في الثقافة السياسية، ويتم تصحيح البنى المجتمعية وفقاً لها. بمعنى أن عملية التحول الديمقراطي لا يمكن أن توجد وتستمر بدون إرساء مقومات الديمقراطية والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
– اعتبار المواطنة مصدر الحقوق والواجبات.
– الإقرار بأن الشعب مصدر السلطات.
– الاحتكام إلى شرعية ودستور الديمقراطية.
– قيام مجتمع مدني ونمو رأي عام مستنير.
– تحول الديمقراطية إلى قيمة اجتماعية ومعيار أخلاقي.
وسوف نسلط الضوء هنا على العامل أو المرتكز الأول باعتباره هدف هذه الورقة.
تاريخياً مفهوم المواطنة قد تبلور نتيجة لتطور المجتمعات خاصة المجتمعات الديمقراطية، لأن المواطنة الحقيقية والفاعلة لا تكون إلا في مجتمعات ديمقراطية، لأن الأساس فيها المواطن التي يتجلى فيها بوضوح أبعاد المواطنة، إضافة إلى وجود المؤسسات والقوانين التي تعمل على تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتمارس الحقوق والواجبات والمشاركة في الشأن العام، وتكون حقوق الإنسان وحرياته الأساسية مصونة ويشعر فيها بمواطنيته. لذلك نلحظ أن كافة الدساتير والبرامج السياسية والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان تتبنى مفهوم المواطنة.
وإذا أردنا تحديد مفهوم المواطنة أو تعريفها فيمكن القول بأنها علاقة اجتماعية تقوم بين الفرد وبين الدولة في هذه العلاقة يقدم الفرد (المواطن) الولاء والانتماء ويتولى الطرف الثاني (الدولة) تقديم الحماية والأمان على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأهم ما يميز هذه العلاقة هو المساواة التامة لكل المواطنين أمام القانون.
والواقع أن مفهوم المواطنة يعتبر اليوم أحد الموضوعات الهامة والمفتوحة دائماً على الجدل والنقاش كونه يعكس في جانب منه الأزمة السياسية التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية خاصة مع تثبيت دعائم "الدولة الوطنية القطرية" ومواجهتها للعديد من المشاكل والأزمات المتمثلة في غياب مفاهيم التعددية السياسية والثقافية، والمشاركة في اتخاذ القرار وغياب الرقابة التشريعية وحق مسائلة ومراقبة السلطات الحاكمة، ناهيك عن وجود أزمة الانقسامات الطائفية والمذهبية وتعدد الولاءات القبيلة والطائفية التي تهدد الدولة وتنسف مفهوم المواطنة، لذلك اتسمت علاقة هذه "الدولة" مع المجتمع بالتوتر وعدم الاستقرار، وتجسد ذلك في تصاعد أعمال العنف السياسي المتبادل كآلية لإدارة العلاقة بين الحكام والمحكومين، أي بين الدولة والمجتمع، وقد أدى غياب الديمقراطية في هذه الدولة إلى عدم تلبية المؤسسات القائمة حاجة المشاركة، وظللت كثير من هذه "الدول القطرية" حريصة على استمرار عملية تفكيك المجتمع والحيلولة دون تبلور قواه خشية من أن يمثل تهديداً للنخب المسيطرة على جهاز الدولة أو تصبح قيوداً على سلطاتها لذلك تصاعدت ممارساتها التسلطية، الأمر الذي دفع بعض القوى الاجتماعية والسياسية إلى الانخراط في بعض أعمال العنف وتحدي سلطة الدولة والدخول معها في مواجهات مستمرة ومتصاعدة.
لذلك ينظر إلى مفهوم المواطنة باعتباره جزء هام من وجود الدولة الحديثة، دولة القانون والمؤسسات التي تأخد بالتعددية الديمقراطية وتتسم بالحضور الكامل للفرد (المواطن) في الحياة العامة والمشاركة في تكوين القرارات والتشريعات والقوانين عبر آليات ووسائل متفق عليها وترتب حقوق وواجبات متبادلة داخل إطار المواطنة بين المواطن والدولة.
فاليوم الوطن (أي وطن) هو كيان سياسي دستوري وقانوني والعلاقة بين أفراده تدور حول حقوق وواجبات المواطنة بصرف النظر عن الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس، والوطن (أي وطن) غالباً ما يتكون من تعددية عرقية أو مذهبية أو عقائدية، وما يربط هذه التعددية ويحتضنها ويساوي أفرادها ويوفر لها مجتمعة الحياة الكريمة هو رابطة المواطنة، فكل المجتمعات الحديثة تقوم اليوم على أساس مفهوم المواطنة التي توفر الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع دون أية تفرقة أو تمييز أو ظلم.
وهذا ما يجب أن نعمل على ترسيخه في دولنا ومجتمعاتنا، خاصة في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية الحساسة والصعبة التي تمر بها هذه المجتمعات، حيث تواجه الكثير من المخاطر المرتبطة بدرجة كبيرة باستقرارها ووحدتها الداخلية وتماسكها الاجتماعي.
فليس هناك استقرار سياسي وتماسك اجتماعي دون الارتكاز على مفهوم المواطنة والحرية في دولة القانون.
وتبقى قيم العدالة والمساواة والكرامة، والتي هي حقوق إنسانية أصلية – تبقي – هذه القيم هي الركائز الأساسية التي ينهض عليها مفهوم المواطنة، كما هو معروف ولا علاقة لهذا المفهوم بالانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي ولا علاقة له بمسألة الأغلبية أو الأقلية في هذا المجتمع أو ذاك – وفي غياب هذه الحقوق الأساسية فأن الحديث حول ( المواطنة) يبدو حديثاً فارغاً لا معنى له ولا قيمة ؟؟
كما أن العدالة والمساواة والكرامة ليست مجرد شعارات يجري التغني بها، بل هي حقوق أساسية وضرورة من ضرورات أي مجتمع ينشد التطور والاستقرار، ومن الأخطاء التي يمكن أن تصيب هذه القيم في مقتل هو أن يعتقد أفراد أي مجتمع (ومنها مجتمعنا البحرين) أن مفهوم المواطنة تنحصر تطبيقاته فقط في مجال الدين أو المذهب، وهو ما يعني في الواقع وجود انحراف في الوعي والفهم يقود حتماً إلى انحراف في السلوك السياسي والمطلبي عند هذه المجموعة أو تلك التي تصر على سلوك هذا الطريق وتتمسك بهذا المفهوم القاصر للمواطنة.
وإذا ما أردنا تحديد الحقوق الأساسية للمواطنة فيمكن إيجازها بما يلي:
– الحق في العدالة والمساواة والخضوع للقانون وأمام القضاء دون أي تميز أو استثناء أو خصوصية لأحد.
– الحق في الأمن السياسي الاجتماعي والنفسي.
– حق المواطن في التعليم دون أي اعتبار للمستوى الاجتماعي أو المادي وحقه في امتلاك المعرفة والحصول على المعلومات.
– الحق في الرعاية الصحية الكاملة.
– الحق في السكن اللائق وفي الحصول على دخل كافً يؤمن له حياة حرة كريمة ومستقرة.
– الحق في الاعتقاد وأداء العبادات والشعائر الدينية دون أي عدوان أو انتقاص من أية جهة، واحترام العبادات والمقدسات لكل المجموعات والتعدديات.
– الحق في المشاركة السياسية الحقيقية واختيار ممثلة من النواب في مجلس تشريعي ورقابي ذو سلطات تشريعية ورقابية حقيقية.
أن هذه الحقوق وغيرها مكتملة غير منقوصة تتحقق بها المواطنة والتي يجب أن تركز عليها كل القوى السياسية والمجتمعية، كما أن هذه الحقوق تحتاج إلى إرادة شعبية قوية تعي جيداً هذه الحقوق كما تحتاج إلى نخب سياسية وفكرية مستعدة للعمل والتضحية من أجل تأكيد وترسيخ هذه الحقوق وتحويلها إلى حق أصيل لا يمكن أن يمس تحت أي ظرف من الظروف.
هناك أيضاً مبدأ آخر هام يمثل إقراره والاعتراف به التعبير الحقيقي عن قبول مبدأ المواطنة المتساوية، وهو مبدأ الشعب مصدر السلطات، إذ بدون إقرار هذا المبدأ والعمل بموجب مقتضياته على أرض الواقع، لا يمكن لنا الحديث عن وجود نظام ديمقراطي حقيقي، لأن المنطق الديمقراطي في ذلك ينطلق من كون السلطات تتم ممارستها بإرادة بشرية مهما تم الادعاء بغير ذلك، فالحاكم والمشرع الديمقراطي يستمد شرعية ممارسته للسلطة من الشعب، فالشعب في نظام الحكم الديمقراطي هو مصدر السلطات، وهو الذي يفوض السلطتين التنفيذية والتشريعية عبر انتخابات دورية حرة ونزيهة وتحت إشراف قضائي كامل ومستقل وشفافية تحد من الفساد والإفساد والتضليل في العملية الانتخابية.
مبدأ آخر له صلة بمفهوم المواطنة هو وجود دولة باعتبارها مؤسسة تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها، فوجود الدولة كشخص اعتباري هو ينوب عن الناس ومفوض منهم من اجل تنظيم ممارستهم لحقوقهم، هذا هو أساس وجود الدولة أو السلطة وليس هناك أي مسوغ آخر لقيام الدولة التي يجب أن تعبر عن الإرادة العامة للناس.
وتقوم الدولة بهذه المهمة من خلال دستور ديمقراطي يعبر عن توافق المجتمع وبكل أطيافه السياسية والاجتماعية وأجهزة إعلامه الحرة مع السلطة، من هنا يجب احترام الدستور الديمقراطي والالتزام به من قبل الحاكم والمحكوم باعتباره عقد يفصل شخص الحاكم عن شخصية الدولة، كما يفصل المال العام والملكية العامة والنفوذ العام للدولة عن الحاكم، ويجب أن تقوم الحكومة بتوجيه وتوظيف إمكانيتها وسلطتها لما فيه الصالح العام، وكما أوضحنا قبل قليل فقد اعتبرت المواطنة في العصر الحديث بأنها مجموعة من الحقوق والواجبات التي يتمتع بها مواطنين الدولة.
ولما كانت حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق الملازمة لإنسانية وليست منه من أحد، لذلك على الدولة أن تكيف تشريعاتها وأنظمتها بما يخدم ويكرس هذه الحقوق، كما أن كافة التشريعات الدولية قد ثبتت احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. فبمقتضى ميثاق الأمم المتحدة يجب على الدولة الالتزام بتعزيز الاحترام والمراعاة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فقد نصت المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على تعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيها وبكفالة هذه الحقوق لجميع أفراد الدولة دون أي تميز بسبب العرق أو الجنس أو اللون، أو لدين أو الرأي السياسي، أو الثروة أو النسب وغير ذلك من الأسباب؟؟
وتضمن أيضاً تعهد كل دولة طرف في هذا العهد إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل أعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد ما يكون ضرورياً لهذه الأعمال من تدابير تشريعية وغير تشريعية.
وما هو جدير بالذكر هنا التأكيد على أهمية أن يكون مسعى الدولة والحكومات لتطبيق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان هو من باب الوفاء بالالتزامات الدستورية من قبل هذه الحكومات تجاه مواطنيها وليس من قبل الرضوخ للإدارة الأجنبية الدولية.
أما المبدأ الآخر الذي يمثل أحد أهم مرتكزات النظام الديمقراطي والمواطنة السليمة، هو امتلاك المواطنين أفراد وجماعات الحد الأدنى من الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والفعل السياسي، ويتم ذلك كما أوضحنا فيما تقدم من خلال تأمين حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى جانب حقوقهم القانونية وحق ممارستهم على أرض الواقع لحرية التعبير والتنظيم وهو ما يعني وجود أو بناء مجتمع مدني وتنمية رأي عام مستنير تعبيراً عن نمو القدرة على تنظيم الأفراد والجماعات لأنفسهم، إضافة إلى حق أمكانية وصولهم إلى مصادر المعلومات البديلة التي تساعدهم على المشاركة السياسية الفعالة الواعية، والقدرة على ممارسة الحقوق والواجبات التي ينص عليها الدستور الديمقراطي بعيداً عن أية محاولة للإقصاء أو الاحتواء ومن أجل أن تكون الديمقراطية قادرة على انجاز مقتضيات العدالة الاجتماعية والعدل السياسي وسيطرة أحكام القانون واستقلال القضاء، وتحقيق الاستقرار وانجاز هدف التنمية الشاملة المستدامة ذات البعد الإنساني، وهي الأهداف الوطنية الكبرى التي يتطلع إليها المواطنون عبر ممارستهم الفعالة للديمقراطية.
ولابد أن يكون حاضراً في وعينا أن هناك فرقاً شاسعاً بين مجرد الانتقال الديمقراطي وبين إرساء الممارسة الديمقراطية على الأرض كما أن هناك نضالا شاقاً وعملاً متواصلاً مطلوباً على المستوين الشعبي والرسمي ومن كل المنظمات الأهلية لتكريس الممارسة الديمقراطية في مؤسسات الدولة والمجتمع.
وعلينا أن ندرك أيضاً أن التنوع والتعدد الذي يشكل نسيج المجتمع البحريني هو مصدر قوة للبحرين المهم هو أن يبقى هذا التنوع في إطاره الايجابي من أجل أغناء وتقوية الحياة السياسية في المجتمع والدولة. وأن وجود الإجراءات الدستورية والقانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية العادلة كفيلة بتكريس الوحدة الوطنية وتعزيز عملية الاندماج الوطني على قاعدة المواطنة، وأن هذه الخيرة تتطلب وجود مجتمع مدني يرفض الطائفية والمناطقية ويرفض أن تكون العصبيات الطائفية أو القبلية وغيرها من أشكال الانتماءات التي يكتسبها المواطن بحكم الوراثة والولادة – يرفض – أن تكون هي الموجه له في تحديد اختياراته السياسية والفكرية حفاظاً على وحدتنا الوطنية، وهذا بدوره يستدعي رفض قيام أي تنظيمات على أساس ديني أو مذهبي أو عرقي، ويجب أن تكون أهداف هذه المنظمات ذات توجه وطني عام بعيدة عن أية شبهة طائفية أو مذهبية في مجال تخصيصها السياسي أو النقابي أو المهني أو الفكري أو الثقافي أو الاجتماعي، وطالما نحن أقررنا بأن "المواطنة" هي عبارة عن حقوق وواجبات فأنه من واجب القوى والمنظمات السياسية المعارضة أن تميز بصورة واضحة بين معارضتها للحكومات ولسياساتها وبين الولاء للوطن، وإن الولاء للوطن يبقى هو الأساس على الرغم من المعارضة السياسية للحكومة، لأن الاعتماد على القوى الخارجية سيكون دون شك مدخلاً للوصاية الخارجية على أوطاننا من قبل هذه القوى الخارجية، التي لا يمكن أن تهتم أو تفكر بوجود مواطنين شركاء، بل هي تبحث عن عبيد إجراء ؟؟؟
وأن المساواة السياسية والقانونية الكاملة بين كل فئات المجتمع وطوائفه هي أساس الوجود والمواطنة في المجتمع.
نقطة أخيرة جديرة بالاهتمام نختتم بها هذه الورقة، هي أن المشاكل والمخالفات المتزايدة بخصوص حقوق المواطنة ومبادئ حقوق الإنسان في دولنا ليست ناجمة عن نقص في النصوص الضرورية لممارستها وحمايتها، أو عدم وضوحها. ولكن العقبة الرئيسية أمام تحقيقها تكمن في عدم تنفيذها ومراعاتها في النشاط والسلوك اليومي في المؤسسات الحكومية وأجهزتها وعجز وسائل الإعلام عن نشر الوعي العام بمضمونها، وهو ما ينمي عن ضعف شديد في الإيمان الجماعي بها، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الإصرار والعمل من أولئك الذين ترسخ إيمانهم بالمواطنة ويرون فيها استقرار وتقدم الوطن وتحقيق كرامة وحرية ورفاهية المواطن.
إن إقرار وممارسة حقوق المواطنة تمثل الضمانة الحقيقية للخروج من الأزمة التي تعاني منها مجتمعاتنا بفضل ما تثيره من آمال التغيير والتطور وكونها تمثل رمزاً للإصلاح والتفاؤل، ومن ثم الفرصة الجديدة لحلحلة الأمور باتجاه المصالحة الوطنية وإعادة نصاب العدل والمساواة ومنح الفرص على أساس الانتماء الوطني (المواطنة) والكفاءة ومحو الحزازات السياسية والطائفية بين أبناء البلد الواحد.